* على خلفية مقالى عن ضرورة الاهتمام باطلاق قناة تلفزيونية او (اذاعية) تتصدى بمسؤولية ومهنية لهموم وقضايا السودان الحقيقية، لفت احد الزملاء نظرى الى وجود عدد من محطات ال(اف أم) السودانية التى تتناول بطريقة ذكية قضايا المواطنين وتتلقى شكاويهم وتتفاعل معهم (وتنفّس عنهم) فى كثير من الاحيان، وهى مهمة مطلوبة أيضا لمثل هذه المحطات التى يسهل الاستماع اليها والتفاعل معها، وإلا لطار صواب الناس !! * وفى حقيقة الامر، فان موجة (الاف ام) ومنذ اول ظهورها فى امريكا حوالى عام 1930 على يدى المخترع والمهندس (إدوين هاوارد آرمسترونغ)، بدأت كموجة خفيفة وجذابة اهتمت برغبات وحاجات الناس العاديين خاصة فى مجال الموسيقى والغناء ونجحت فى استقطاب عدد كبير من المستمعين، اكثر مما استقطبته الموجات القصيرة والطويلة التى انصب جل اهتمامها على اخبار السياسة والمال والاضرابات ..إلخ، وبسبب انتشارها ونجاحها وسهولة امتلاكها وتشغيلها بواسطة أفراد عاديين، أخذت تلج مجالات أخرى مثل مكافحة الجريمة والقبض على المطلوبين للعدالة، والدفاع عن حقوق الاقليات والنساء ..إلخ ونجحت فى ذلك، بالاضافة الى احتفاظها بتخصصها الرئيسى (كاذاعة منوعات) واسهمامها الكبير فى ظهور انماط جديدة من الموسيقى والغناء واشهار العديد من الهواة لتميزها بجودة الصوت وانتشارها الواسع بين الجماهير، وهى لا تزال تلعب هذا الدور حتى الآن رغم انتشار الوسائل التكنولوجية الحديثة!! * تابعت فى الايام الماضية معظم محطات (الاف ام) السودانية وفوجئت بالمستوى المتقدم لكثير منها فى فنون العمل الاذاعى من اعداد وتقديم واخراج .. إلخ وإن كان الاعداد متأخرا بعض الشئ، وهو داء قديم نعانى منه كسودانيين فى كل المجالات، بسبب الاستسهال والاستعجال فى تقديم المادة قبل ان تنضج، وضعف الامكانيات (كالعادة)، وعدم وجود الباحثين المتمكنين الصبورين، أو لكى أكون منصفا: عدم حرص اصحاب المحطات على توظيف باحثين بمقدرات نوعية عالية خشية الانفاق. رغم ذلك شعرت ان معظم البرامج التى تقدمها هذه المحطات قريبة من قلب المواطن السودانى، كما انها تتميز بالجاذبية والتفاعل العالى من مختلف قطاعات المستمعين الامر الذى يجعلها مؤهلة، مع قليل من التركيز، لاحداث ثورة فى المفاهيم ورفع مستوى الوعى العام، وهو العامل الأكثر أهمية فى احداث أى تغيير الى الأفضل. * هنالك الكثير من المحطات والبرامج الجيدة لا يتسع المجال لذكرها هنا، ولكننى لا أستطيع أن أتجاوز برنامج (صحوة جروف النيل) فى محطة (حواس اف ام 92.3) الذى تناول صبيحة يوم السبت الماضى بطريقة بسيطة وعميقة وجذابة، بعض انماط السلوك السلبية للسودانيين فى فصل الشتاء ولقد تفاعل معه الجمهور بشكل كبير، وهو من اعداد رمّاح عثمان المقدم واخراج محمد كمال نور الله وتقديم سلمى ابو جديرى التى تتميز بصوت جميل ولغة صحيحة وحضور قوى، ومع قليل من الاهتمام والانفاق والاعداد الجيد يمكن ان يصبح لمثل هذه البرامج، ولموجة ال(إف ام) ذات الشعبية الكبيرة، دور كبير فى تشكيل الوجدان المطلوب لاحداث التغيير!! [email protected]