بيان بشأن مجازر مدينة الجنينة جنينةُ العز والكبرياء والشموخ، مَنْبَتُ الحضاراتِ ومَهْبَطُ الفرسان الشجعان.. جنينةُ السلطان التى قَدَّمت للسودان نُخبة من الأفذاذ في شتَّى المجالات، وهي ذات الجنينة التي أنجبت وأهدت أفريقيا والبشرية من أروع أبناءها الشاعر الكبير المُناضل محمد مفتاح الفيتوري رحمه الله، وما تزال وستظل رحمها ولوداً رغم جرائم المُتأسلمين الذين اختاروها هذه المرة ليُواصلوا إجرامهم الذى أشاعوه في كل ربوع السودان، وكان لدارفور نصيباً وافراً من ذلك الإجرام لأكثر من عقدٍ من الزمان، شَكّلَت مُعاناة ومآسي تفوق كثير من أساطير التاريخ الإنساني. بدأت القصة بقيام مليشيات العصابة الإسلاموية المسلَّحة بتطويق ومُحاصرة عدد من قرى الجنينة والاعتداء على مُواطنيها، فزحفوا نحو مدينة الجنينة بحثاً عن الأمن والأمان، واعتصموا أمام مقر حكومة الولاية اعتقاداً منهم بأنَّهم في مَأمَنٍ وسلام، وهي أبسط الواجبات المنوطة بالراعي، وكَفَلَتْها للرعية جميع الشرائع السماوية والقوانين والتشريعات الوضعية، ولكنَّ الراعي أبى إلا إطلاق ذئابه لتغتال المُواطنين فانهالت نيران وطلقات الشرطة والأجهزة الأمنية بكثافة على المُواطنين الباحثين عن الأمان المفقود، مما أسفر عن مقتل بعضهم وجُرْح العشرات منهم! وكعادتهم يقتلون القتيل ويسيرون في نعشه، خرج الناطق باسم عصابة الولاية مُعلناً هدوء الأحوال الأمنية بالمدينة وعودة الأوضاع لطبيعتها، نافياً علمه بوقوع قتلي ومُؤكداً عدم لجوئهم للعنف، مُتَّهماً جهات (مجهولة كالعادة) بتأجيج الصراع وإثارة الفتنة! لقد كَشَفَت أحداثُ الجنينة المزيد من عورات نظام الإبادة الجماعية وأعوانه المكشوفة والمفضوحة أصلاً، فهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة طالما بقت هذه العصابة الإسلاموية مُسيطرة على البلاد والعباد، وقد فعلوها كثيراً سواء بدارفور أو غيرها من مُدُن ومناطق السودان، ودونكم ما جرى في كجبار وأمري وأرض المناصير ومدني والقضارف وكوستي والدويم وبورتسودان بل وفي الخرطوم في سبتمبر 2013، حيث قتلوا المُتظاهرين واعتقلوا الطلاب والناشطين، وكَمَّموا أفواه الصحفيين والحقوقين وصادروا الحريات الخاصة والعامة، وحرموا المُواطن من أبسط حقوقه الأساسية فى حرية الرأي والتعبير، بخلاف نشر الفساد وسلب وإهدار المال العام ونهب ثروات البلاد ومُمتلكات وأراضي المُواطنين فى كل مكان، وإشعال الفتن والتفنُّن فى التعذيب والقتل والأمثلة كثيرة للأسف لا تُحصى ولا تُعد. وأحداثُ الجنينة أكَّدَت ضعف ووهن النظام، واثبتت للأُمَّة السودانية مكر وخباثة العصابة الإسلاموية وأجهزتها المُختلفة، واكذوبة تمثليتهم المُسمَّاة مُصالحة أو حوار.. فالجنينة أعلنتها وأطقلت صرخة مُدوية بأنَّ هذه العصابة لا يهُمَّها سوى مصالحها الشخصية الضيقة مُمَثَّلَة في سُلطة وثروة الشعب السوداني دون نظر لما يترتَّب على ذلك، حتَّى ولو كان الثمن تقسيم واحتلال وبيع البلاد، وقتل وإبادة وإهانة وتشريد وتجويع وترويع العباد، ودارفور والمنطقتين والشرق خير شاهد وواقعها المأساوي يشهد ولا يحتاج لاستدلال. وهي جميعاً مُعطيات ومُمارسات لا تصدر إلا من الجُبناء والطفيليين والمُتطفلين والمُنتفعين