*كانت النزاعات القبلية منتشرة أكثر في جنوب السودان‘ وكنا – في ذلك الوقت – نعزي ذلك لظروف التخلف وضعف الحراك السياسي والثقافي‘ لكن للأسف بدأت النزاعات القبلية تنتشر في كثير من مناطق السودان. *حتى في دارفور كانت النزاعات بين الرعاة والمزارعين‘ وكانت محدودة يتم تجاوزها عبر مجالس الصلح والأجاويد قبل أن تتفاقم وتتشعب بسبب الإستغلال السياسي وإغراءات السلطة والثروة. *منذ أن نلنا إستقلالنا ونحن نحلم بسودان حر ديمقراطي يعيش فيه كل أبنائه بسلام وتعايش‘ لكن للأسف عادت النعرات القبلية والكيانات الجهوية تتشكل من جديد في ظل غياب الحراك السياسي والثقافي الذي كان يجمع الناس على رؤى وأهداف مشتركة. *للأسف إنتقلت النزاعات القبلية إلى ولاية الخرطوم التي كانت محسوبة ضمن المناطق الحضرية التي انصهرت فيها الأجناس والقبائل وتداخلت وتزاوجت وأخذت طابع المدنية الحضرية التي إختفت فيها النعرات القبلية. *لكن للأسف ظهرت النزاعات القبلية في قلب الخرطوم وحتى داخل حزب المؤتمر الوطني الذي كان من المؤمل حسب ما بشر به قادته أن يكون تنظيماً سياسياً جامعاً‘ لكنه لم يسلم من هذا الداء اللعين. *قبل أيام فاجأتنا الأخبار المؤسفة عن نشوب نزاعات في منطقتي الريف الجنوبي بمحلية أمدرمان والريف الشمالي بمحلية كرري بين قبيلتي الهواوير والجموعية تسببت في وفاة خمسة مواطنين وجرح اخرين . *أخيراً أصدر والي ولاية الخرطوم المهدنس عبد الرحيم محمد حسين قرارت لحفظ الأمن وحقن الدماء‘ وتم تشكيل ثلاث لجان لإحتواء النزاعات من بينها لجنة المسار الأهلي برئاسة المهندس صديق الشيخ واللجنة العليا للأراضي السكنية والزراعية برئاسة محمد الشيخ مدني. *إنه لأمر مؤسف أن يتطور نزاع بين مواطنين حول الأرض إلى نزاع بين قبيلتين بدلاً من اللجوء للجهات المسؤولة‘ وهذا يلقي على هذه اللجان مسؤولية كبيرة لوضع الترتيبات والإجراءات اللازمة لحماية حقوق المواطنين وممتلكاتهم وأرواحهم. * وبعد .. ان الاوان للإعتراف بخطأ سياسة إضعاف الحراك السياسي والثقافي‘ ولابد من تعزيزة ودعمه لتقوية النسيج السوداني المجتمعي بدلاً من ترك الناس يتقوون بقبائلهم و يأخذون حقهم بأيديهم. [email protected]