محمود دفع الله الشيخ / المحامى من لطف الله علينا أن الإنسان كائن متغير، فنشأته ومسيرته تتغير بدنا وعقلا بمرور الأزمنة، ويتغير بالضرورة فكره وتفكيره ،وتتجه مشاعره من اليمين إلى اليسار وبالعكس، مروراً بمنطقة الحياد . عندها تتبدل نظرته للحياة ورؤيته لمن يتعايشون معه فيها ، فيحول اتجاهه دون أن (يرمى إشارة )،و دون حوجة لتغيير ناقل الحركة (الجيربوكس). . مع تقدم العمر يشمل التغيير طرائق الإنسان فى تعاطى الحياة ! نعم، فالحياة يتم تعاطيها ، تماماً كالماء القراح ، وبقية المشروبات والطعام. بعض الناس يكثر من تعاطى الفرح والابتهاج فوق حد المعقول، وبعضهم يقلل منه حد الكفاف، ظناً أن السرور والثغر الباسم يتناقض مع المشيب الذى لاتسايره إلا الرصانة ، والرصانة عندهم تعنى وجوها مسطحة ، لا فرح يكسوها ،ولا وميض بسمة يشق طريقه نحو الشفاه ! ذلك بلا ريب شطط ! وهنالك من يتجنب مواطن الأحزان ويكتفى بما يبعث فى البال راحة ، دون إظهار للسرور، ومنهم من يعاقر الحزن صبحا ومساء ، ومنهم من يوازن ويقتصد. إنها لمدارس مختلفة مشاربها، ومختلف طلابها . لولا النسيان وتغير المواقف لوقفنا محلك سر، فالجمود والثبات ليسا بصفات طبيعية لكل ما هو حى من الكائنات . المبدئية لا تكون إلا للأخلاق، وما عداها يخضع لقانون التغير. حتى الديانات والإنتماء إليها يشملها قانون التغير. أتعجب من الذين يقولون أنهم لم يندموا يوماً من تصرف ما اقترفوه، أو من رأي ذات يوم نشروه، أو من فكر معين تبنوه، ثم انقلبوا ذات ليلة على ذاك التصرف أو الرأى أو الفكر! إنهم يمارسون قانون التغير فى التصرفات والآراء والأفكار، ويحجبون نفس القانون عن ألسنتهم وضمائرهم وقلوبهم ! بئسها من ألسنة صدئة، وقلوب غطها الغلف، وضمائر أبلاها النفاق! قانون التغير هو القانون الوحيد الذى اتفقت عليه الكائنات الحية والبشر (بالإجماع السكوتى) ! محمود ،،،