* لو كانت مُغيّبات العقل حلال؛ أو بالأحرى غير ضارة بالصحة؛ لطالبنا الجميع بتعاطيها قبل (تعاطيهم) لأي خبر صادر عن وزير المالية في السودان أو كان الوزير طرفاً فيه..! * بمنتهى الموضوعية لم يكتفي المذكور بدر الدين محمود بأن يكون فاشلاً في إدارة الاقتصاد (حسب المعطيات التي أمامنا) بل زاد على ذلك في عدم إقناعه لأحد بجدوى (الإزعاج الإعلامي) الذي يمارسه بين حين وآخر في أمور الاقتصاد؛ دون شجاعة تسعفه للإجابة على أسئلة مشاعة؛ يمكن تلخيص جانب منها في سؤال واحد وسهل: (لماذا تنخفض قيمة الجنيه؛ بهذا الاضطراد غير المسبوق في تاريخ السودان؛ منذ أن عرف إنسانه العُملة)؟! * وبلسان الفيتوري الذي لن يفهمونه: (لماذا تجوع المحاريث في مهرجان الحصاد)؟! * بمنتهى الموضوعية أيضاً؛ علينا ألا نحمّل الوزير كل الوزر؛ فهو ترس في آلة ضخمة طاحنة للشعب؛ أي (عامل) مأمور أولاً.. ثم آمر..! لكن على هذا العامل إذا هانت عليه نفسه بعدم احترامها؛ أن يحترم الشعب (غصباً عنه).. فمثل محفوظاته التي تنشرها الصحف تمثل استخفافاً بذاته قبل الآخرين؛ ولا تعنينا ذاته في شيء؛ إنما يعنينا عجزه مع طول اللسان؛ وليته عجز عن الفعل فحسب؛ بل هو عاجز حتى عن إيراد المبررات الحقيقية إزاء ما يحدث من تخريب اقتصادي مشهود في واقع يدمي القلب؛ تنحصر أسبابه لدى الكافة في وجود النظام الحاكم (قولاً واحداً وقاطعاً)..! أما تفصيل ذلك فلا يتطلب أكثر من النظر في (الفساد المهول) وصرف المال العام وضياعه من أجل (تسمين النظام الحاكم وحمايته) ناهيكم عن النهب؛ بينما (الوطن) يُهزل لدرجة الشلل في معية السلطة التي وزير اقتصادها بدرالدين محمود..!! * وإلحاقاً لخيباته العملية السابقة؛ خرج (البدر) علينا بأضحوكة لا تفيد إنسان السودان إلاّ بتذكُّر (الاستغفار) ثم (حسبي الله ونعم الوكيل).. ومهما تكن معافى من العلل فإنك ستصاب بدوّار (هذا النموذج)؛ ونعتذر في نقل بعض الخبر؛ فنقله كاملاً أشبه بالانتقام من القارئ.. وقبل الإطلاع عليه نلفت الانتباه إلى أنه خبر سخيف من (350) كلمة.. تكررت فيه كلمة (النموذج) 18 مرة.. وهذه ملاحظة شكلية ليست مهمة؛ خصوصاً وأن الحشو ليس غريباً على وكالة الأنباء الرسمية..! * تعالوا نقترب من فراغات بدر الدين محمود عبر النبأ: (دشنت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي أول نموذج للاقتصاد الكلي والمالي في السودان بالشراكة مع مجموعة البنك الدولي، وقال وزير المالية والتخطيط الاقتصادي بدرالدين محمود إن النموذج يتميز بالمرونة والمواكبة لعملية التغيير داخلياً وخارجياً؛ مضيفاً أن نموذج إدارة الاقتصاد الكلي ياًتي في إطار عملية التقنية والحوسبة التي تنتظم الوزارة، مبيناً أن النموذج يستطيع إعطاء تقديرات الناتج القومي الإجمالي وربط عملية النمو بين القطاعات، ويميز النموذج بين كل من سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف الموازي.. الخ.. من جانبه أشار محافظ البنك المركزي عبدالرحمن حسن عبدالرحمن إلى أن هناك عدة محاولات لبناء نموذج اقتصادي خاص بالسودان منذ الاستقلال، وهذه المرة الأولى التي يتحقق فيها هدف امتلاك النموذج، مبيناُ أن النموذج يساعد وزارة المالية وبنك السودان للتخطيط والسياسات والمتغيرات وفق آخر ما توصل اليه العلم.. الخ..). انتهى الخبر (بتصرف). * لنسأل الوزير أو صِنوَه محافظ البنك المركزي: هل الاقتصاد السوداني كان ينتظر هذا (النموذج) بالفعل ليتعافى؟! أم خواء الرؤوس يجعلكم تتمسكون (بالقشر) دون الالتفات إلى (لب) المشكلة في الاقتصاد؟! وذلك بالنظر إلى آراء خبراء وعقلاء يجمعون بالمختصر على أن علاج الاقتصاد السوداني يكمن ببساطة في (تمزيق الفاتورة الباهظة المدفوعة لسلطة فشلت في إدارة الموارد؛ كما فشلت في التخلص من انتهازيتها التي جعلتها تعتمد على الشعب "كمصدر دخل" لتغطية منصرفاتها الخاصة المُهلِكة!) وما بين القوسين (من عندي)؛ يمكن للشخص العادي تفسيره وفق الحالة التي عليها البلاد من انحطاط عام؛ مصدره هذه السلطة بجيوشها الجرارة من (التابعين) وتابعيهم و(المنسوبين) ومنسوبيهم و(الفاسدين) ومفسديهم.. مما خلق انسداداً عاماً في حياة المواطنين يعجز القلم عن وصفه أحياناً.. ودونكم أسعار السلع التي صارت (تسابق الوقت) في الارتفاع الجنوني.. أما عن سقوط الجنيه (بعنف) أمام الدولار؛ فذلك لوحده مدعاة بأن (ينكتم) هذا الوزير وذاك المحافظ خجلاً أو تواضعاً أمام (كارثة السودان الاقتصادية).. لكن الفشلة لا يعرفون قيمة التواضع ولا الخجل..! * السؤال الأهم: هل كان الاقتصاد السوداني بهذا (الايدز الراهن) قبل دخول الحوسبة والنماذج الحديثة في عالمه؟! بصيغة أخرى: هل السودان في أي عهد غير عهد الإنقاذ الجهنمي وصل إلى الدرك الأسفل في الاقتصاد؛ كما هو اليوم؟! * أنظروا إلى حديث محافظ البنك المجوّف وتنطعاته التي لا تساوي نقطة حبر؛ فوصفه بأن (النموذج) يتحقق لأول مرة منذ الاستقلال؛ كأنه استغفال للناس الذين يعلمون بأن (بئر الإسلاميين) التي ابتلعت السودان قادرة على ابتلاع جميع (النماذج!) ليظل الوضع (تحت السيطرة!!)..! * ثم (لنفترض) أن جميع نماذج العالم و(البنك الدولي) تم تسخيرها لإحياء الاقتصاد السوداني (بعد موته)؛ فهل ستجدي في عدم وجود (مسؤولين)؟!! أعوذ بالله الجريدة