[email protected] لتلك العبارة التي تتصدر هذا المقال كعنوان ، ذكريات جميلة ومتجددة تسكن في وجداننا تماماً ، فقد عنيت أن أستصحبها معي هنا لما تكتنزه من رؤية ثاقبة ، وأمل ظل يتجدد فينا ، حيث يتمني الخيرون من أهل السودان ان تخرج بلادنا من عنق الزجاجة الحالي والمختزن بالحروب والإحتقان لسنوات طويلة شارفت علي العقدين من الزمان إلي براحات الاستقرار والسلام والتنمية . والعبارة أعلاه هي شطر من اول بيت شعر لقصيدة وطنية قوية ومصادمة كان قد الفها الشاعر الوطني الجميل واستاذ اللغة الانجليزية الرفيع( إدريس عوض الكريم ) حين كان معلما بالثانويات وطالبا في ذات الوقت بكلية الحقوق بجامعة القاهرة فرع الخرطوم ، والذي كان رئيسا لإتحاد الطلاب بها لدورة 1970/1971م وهي ذات السنة التي ولجنا فيها كطلاب جدد بذات الجامعة ( برلومات ) . وقد كان الأستاذ إدريس حينذاك في السنة النهائية بالجامعة ، حيث إشتدت في ذلك الزمان وطأة النظام المايوي علي الحركة الطلابية المعارضة وعلي الاستاذ إدريس كقائد طلابي ناشط وقتذاك ، فكتب تلك القصيدة التي تلاها في حفل إستقبالنا كطلاب جدد بالجامعة وقد تغني الموسيقار الراحل الاستاذ محمد وردي في ذلك الإحتفال في اكتوبر 1970م . ويقيني الراسخ جداً أن اهل السودان ورموزه السياسية والإجتماعية الفاعلة لن يصيبهم الإحباط في يوم من الأيام لإيجاد الحلول القوية والدائمة التي تخرج بلادنا من هذه الازمات والحروب الأهلية ، بل والقبلية حتي داخل المناطق الآمنة ، خاصة في إقليمي دارفور وجنوب كردفان . ولكل ذلك فإنني اعيد التمسك بقصيدة الأستاذ إدريس عوض الكريم ( في بلادي لن تقبر إختلاجات الأمل ) . ذلك الأمل في معناه الدقيق هو التفاؤل الذي ورد في الحديث الشريف ( تفاءل بالخير تنله ) . وصحيح جداً أن إجتهادات العديدين من اصحاب القلم الذين ما إنفكوا يكتبون ويحللون في الشأن السياسي وبمسؤولية عالية وحب قوي للوطن ، لم يخرجوا في مجملهم عن ضرورة إسقاط هذا النظام الذي يحكم البلاد من 30/6/1989م .. غير أنني قد إختلف مع بعضهم في أن النظام الحاكم قد سقط عدة مرات خلال سنواته الطويلة الماضية من ناحية المكونات الداخلية له ، فقد ضربت الإختلافات في وجهات النظر بين أهل الإنقاذ في كيفية حكمهم للبلاد ، فبعضهم قد غادر ، والبعض الاخر قد تم إبعاده ، ومنهم من قاموا بتكوين أجسام سياسية جديدة كالمؤتمر الشعبي وحركة الإصلاح الآن ومجموعة السائحون ، بل أن منهم من حمل علي دولته السلاح كالحركات التي تكونت نتيجة للمفاصلة المعروفة وكرد فعل قوي وواضح الملامح لها ، ولم تتكون مع بداية عهد الانقاذ كالتجمع الوطني مثلا .. وكل تلك المتغيرات الداخلية في نظام الحكم تعتبر إسقاطاً لنظام الإنقاذ من حيث القيمة الفلسفية للحكم ، وقد نلاحظ أن بعض المفكرين أو من يحسبونهم مفكرين إسلاميين، ظلت كتاباتهم الصحفية تكيل السباب علي تجربة الإسلام السياسي في الحكم وقد كانوا من حداتها ، دعك عن الذين حملوا السلاح أو قاموا بتهريب السلاح لجماعاتهم المقاتلة بالداخل كما نلاحظ أيضا أن الإنقاذ والتي تحولت إلي حزب سياسي يسمي بالمؤتمر الوطني قد إجتهد جدا في التقرب وفتح الباب واسعا إلي الاحزاب السياسية الكبيرة ، بعد أن كانت مبعدة ومطاردة في أزمنة سنوات الإنقاذ الاولي حين كانت قبضة الجبهة الإسلامية القديمة لا تعرف غير ثقافة الضغط والكبت والضرب والمصادرة والإبعاد من الخدمة المدنية والعسكرية لكل من هو لا ينتمي لها حتي ولو كان مستقلاً ، فيجب عليه ان يغادر مقعده لتتمكن كوادر الجبهة من القفز فوق تلك المقاعد ، وقد تسبب ذلك في فقدان خاصية توارث الخبرات في كافة مرافق الدولة ودواوينها بين الاجيال مثلما كان يحدث عادة في جميع الدول ومن ضمنها السودان .. ثم لم تمض سنوات معدودة إلا وينهار ذات المعبد علي عناصر الجبهة الإسلامية التي تفرقت ايدي سبأ بين وطني وشعبي وإصلاحي وبين بين . إذن .. وحتي لا يصبح السودان في مفترق الطرق ، وهو دولة لها من المكونات والموارد الضخمة ما يؤهلها الي لعب دور إقتصادي وإستراتيجي كبير في رفد كل العالم بالغذاء والمعادن ، فإن الأمر يتطلب تقارباً اكثر بين اهل السودان لتحقيق المستحيل حتي ينجح التوافق الوطني أو الحوار الوطني ، او سمه ماشئت ، وصولا إلي مبدأ الحقيقة والمصالحة وبصناعة سودانية خالصة ومبدعة تحفظ بلادنا من المآلات المجهولة ، وتعيد البسمة لأهله عموما وللنازحين المتضررين منهم علي وجه الخصوص ، بغض النظر عن من سيحكم أو يستمر في الحكم .. ذلك ان الوصول إلي توافق قوي وبقناعات كاملة وبحسن نوايا اكبر ، سيقود البلاد الي بر الامان وتنتفي حالة الشد والضغط ، وتأتي الحريات بانسيابية مكتملة الأركان وبكامل القناعات وبلا إضطرابات أو تظاهرات . وعندها … ستتفتح ملايين الزهور في بلادي ،،،،،