أثار خبر عن ترحيل كليات جامعة الخرطوم من موقعها المميز على ضفة النيل الأزرق إلى ضاحية سوبا ردود أفعال واسعة تسنكر هذه الخطوة التي وصفت بأنها بيع لأعرق جامعة سودانية. ويتداول السودانيون منذ فترة معلومات عن بيع مواقع عريقة في وسط الخرطوم، منها وزارات ومستشفيات، لصالح مستثمرين. لكن الحكومة لم تؤكّد أو تنف هذه المعلومات رغم تخلصها بالفعل من بعض المواقع. وظهر الخبر في شريط أسفل شاشة إحدى القنوات السودانية على النحو التالي: «مدير الجامعة: اللقاء أمّن على نقل كليات الجامعة لمنطقة سوبا». ونشرت وكالة الأنباء السودانية خبرا عن لقاء جمع نائب الرئيس السوداني، حسبو محمد عبد الله، بالبروفيسور أحمد محمد سليمان، مدير جامعة الخرطوم، وبحضور بروفيسور سمية أبوكشوة، وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي، أعلن من خلاله حسبو عن دعمه لمشروع تطوير جامعة الخرطوم بمبلغ 10 مليارات جنيه. وجاء في الخبر أن البروفيسور أحمد محمد سليمان، مدير جامعة الخرطوم، قال إن اللقاء تناول دور جامعة الخرطوم في المجتمع و دورها عالميا. كما تطرق إلى تأمين جامعة الخرطوم ونقل كليات الجامعة إلى سوبا. وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بهذا الخبر بين معترض وساخر ومكذّب. وقال خالد عويس السوداني، الذي يعمل بقناة العربية: «إن صحّ هذا الخبر، وهو غير مستبعد على هذا النظام الحريص كل الحرص على تدمير ذاكرتنا وهويتنا وحياتنا كلها، إن صحّ، فإنه يستوجب وقفة طويلة جدا وإجراءات رادعة للغاية مهما كان الثمن». وقال أحد المداخلين في «توتير»: «الجامعة اتباعت نسبة لكمية القرود الموجودة هناك، المشتري لو مفتّح يجيب ليه كم أسد على كم نمر على كم فيل ويقلبها حديقه حيوان». وقال آخر: «طيب الكماسرة الي قالوا جامعة جامعة جامعة تاني حيقولوا شنو، ويعني مساعد البص الذي يصيح للركاب، باعتبار أن جامعة الخرطوم محطة رئيسية»؟ وأضاف آخر قائلا: «لا تندهشوا حينما يتم بيع السودان في مزاد علني أوروبي بكامل ملحقاته + مصاريف الشحن». ورغم انتشار الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي، لم يصدر أي تعليق من إدارة الجامعة في وسائل الإعلام الرسمية أو الصحف. لكن جامعة الخرطوم نفت الخبر عبر حسابها في تويتر على النحو التالي: «لا صحة لما يتم تداوله عن نقل مقر الجامعة الرئيسي لمجمع سوبا. وما تم بالاجتماع هو مجرد نقاش مقترح إنشاء كليات صحية قرب مستشفى سوبا الجامعي.». وأصدر خريجو جامعة الخرطوم بيانا أعترضوا فيه على نقل أوبيع مباني الجامعة جاء فيه : «ظلت جامعة الخرطوم خنجرا مسموما في صدور سلطة البطش طوال تاريخها تقف شامخة ضد الديكتاتورية والشمولية ومع ذكرى ثورة «مارس – ابريل» وفي إطار التدمير الممنهج لمؤسسات الشعب السوداني وإرثه المعرفي والنضالي، ها هي الجبهة الإسلامية وعصابة المؤتمر الوطني تدق آخر مسمار في نعش «الجميلة ومستحيلة» بنقل الكليات إلى سوبا كما صدر مؤخرا بعد إجتماع نائب الرئيس بمدير الجامعة «. وتناول البيان ما وصفه باستهداف الجامعة منذ مجيء حكومة الإنقاذ، معددا أسماء العديد من الشهداء. وأضاف: «وإلى يومنا يتواصل إستهداف الاساتذة بتشريدهم، وتتم تصفية داخليات الجامعة وتعريبها، وتغييب اتحاد الطلاب لسنوات، وكذلك المؤسسات الشرعية داخل الجامعة وبيع الممتلكات من اراض وغيرها، لا يخفى على أحد منكم وتظل مقولة (أما آن لهذا الهرم ان يتحطم) في إشارة لدور الجامعة في تغيير الانظمة الاستبدادية ورهان الشعب عليها و الذي لم يخب أبدا». وقال خريجو جامعة الخرطوم في بيانهم :»سنقف بقوة ضد سياسة المؤتمر الوطني في تصفية جامعة الخرطوم ونعمل على حشد كافة الجهود ضد سلطة اللاوعي حتى تنعم جامعتكم بالأمن والاستقرار وتواصل مسيرتها كما عهدناها جميلة ومستحيلة وقلعة الصمود والنضال». وتعتبر جامعة الخرطوم من الجامعات العريقة في أفريقيا والشرق الأوسط، وتأسست عام 1902، وتعتبر مبانيها من الآثار التاريخية. وتقع الجامعة في مدينة الخرطوم. وقد كان إنشاؤها باسم «كلية غوردون التذكارية» من قبل اللورد كتشنر أثناء فترة الاستعمار البريطاني في السودان لتخليد ذكرى اللورد غوردون. وتحول اسمها إلى جامعة الخرطوم بعد استقلال السودان في عام 1956. وتضم الجامعة تسع عشرة كلية وسبعة عشر معهداً ومركزاً للبحث والتدريب، وداراً للطباعة والنشر، بالإضافة إلى مستشفي تعليمي هو مستشفى سوبا الجامعي، ومتحفاً علمياً هو متحف التاريخ الطبيعي، ومركزاً للخدمات الطبية والصحية.