* في العام 2015؛ أي في أوج الحرب التي تشنها السعودية وحلفائها على الحوثيين اليمنيين؛ تم اعتقال الأستاذ وليد الحسين الذي ارتبط اسمه بموقع (الراكوبة) الالكتروني.. والراكوبة صحيفة مقلِقة للنظام السوداني برمته؛ وتُصنّف لديه كموقع معارض لمجرد أنها تسهم اسهاماً جباراً في كشف الكثير من (المستور) الذي يخشاه هذا النظام.. بينما الشخص (المحايد) يمكنه على أقل الفروض أن يقول عنها إنها صحيفة (مهمة) بالنسبة للسودانيين على الصعيدين الداخلي والخارجي..! * لم يلتفت الناس إلى الحرب التي يشارك فيها السودان في اليمن باسم (عاصفة الحزم) بقدر إلتفاتهم ناحية أخبار السوداني (وليد) الذي اعتقلته السلطات السعودية؛ ولم توضح حتى اليوم أسباب اعتقاله وسجنه لشهور طويلة.. لكن من غير (توضيح) فالأمر يتعلق بجهات (أمسك عن ذكرها) ولا تفوت على فطنة القارئ.. هذه الجهات أزعجتها الراكوبة) وظنت غفلة منها بأن اختفاء وليد خلف الأسوار سيعرض الراكوبة لعاصفة ستضعفها على الأقل؛ إذا لم تؤدي إلى زوالها؛ ويغيب صوت الحرية والحقيقة الذي تمثله بجدارة..! * ثم أفرجت السعودية عن وليد بعد أن ملأت سيرته الآفاق… كان إفراجاً (من غير بيان) كالقبض عليه تماماً.. وربما استدركت سلطاتها بأن الشخص الذي تطاولت شهور حبسه بلا ذنب هو الشخص الخطأ؛ مهما كانت الدوافع و(الأصابع) التي تؤشر ناحيته بغضب كمُعارِض للحكومة السودانية؛ سواء في الداخل أو الخارج..! * لن نبحث حول نوايا ودوافع السعودية التي أخطأت باعتقاله وأصابت بإطلاق سراحه؛ كما لن نعيد أيّة سيرة تتعلق بظروف الزمان والمكان والحدث؛ أكثر مما سلف.. لكن المناسبة تقتضي الإشارة ناحية بعض الصحف و(الدوائر) السودانية التي أبهجتها عملية اعتقال وليد؛ وبعيداً عن أية أخلاق أو أعراف حاولت التمادي في توريطه حتى يتم ترحيله إلى السودان (وما أدراك ما هذا الإجراء!)؛ ففي أندر صور الحماقة واللا مسؤولية والحقد المفضوح حاول (بعض الصحفيين) وبعض الكائنات المعادية للراكوبة وللمعارضة ككل؛ حاولوا اللعب على وتر العلاقات بين السودان والسعودية؛ وإظهار وليد كشخص يجب التعامل معه كمخرِّب لهذه العلاقة؛ بينما الحقيقة أنه مثال للإنسان الوطني الذي يجب أن يُكافأ على جلائل أعماله لبني السودان؛ أو الإنسان المعارض للنظام الحاكم بدوافع نبيلة قد لا يدركها المغيبون والأغبياء.. فأن يكون الموقع الالكتروني الذي ينطلق منه وليد "ريادياً" بهذا التزاحم وتلك الجدية المؤسسة على حب الوطن؛ فهذا يكفيه شرفاً رفيعاً؛ وفخراً به..! أنظروا إلى القضايا التي لا يُتاح طرحها في الصحف الورقية المُكبّلة؛ وإلى الملفات الخطيرة التي انفردت بها الراكوبة؛ ولم تجد رداً من (أعدائها)!! أليس في ذلك معيناً وخدمة لشعب السودان حاضراً ومستقبلاً؟! فالعون الذي تقدمه صحيفة الراكوبة لبلادنا ليس في (إثارة) الفتن والصراعات؛ إنما في (نثر) الحقائق التي تزعج (أعداء بلادنا) هنا وهناك..! * ليست قضية الراكوبة (سعودية) أو (عربية)؛ إنما (سودانية) في المقام الأول؛ كما تستبين (ملامحها) لمن ينظرون بلا رمد..! هي تناضل من أجل وطن (خيِّر ديمقراطي)! فلماذا تُشن الحرب في الخفاء والعلن ضدها؛ بدلاً عن مقارعتها الحجة بالحجة والرأي بالرأي؛ وقد شكَّت نصالها صدور المفسدين والمدعين للفضيلة..! * غادر وليد المملكة السعودية الأسبوع الماضي وحط رحاله في الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ لعل الحياة تتسع له بأفضل مما كان؛ رغم أن الغربة (مُرة) مهما انبسطت سبل العيش الكريم بأسبابها أو تباركت الجهود..! * الأهم من ذلك؛ الفوائد التي عادت على وليد عقب محنتهِ (فكل ما لا يقتلك يقويك)؛ وكل ما يقربك للناس أو يقرّب الناس منك فهو محمود.. أما على مستوى عام فنحن نستدرك من قصة وليد (التحفُّز للتضحية) ومقابلة الصعاب بالرضا طالما آمنا بأن للنضال ثمن.. ووليد مناضل حقيقي (لا يرِق دماً) إنما حبراً.. ورغم سِلمِيتِه هذه لم يَسْلَم من الأذى..!! فما هو (نمط) المعارضة المُتاح والمُباح دون أذي لبني السودان؟! * لم تكن قضية وليد (شخصية)؛ بل كانت قضية شعب (لمن يعي).. ومع ذلك رأينا كيف صمتت (جماعات الصحافة السودانية)؛ إذ لم تبدِ ذرة تضامن معه (كمواطن سوداني معتقل عنوة) ولم تبد هذه الجماعات حتى مجرد تساؤلات مشروعة في شأن (الأسير).. أما من سولت له نفسه بأن يتطرق للموضوع؛ فقد أراد (إحراق الضحية)؛ رغم علم الخبثاء بأن (الراكوبة) لن تطالها النيران بغياب الأستاذ وليد..! ودائماً يخيب (الحاقدون)..! أعوذ بالله نشر في صحيفة (الجريدة) بتصرف محدود.