تغطية الإنتخابات المصرية عملية شاقة جدا خاصة في ظل التوترات الحالية في العلاقات السودانية المصرية ، فقد تداخلت عناصر كثيرة بعضها سلبي والبعض الآخر إيجابي ، ومن السهولة بمكان ملاحظة تجييرها وفق المصالح السياسية ، فالجميع دخل اللعبة ، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين وما بينهما ، وأصبح من الصعوبة التغطية الصحفية الأمينة المحايدة ، هذا التقرير كلفني الكثير ، يكفي أنه كلفني متابعة آراء كل الجهات أو معظمها المعنية بالإنتخابات ، تابعت ما تقوله الصحافة المصرية المستقلة والحزبية ، تابعت وكالات الأنباء العالمية والتقارير الكثيرة جدا لوكالات مثل رويتر والبي بي سي وروسيا اليوم وغيرها من الوكالات ومصادر الأخبار والتحليلات السياسية وغيرها . مصر اليوم على سطح صفيح ساخن ، الأيام لا تحتلف عن أيام ثورة يناير وما بعدها ، حتى المواطن المصري بالكاد يفهم شيئا ، والشارع في حالة إنقسام حادة ، والأحداث تمور وتمور وبعض ما كان في خانة المسكوت عنه بدأ في الخروج إلى السطح من جهتها أعلنت اللجنة العليا للانتخابات المصرية النتائج الرسمية للجولة الأولى من المرحلة الثانية ، وفوز قائمة "في حب مصر" بقائمتي القاهرة وشرق الدلتا ، ونجاح 9 مرشحين على المقاعد الفردية. فيما ستجري انتخابات جولة الإعادة ل99 دائرة انتخابية تبقت مطلع الاسبوع المقبل . اللجنة العليا للانتخابات أعلنت رسميا في مؤتمر صحفي ، ، أن نسبة المشاركة في هذه الجولة بلغت 29.83%، وبلغ عدد المشاركين*بالتصويت في المرحلة الثانية 8.412 مليون ناخب ، وأن محافظة جنوبسيناء هي الاعلى مشاركة ، تلتها الدقهلية ، بينما السويسوالقاهرة وبورسعيد الأقل مشاركة ، وأن 37.141 ألف ناخب شاركوا في الانتخابات من المصريين بالخارج ، وأن هناك 5 دول لم يصوت فيها أحد من المصرين . * الانتخابات المصرية في جولتها الأخيرة تبدو أكثر سخونة من الجولات الثلاث التي سبقتها كما تقول بعض التقارير ، لكونها الفرصة الأخيرة للدولة والناخبين والمرشحين والأحزاب والكتل السياسية المختلفة للحاق بقطار مجلس النواب المرتبك حتى اللحظة ، والذى بدأت صراعاته مبكرا بين الأحزاب والكتل السياسية ، قال أحد التقارير " إن الإنتخابات كتبت شهادة وفاة التيار الإسلامي ربما لعقود قادمة " . ومضى التقرير يقول " يبدو واضحا أن *الانتخابات البرلمانية بنتائج مرحلتها الثانية في جولتها الأولى مثلت "صفعة" حقيقية للتيار الاسلامي ، حيث خسر حزب النور، الممثل الوحيد للتيار الاسلامي، في هذه الانتخابات وهزم هزيمة ساحقة بعدما اشتدت مواجهة التيارات المدنية له ، وكثرت الدعايات المحرضة ضده بكونه امتدادا للتيار الاسلامي ولجماعة الاخوان ، وأنه يستخدم "التقية" للاستمرار في المشهد السياسي، حيث خسر قائمتيه اللتين خاض بهما المنافسة على مقاعد القوائم في معاقله بالقاهرة والدلتا والاسكندرية ، كما يخوض له ثمانية مرشحين فقط جولة الإعادة في الجولة الأخيرة ، إلى جانب استحواذه على 8 مقاعد في المرحلة الأولى ، وهو الأمر الذي أفسح المجال لشماتة إخوانية ولمحاولات لدق "أسافين" للوقيعة بين قيادات الدعوة السلفية ، ومحاولات لدفع الرئيس السابق للدعوة السلفية اسماعيل المقدم للانشقاق عنهم على غير ذلك من المشاحنات ". * الأحزاب التي لم تحقق مكاسب كبيرة في الانتخابات تبقى ممثلة للكتلة الحرجة والمتحركة داخل البرلمان، ولكل منها توجهه، فبعض الأحزاب ومنها حزب المؤتمر يميل الى التحالف مع قائمة "في حب مصر"، بينما أحزاب تعتبر فلسفتها قائمة على أساس ثورتي يناير ويونيو معا لا تتحالف الا مع من يعتبر يناير ثورة وليست مؤامرة ، وهو بذلك يقصد "فلول نظام مبارك " أما حزب الحركة الوطنية فلا يزال في حيرة من أمره وان كان من الوارد وبقوة ان يميل لقائمة "في حب مصر" رغم كونه خرج منها وتسببت له القائمة في انتكاسة كبيرة . قال لي صديق وهو يحب مصر حبا خرافيا كعادة المصريين " حاولنا التعرف على المرشحين لإختيار الأفضل لكن الأمر لم يكن سهلا ، لبن العصفور أسهل منالا " تذكرت أستاذي الراحل المقيم حسن الطاهر زروق وكان عضو اول برلمان سوداني ، وكان يستخدم عبارة " لبن الطير كثيرا " عندما قال لعضو برلماني أحرز آلاف الأصوات بينما هو أحرز مئات الأصوات ، وكان العضو البرلماني يبحث عن مقعد ليجلس عليه فقال له زروق " ياخي إنت تستاهل كنبة مش كرسي !!!" صديق آحر ساخر جدا قال لي : كل ما أخشاه أن تفرز الإنتخابات الحالية برلمانا مستأنسا أو برلمانا أعضاؤه إما موافقون موافقون على طول الخط ، وإما نائمون تحت القبة يبحث كل منهم عن مصالحه ، فإذا حضروا فهم دائما مصفقون " ، فتذكرت البرلماني السوداني الذي افتى بأن الشيخ حسن الترابي نبي من أنبياء الله !!1 المشهد في الإنتخابات المصرية و باختصار شديد بالغ الدقة ومعقد جدا ،ويحتاج إإلى الكثير من الوعي والإدراك والإحاطة بكل أنواع الصراع ، وتقرير واحد لا يكفي ، لا بد من إطلالة واسعة جدا على جميع جوانب الصراع .