من المفترض أن نطلق على هذه الحقبة فترة الموساد ، في اقلً من عامين نجحت إسرائيل في ضرب السودان أكثر من ثلاثة مرات ، أغتالت الفلسطيني النشط في حماس محمد المبحوح في الإمارات ، ثم قامت بخطف مهندس فلسطيني كان يتواجدة في أوكرانيا ثم هربته لأراضيها تحت حجة أن الرجل كان يبحث مع الأوكرانيين تطوير الصواريخ الحمساوية حتى تصل للعمق الإسرائيلي . هذا النجاح لجهاز الموساد الإسرائيلي صاحبه تراجع للقضية الفلسطينية أمام المحافل الدولية ، لم تعد هذه القضية مصدر إجماع لكل الفلسطينيين- أو حتى العرب – بعد أن تم حصرها في قضية معبر رفح الحدودي ، فالقضية الآن ليست هي المطالبة بالقدس وتحرير المسجد الأقصى ، بل هي كيف يُمكن إدخال الدقيق والكسرات والسجائر والتبغ لقطاع غزة من فوق الأرض أو من تحتها ، وقد أنقسم العرب بين محور حماس ودمشق ومحور عباس ورام الله ، والناس الآن مشغولة بالحرب الليبية المشتعلة داخل التراب الليبي وسط هتاف أجهزة الإعلام العربية بضرورة أن ينصر الله الناتو في كل ضربة يسددها للجيش الليبي ، وفي نفس هذا التوقيت تواصل إسرائيل حربها على غزة وتصطاد النشطاء الفلسطينيين بكل سهولة ويسر وتتوسع في بناء المستوطنات ، وهذا لا يمنع غولدستون من التراجع عن التقرير الذي أعده عن حرب غزة ، فهو يزعم أن التقرير كُتب بضغط من ليبيا العضو العربي الوحيد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، إذاً ما بُنى على الباطل فهو باطل طالما اقر العرب أن النظام الليبي نظام جائر يقتل شعبه ، لذلك لم تعد شهادة النظام موثوق بها وليذهب تقرير غولدستون مع القذافي ، ولكن المحزن في الأمر أن حركة حماس التي تحكم غزة اصبحت جزءاً من النظام العربي ، فهي مع هذا أو ضد ذاك ، ووفقاً لبياناتها فهي مع الثوار في ليبيا مما يعني أنها مع الناتو ومع ضرباته الجوية ، هذه الضربات لا تختلف عن ما تفعله إسرائيل داخل التراب الفلسطيني ، لكن على حماس أن تؤيدها بحكم أن دولة قطر تشارك في هذا الهجوم وتدعمه . ومن الملاحظ أن حركة حماس لا تمارس حربها من داخل الأراضي السورية ، صحيح أنها تجد الدعم الإعلامي في هذا البلد ولكن السياسة السورية تضع محاذير على النشاط العسكري الموجه ضد إسرائيل ،و الثورة الشعبية المُحتمل حدوثها في سوريا ربما تضر بوجود حركة حماس وحزب الله ، فهناك تقارير نشرتها مجموعات معارضة سورية أكدت مشاركة هذين الفصيلين في قمع الإحتجاجات ، فربما تكون هذه التقارير مغلوطة ووراءها القصد الخبيث ، تماماً كما فعلت الخارجية السودانية عندما أكدت أن ابناء دارفور يحاربون مع القذافي ، لكن مهما كان الوضع فإن نشر هذه التقارير تضع وجود هذين الفصيلين في سوريا في خانة الخطر ، لذلك كان لا بد من البحث عن بديل جديد أو أرض للمقاومة كما يسمونها ، ليست كل الدول العربية بما فيها مصر مستعدة لقبول هذه المخاطرة لأنها تضر بمكانتها في المجتمع الدولي ، ولكن نظام الخرطوم فعل ذلك ، وقد فتح الباب عريضاً لكل من حركتي حماس وحزب الله ، وقد اصبح السيد/خالد مشعل هو إبن الإنقاذ المدلل ، فهذا الرجل يُعامل في السودان كأنه فاتح ويخرج من بلادنا ومفاتيح خزائنه تنوء بحملها العصبة أولى القوة والعزم . لكن أخطر ما قام به خالد مشعل هو نقل الحرب الإسرائيلة إلى داخل التراب السوداني ، فالسودان ليس من دول المواجهة ، وموقف عروبته في محل الجدل والتشكيك، والفلسطيني في الخليج – بسبب العنصرية – يكره العنصر السوداني أكثر من إسرائيل نفسها ، والسودان هو دولة منهارة وأراضيه لا تحتمل المزيد من اللاعبين ، فبسبب الطائفية والعرقية فقد جنوبه وربما يفقد غربه إذا أنتهت الحرب الليبية ، الرئيس السوداني والذي تعتبره حركة حماس بأنه قائد المقاومة هو رجل مطلوب من قبل القانون الدولي مثله ومثل الجنرال إشكنازي وايهود باراك ، فهو يتعامل مع ابناء شعبه مثلما تتعامل إسرائيل مع الشعب الفلسطيني . وعلينا أن نتذكر أن المجتمع الدولي – إذا صحت التسمية – يُمكن أن ينقلب على السودان كما فعل مع ليبيا بحجة أن السودان يصدر العنف والإرهاب للخارج ، وتجربتنا مع ليبيا اثبتت أن العرب يُمكن أن يتعاونوا في تشريع ضرب السودان أو حتى إحتلال موانئه في الشرق . سارة عيسي [email protected]