@ ما يحدث الآن في مصنع تعليب الخضر و الفاكهة في كريمة ، فضح العقلية العقيمة و الفاسدة التي تدير الشأن الاستثماري في السودان . الاستثمار الصناعي حاليا يقوم علي اعادة تشغيل المصانع السابقة او تلك التي توقفت جراء مشاكل التمويل ورسوم الانتاج ولم تتمتع بحماية الدولة ولا التحديث و من امثلة تلك الاستثمارات ما يعرف بإعادة تشغيل مصنع الصداقة للنسيج ، حاليا (مصنع سور) الذي آل لمستثمر تركي مارس سياسة أسلافه الباشبوذق تجاه العمالة السودانية بالفصل من الخدمة بشكل متواصل رغم أنف قوانين العمل ولا يهم لو ان المصنع توقف الآن لأن الاستثمار الحقيقي،( خفي) و لا علاقة له بالإنتاج الصناعي .نفس الحال ينطبق علي مصنع التعليب بكريمة والذي توقف منذ فترة سابقة جراء مشاكل التشغيل و التمويل . تم بناء هذا المصنع في منتصف الستينات ضمن عدد من مشاريع العون السوفيتي الذي اشتمل علي قيام مصانع تجفيف البصل في كسلا و والألبان في بابنوسة وتعليب الفواكه و الخضر في واو و مدينة كريمة . @ ساهم مصنع تعليب الفاكهة بكريمة او كما يحلو لأهل المنطقة ان يسموه ب(مصنع الروس) في نهضة المنطقة وخلق قيمة مضافة لإنتاج الفواكه والخضر وتشجيع المنتجين و المزارعين في استصلاح واستثمار الاراضي وزراعة الطماطم والمانجو بالإضافة الي بقية البقوليات التي تشكل مدخل للإنتاج الصناعي المتكامل مع الانتاج الزراعي و أوجد حراك انعش سوق العمل باستيعاب مواطني المنطقة و خاصة المرأة التي خرجت للعمل مبكرا في مصنع التعليب وساهمت في رفع مستوي معيشة الاسر هنالك وقام المصنع بتوفير أكثر من 400 وظيفة دائمة بالإضافة الي 300 وظيفة مؤقتة وكل ذلك ساهم في رفع مستوي المعيشة وانعكس علي حياة الناس الاجتماعية و الثقافية واستقرار مواطني المنطقة بوقف نزيف الهجرة والتحول الديموغرافي للسكان الي العاصمة وخارج البلاد حتي يقودوا التنمية محلياً دون آثار سالبة علي مجمل الحياة في المنطقة التي اعتمدت علي سواعد ابنائها الذين استفادوا من الخبرات التي جاءت مع المصنع الذي وفر اهم الاحتياجات المتمثلة في محطة مياه وكهرباء ضخمة ما تزال تعمل بكفاءة عالية الي جانب بعض احتياجات العاملين والمواطنين التي توفرها المزرعة الملحقة والورشة بالمصنع . @ توقف المصنع ، أثر سلبا علي حياة مواطني المنطقة بفقدان الكثيرين لوظائفهم و ضعف القوة الشرائية في اسواق المنطقة و تحول كل إمكانيات المصنع من مكن ومزارع و مباني الي كتلة صماء جامدة رغم محاولات تحديث باءت بالفشل بسبب التمويل و التحولات التي حدثت في تغيير نمط الزراعة التي هجرها الكثيرون لاسباب متفاوتة . قبل 3 اعوام قامت مجموعة القحطاني السعودية بالاشتراك مع مجموعة دال و حكومة الولاية الشمالية بعقد شراكة استثمارية لإعادة تشغيل مصنع التعليب و من خلال التشغيل التجريبي أعلنوا عن توصلهم الي امكانية انتاج 400 طن من صلصة الطماطم وهذا بمثابة 20 ضعف من الانتاج السابق للمصنع وتوظيف عمالة أقل 20 مرة من العمالة السابقة كأبرز ما يميز جدوي أستثمار الشراكة وللاسف حتي الآن لم يستفد المصنع من امكانيات المنطقة الزراعية التي استبشرت خيرا باعادة تشغيل المصنع ليقوم المزارعون بمضاعفة اهتماماتهم بزراعة الطماطم ،التي ضاعت هباءً منثوراً جراء عدم استعداد المصنع من ناحية فنية لاستيعاب الانتاج إذ تحولت أطنان من محصول الطماطم الي قمامة في مكبات النفايات و الاوساخ والصور(المحبطة) تملأ الاسافير وحتي براميل معجون الطماطم ونتيجة لعدم كفاءة التبريد تم التخلص منها بدلقها وراء جبال الكاسنجر لتغطي الاراضي التي تحولت الي طبقات حمراء من الطماطم أصبحت مزار للمواطنين. @ المستثمر الاجنبي في مصنع التعليب لم يهتم كثيرا بهذه الخسائر ، ربما المبرر في ذلك نتيجة للتسهيلات التي عوض بها خسائره قبل التشغيل وقد جرت العادة بأن هنالك (مستشاري السوء) الذين يقومون بضرب الاستثمار و افساد المستثمرين باستغلال الامتيازات الخاصة بقوانين الاستثمار من إعفاءات ضرائبية و جمركية و أخري محلية لادخال بضائع تجارية معفاة من الضرائب و الرسوم الي الاسواق و هذا هو العائد الحقيقي من الاستثمار كما ثبت من خلال محكمة العصر الخاصة بالمتهمين في فساد الشركة السودانية للاقطان التي قام فيها بعض المتهمين باستغلال امتيازات الاستثمار وإدخال آليات و عربات و مواد بناء معفاة بيعت في الاسواق ولعل اشهرها آلاف الاطنان من الاسمنت التي بيعت في السوق لأحد كبار النافذين من وزراء الحكومة .العاملون بمصنع تعليب الفاكهة بكريمة حتي الآن لم يصرفوا اجورهم و مرتباتهم بسبب عدم وجود (قروش) بالمصنع الذي انطبق عليه المثل (سماحة جبنة الطين) حيث تتلالأ انواره من بعيد تسر الناظرين حتي تحسب بأن (تحت القبة فكي) ولكنه (طلع ماسورة مقلوظة ) و مقلب كبير خدع اهل المنطقة والعاملين الذين ما يزالون في انتظار (الصرف) ببيع كميات الاسمنت الموجودة بالمصنع و التي دخلت بامتيازات الاستثمار . ما يحدث في مصنع تعليب الخضر و الفاكهة بكريمة جريمة مكتملة الفصول أُستُغِلت فيها امتيازات الاستثمار و المتضرر الاول و الاخير هو إنسان المنطقة . @ يا أيلا .. حل حكومات الولايات (إعفاء) بطريقة موت الجماعة عرس! [email protected] الجريدة