* كل الخوف أن تكون المحصلة النهائية للحوار مسيرات ومواكب كالتى عطلت مصالح العباد وسجنت الناس فى شوارع الخرطوم اول أمس لمدة خمس ساعات كاملة لتسليم (مُخرجَات) الحوار المجتمعى لولاية الخرطوم للسيد الرئيس .. فالناظر للحشد والاحتفاء الكبير والكلمات التى قيلت يعتقد ان هذه (المخرجات) هى الغاية أو النهاية السعيدة فى حد ذاتها، وليس تطبيقها ووضعها موضع التنفيذ !! * ذكرنى هذا الاحتفاء الكبير بالاحتفالات الضخمة التى تقيمها اندية وجماهير كرة القدم فى بلادنا عندما يتأهل فريقا (الهلال والمريخ) لدور ال (16 ) أو ال (8 ) فى مسابقة الاندية الافريقية لكرة القدم، وكأن المسابقة انتهت وحصل الفريقان على درع البطولة، بينما هى لا تزال فى الأطوار الأولى، وعندما تسخن وتصل الى الادوار النهائية يسقط الفريقان .. ولقد ظللنا على هذا الحال سنوات طويلة بدون ان نتذوق طعم النصر، وأخشى ان يحدث لنا نفس الشئ فى مؤتمر الحوار الوطنى والحوارات المجتمعية للولايات، فنظل كلما انتهت ولاية من حوارها المجتمعى، أو انتهى الحوار الوطنى، ندق الطبول ونخرج فى المواكب الهادرة لتسليم المُخرجَات وتنتهى المنافسة عند هذا الحد!! * الاحتفاء بمثل هذه التوصيات أو (المخرجات) يكون بتحويلها الى تشريعات وقوانين وإلى واقع يراه الناس على الأرض، وليس بدق الطبول وحشد الناس فى مواكب لتسليم واستلام (اوراق) لا يعرف الناس ماذا فيها وماذا تقول، وإن كان لا بد من الاحتفاء، فكان من الأجدى عقد جلسة فى المجلس التشريعى للولاية (فى حالة الحوار المجتمعى) أو المجلس الوطنى (فى حالة الحوار الوطنى) يحضرها النواب وتنقل على الهواء للمواطنين وتتلى التوصيات ليتعرف عليها الناس ثم تُسلم الى الرئيس او الشخص المسؤول الذى يتعهد بتنفيذها أمام النواب وجماهير الشعب التى تتابع الجلسة عبر الاذاعات وشاشات التلفزيون، وهى تجلس بهدوء فى منازلها حتى تستوعب تفاصيل الحدث وتفهم ما يدور، فهذا أجدى بكثير من حشد مجموعة من العاملين والطلاب فى مسيرة ثورية تنتهى بالهتافات والزغاريد، وإذا سألت أحدهم عن (المُخرجَات) أو سبب المناسبة لا يعرف بماذا يجيب، فضلا عن اهدار الأموال وتعطيل مصالح الناس وحبسهم فى الشوارع!! * بقى تعليق صغير على كلمة (مُخرجَات) التى تعنى فى الغالب الأعم، المواد الضارة أو غير النافعة، وكان الأفضل استخدام كلمة (توصيات) أو (مقررات) التى تستخدم فى مثل هذه الحالات ويفهمها كل انسان، إلا إذا كان القصد تفادى هذه الكلمات التى لا يحبها شعب السودان باعتبار ان جل (المقررات والتوصيات) للمؤتمرات السابقة انتهى بها الحال الى سلة المهملات، فجاءت كلمة (مخرجات) كبديل جديد لم يألفه الشعب ولا يشعر تجاهه بذلك الانطباع السئ لمقررات وتوصيات مؤتمرات (الانقاذ)، ونسأل الله ألا يكون مصير المُخرجَات كمصير المقررات!!