المشهد الأول : طار مواطن سوداني الي إحدى دول الجوار العربية الشقيقة – كما نزعم – وفور وقوفه امام نافذة تأشيرة الدخول بالمطار ، وقبل أن يلقي الموظف نظرة الي جواز سفره ، بادره بالسؤال : شن اسمك يا زول ؟ وكلمة (الزول ) عندهم تغاير في المقصد ما عندنا . فأجابه : إسمي عبيد . فرد عليه الموظف قائلاً : عارفك عبيد ، قل لي اسمك اللي تنادي عليه . المشهد الثاني : بعد أن تأمل أحد أبناء النيل سمرة بشرة السوداني الذي يجلس بجواره ، توجه إليه بسؤال عنصري غريب : انتو السودانيين ليش لون بشرتكم أسود بينما اسنانكم غاية في البياض ؟ ! (علما بأن السائل ينتسب إلي دولة لا يري شعبها في فرش ومعجون الأسنان سوي نوع من الترف والكلف الزائد ) . فأجابه السوداني بالطريقه نفسها : أن الخالق عندما خلق السود جعل البياض في أسنانهم وقلوبهم ، فبهت الذي سأل . يتضح جلياً من خلال المشهدين أعلاه ، أن ثمة فئات ليست بالقليله ممن اعتلوا مراتب عالية من السذاجة والتخلف الفكري والحضاري ما طفقوا ينظرون الى الأفارقة (السود ) علي أنهم اقل شأنا من ذوي القشرة البيضاء ، إذ لو كانوا بيضا لاختلفت النظرة . فمن ذا يا تري في ظنهم قسم الألوان والأشكال والأحجام بين المخلوقات ؟؟! أم هل استشار الفاعل المفعول بهم حول كيفية تقسيم تلك الأشكال والألوان والألسن ؟ ! إن من نظم تلك الكائنات علي هذا النسق الإبداعي الدقيق ، هو الذي حدد الغاية من ذلك التنوع المبهر بقوله : ((ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم ، إن في ذلك لآية للعالمين )) سورة الروم . (العالمين بكسر اللام ) . بمعنى أن بياض بشرة البيض وغباش الغبش وأفرقة الأفارقة وسعودة السعوديين ، شأن إلهي محض ، وليس لأحد سواه فيه يد ، وهي آية من آيات الله تعالى . ما نحن بصددها هنا هي تلك التصريحات العنصرية التي تفوه بها مساعد وزير البيئة رئيس الوفد المصري إلي مؤتمر الجمعية العامة لبرنامج البيئة التابعة للأمم المتحدة بنيروبي ، والتي نشرتها منسقة لجنة الخبراء الأفريقية لدى الأممالمتحدة للبيئة السفيرة الكينية – ايفون خامتي – في مذكرة على حسابها علي تويتر ، وهي قوله : ان الشعوب الأفريقية (أفريقيا السوداء ) كلاب وعبيد ، و هي علاوة الي ما سبقت الإشارة إليها ، لم تكن بدعا من التصريحات العنصرية التي لطالما توارثوها عن اسلاف الاسلاف ، مايعكس بلا التباس مدي إحتقار واستخفاف تلكم الموهومين بكل من سمر لونه . يدرك ذلك كل من اقتادته اقداره إلي اية دولة عربية . بل دعك عن عنصرية المحيط الخارجي ، ولنلق نظرة الي واقع وطننا الحبيب ، حتماً سينقلب إلينا البصر خاسئا وحسير من هول صدمة التمييز العنصري علي أساس لون البشرة واللسان . وهي ما أشعلت نيران الحروب الطاحنة باتجاهات السودان الثلاث ، ادت بدورها إلى بتر إحدي ساقيها ، لتضحي عرجاء لا تحمل ولا يحمل عليها . وكأنما الهوية الأفريقية والسواد الأفريقي عار و مرض معدي يتوجب استئصاله . ما جعل أمن واستقرار وتقدم السودان (في ظل ما هي عليها الآن ) من تاسع المستحيلات . فمتى سينموا عقول هؤلاء المتعوربين ليدركوا أن اللون لم يكن يوماً معيارا لعبودية او حرية أحد ؟؟! وإن كان في القدم ما يسمي بالرق والعبودية ، فتلك من الأخطاء التاريخية الفاحشة التي ارتكبها بنو البشر جورا بحق بني جنسهم ، ولن يتكرر .