إن كنا نعاني و نحن فعلاً و قطعاً نعاني ما نعاني عمق أزمة وطنية شاملة و حائطة و شائكة و متمكنة ؛ بل فإن أزمتنا جد عميقة و غائرة و متقيحة و تحتاج إلى طول نفس و شدة صبر و متسع بال و إعمال عقل و صواب رؤية و رويه !!! الأزمة العميقة المتجذرة المتوتدة مشكلة كبيرة و عصية و قد تقود إلى اليأس و الإحباط و إلى الخنوع و الإستسلام ليترنح المأزوم المتوتر عندها فيقع بجوار أزمته من فرط شدة تلك الأزمة و من ويل و جحيم و تعاسة مآسيها !!! حاول الحاكمون الحاليون أن يمكنوا و يتمكنوا و قد أفلحوا في ذلك و لكنهم قد فشلوا و أفشلوا وطنا بكامله و قطعوا أوصاله حين مكنوا لأزمة عميقة و غائرة يصعب بل يستحيل حلها و استئصالها بوجود و سيطرة و هيمنة هؤلاء المتمكنين المتسلطين المتأبطين شرا بمقدرات الوطن و مقوماته !!! التمكين الذي سعوا إليه و حققوه بإمتياز صاحبه فساد و إفساد قل إن يوجد في أي بقعة في العالم المتمدن الذي تحكمه مؤسسات قائمة و قيمة و قوانين صارمة و نافذة تتقاضي و لا تتغاضى عن مفسدة أو فاسد مهما كان موقعه و مركزه .. بل نحن أيضاً نعاني ما نعاني من أزمة عمق تفتقر إلى الإدراك و الإستيعاب و تعبر عن ضحالة فكر و سطحية فهم للأحداث الماثلة و المتغيرة و المتجددة و المتناسلة و كيفية التعامل و التعاطي معها .. أزمة العمق تتمثل في غياب الوعي الفردي و الجمعي للحاكمين المتجبرين بحجم و ضخامة الأزمة الواقعة بالبلاد و غياب الرؤية الإستراتيجية الفاحصة و الساعية إلى العلاج الناجع المبني على عناصر و مفردات الواقع المأزوم و المتأزم بدلا من زيادة أزمته بمزيد من المسكنات و المهدئات المتتابعات و المتتاليات .. لا يمكن السعي إلى حل أزمة وطن غائرة و طاحنة في شتى الصعد و المجالات السياسية و الإقتصادية و المعيشية و الإجتماعية و الأخلاقية عبر الدعاية الإعلامية الجوفاء التي تدغدغ الأحاسيس و المشاعر البائسة و اليائسة و القانطة بسيل من الأكاذيب و الخزعبلات و التمنيات المبنية على الأوهام و التوهمات و التخرصات و التقليعات .. لا يمكن ركل الفكر و العلم و الصواب في ركن قصي و تمكين ما عداها من أدوات التمكين و التمتين و الإستعلاء و الإقصاء الموصلة إلى الهلاك و التحطيم و الدمار .. بل و امتطاء الحلم الزائف و الأمل الكاذب من بعد كل ذلك عشما في الخلاص و النجاة على ظهر قارب الخيال الجامح الوثاب بلا صدق نية و بلا إخلاص و بلا يقين و بلا إيمان و بلا عدة و بلا عتاد !!! و بذلك تجتمع و تتحد و تتلاقى و تتضافر المصيبتان في آن و هما مصيبة عمق الأزمة الغائرة المتجذرة و مصيبة أزمة العمق و عدم الرقي و السمو إلى مستوى تلك الأزمة المتأصلة المستفحلة و المستعصية .. ليتنا أدركنا حجم مصيبتنا حتى و لو لم ندرك الحل و ليتنا عقدنا حتى مجرد العزم و النية بتوجيه و تصويب بوصلة الحق نحو ذلك الإدراك المفقود حتى يتسنى لنا أن نقول نحن الآن في الإتجاه الصحيح و قد نصل و لو بعد بضع عقود و غيرنا قد وصل في بضع سنين و ما ماليزيا مهاتير محمد ببعيد و لا تركيا أردوغان بغريب ؛؛ فقد أدرك هؤلاء القادة الأفذاذ معنى التضحية و الإيثار و نكران الذات فوصلوا بأممهم و شعوبهم في أقل من بضع سنين و نحن أضعنا عدد عقود و آحاد السنين و ما زلنا نرزح تحت وطاة التمكين و التمتين و الإستعلاء و الإقصاء !!! مهندس/حامد عبداللطيف عثمان [email protected]