والمُطبلين والمُرجفين، وهي سمات وصفات المُنتسبين لعصابة المُتأسلمين الذين لا يحتوون إلا المُختلين أخلاقياً وسلوكياً. وإذ نَتَرحَّم في رابطة دارفور بالسويد على ضحايانا الأبرياء الذين أُزهِقَت أرواحُهُم بنيران الغدر، نُعلِن تضامُننا الكامل مع أُسرهم ومع الجَرحَى والمُصابين، ونُدينُ بأشدَّ وأقصي العبارات مجازر الجنينة التي ارتكبتها المليشيات الإسلاموية، ونُحمِّل الحكومة السودانية وأجهزتها الأمنية المُختلفة وسلطة ولاية غرب دارفور المسؤولية الكاملة والمُباشرة عن هذه المجازر والانتهاكات غير الإنسانية والأخلاقية فى السودان ودارفور عموماً، وفي الجنينة خصوصاً، ونُدرك تماماً أنَّها فتن مُصطنعة للنيل من المُواطنين الأبرياء دون اعتبارٍ للقوانين والتشريعات الوضعية (المحلية والإقليمية والدولية) أو الشرائع والأديان السماوية. وبالتوازي مع ما ورد أعلاه فإنَّنا نُصر ونُطالب بالآتي: وفي ذات السياق، ندعوا الأمَّة السودانية عموماً وشعب دارفور خصوصاً – أفراداً وجماعات وروابط طلابية، ومُنظَّمات مُجتمع مدني وهيئات ومُؤسَّسات مُستقلَّة وأحزاب سياسية وحركات مُسلَّحة – للاتحاد ونبذ الفُرقة والتشتُّت لمُواجهة العصابة الإسلاموية الحاكمة، باعتبارها عدونا الأوحد واقتلاعهم وإزالتهم ومُساءلتهم ومُحاسبتهم ومُعاقبتهم على ما اقترفوه بحق البلد، بدءاً بإشعال الحروب فى كل مناطق الهامش وانتهاءاً بالفشل فى إدارة الدولة والتسبُّب فى العديد من الكوارث وإدخالها فى نفقٍ مُظلم. ولقد جَرَّبنا الصمت ولم يُجدِ في إيقاف القتل والتدمير في النيل الأزرق وجبال النوبة ودارفور، وسيأتي الدور على حلفا وكسلا ومدنى والخرطوم ولن يسلم شبر من أرض الوطن الحبيب، وآن أوان الخروج والتحرُّك لاقتلاع هؤلاء المأفونين، وأقوى سلاح يُمكننا مُواجهتهم به هو الاتحاد والوقوف صفاً واحداً مع الحيطة والحذر من ممارسات العصابة الحاكمة، وعدم الانشغال بالفتن التي صنعوها وزرعوها بين أبناء الوطن الواحد. كما نناشد كل أحرار العالم ومُنظَّمات المُجتمع المدنى وحقوق الإنسان والناشطين، لدعم ومُؤازرة الشعب السوداني بصفةٍ عامَّة وإنسان دارفور بنحوٍ خاص والالتفات للانتهاكات المُرتكبة بحقه ودعمه في نيل حقوقه وأبسطها العيش بكرامة وسلامٍ وأمان. وندعوا المُجتمع الدولي للالتزام بمسؤولياته الأخلاقية والإنسانية وإدانة مُمارسات العصابة الإسلاموية الحاكمة في السودان، والتوقف عن دعمها ومُساعدتها وقطع كل سُبُل التعاوُن والتعامُل معها بعدما ثبتت جرائمها البشعة في حق الشعب السوداني، وممارسة الضغوط القانونية والديبلوماسية عليها حتى السقوط وتقديمهم لمحاكماتٍ دولية عادلة. ونقول لأهلنا الأعزاء فى دارفور خاصة ولجميع مكونات الشعب السودانى عامة: أنكم احياء باقون مهما أحاطَ الموتُ بكم، وأنكم احرٌّار مهما حاولَت العصبة المتأسلمة الحاكمة تقييدكم بمصائبها وفتنها وكوارثها. ومهما كَثُرَتْ الهموم والأحزان، سنصنع من الألم أمل، ونصنعُ من الظلام نور، ومن الظلم عدل. ومهما طال ليل الظلم وباطله، لابد من أن يأتي فجر الحق، ليُذيب الدُجَى.. ويأتي صباح النصر والحرية، فلا السجن ولا السَجَّان باقٍ.. عاش كفاح ونضال وتضحية الشعب السوداني.. أعلام الرابطة