رسمياً، تقرر حل الحرس الجامعي وإحلال قوات شرطية مكانه، حيث أعلنت شرطة الجامعات عن نفسها، وهي إدارة مستحدثة تم إنشاؤها لحماية وتأمين الطلاب وممتلكات الجامعات، وفقاً لما ذكرته الشرطة أمس، والأمر، ليس جديداً، حسب ما هو معلن؛ فإن توصيات سابقة حثت على ضرورات أمنية لاستحداث شرطة خاصة بالجامعات لتجابه التحديات الأمنية التي عجز الحرس الجامعي عن مواجهتها، الوضع يُقرأ مع الجدل المثار حول قضية الوحدات الجهادية على خلفية سلسلة من أعمال العنف التي انتظمت الجامعات بشكل مقلق مؤخراً، والتي بلغت حد التقتيل، وآخرها طالب الجامعة الأهلية. لماذا استحداث شرطة خاصة بالجامعات؟ هل باتت دور الجامعات مهدداً أمنياً للدرجة التي تستدعي استحداث قوة خاصة لتأمين هذه الجامعات، ماهي مهام القوة الشرطية الجديدة، وكيف سيتعامل أفراد الشرطة مع (أزياء) الطالبات، وهل تستطيع أن تتعامل مع الوحدات الجهادية التي دار ولا يزال يدور حولها الكثير من الجدل، وسبق أن استقال مدير جامعة الخرطوم بعد ما أصدر قراراً بحل الوحدات، فذهب حياتي وبقيت الوحدات التي يدافع عنها برلمانيون معنيون بأمر التربية، بل كيف ستتعامل إدارة الجامعة مع القوات الشرطية في تبعيتها واستقلاليتها. المؤكد أن الشرطة سوف تحصد المزيد من رصيد الكراهية تجاهها، سوف تدخل نفسها في مواجهات واحتكاكات مع الطلاب هي في غنى عنها، هذا فضلاً عن عواقب القرار في كلياته؛ والذي ستتحمل تبعاته الشرطة وحدها. الحل لايمكن البحث عنه في مزيد من تدجيج الجامعات وإحاطتها بالقوات من كل جانب، وهذا المظهر وحده قادر على رفع درجات التوتر وخلق مزيد من الصدامات أكثر مما كان عليه الحال..مصادر العنف داخل الجامعات معلومة والقتلة كذلك، والعنف في الجامعات لم تعد أسبابه تقتصر على الخلافات السياسية أو الاختلافات، العنصرية تأخذ حيزاً وتجد متسعاً في هذه الخلافات، وهذا ما لن تستطيع أن تعالجه الشرطة إلا بالمزيد من صب الزيت على النار. حسناً، ماذا لو فشلت الشرطة الجامعية في مهمتها الجديدة -وهذا وارد دون كثير نقاش- ماذا بعد، هل تُستحدث قوات تدخل سريع لحفظ الأمن داخل الجامعات؟ وماذا لو فشلت هي الأخرى، هل نستعين بقوات دولية؟ أخشى أن يكون هذا القرار صدر تحت تأثير الانفعال ولم تُدرس عواقبه ليقود إلى وضع أسوأ مما كان عليه الحال، فيُدفع الثمن باهظاً مضاعفاً..الحل يكون بوضع معالجات جذرية وشجاعة لقضية معلومة للجميع، ولن يكون الحل بدعمها بالمزيد من مظاهر السلاح.