لم يكن الظهور الإعلامي الكثيف لمدير مكتب الرئيس، الفريق طه، هو مجرد إبراز مطامع تخص الرجل لحجز الدرجة الأولى في مطبخ صنع القرار، ولا هو مجرد تنافس محموم مع وزير الخارجية إبراهيم غندور..الحوار الذي أجرته صحيفة (اليوم التالي) على مدى ثلاث حلقات متتالية هو إعلان سياسي لمرحلة جديدة..*والحوار وما قدمه من إفادات لا تمثل طه، بل كانت تعبِّر- تماماً- عن الرئيس. ليس من باب الصدفة أن يكون الحوار في صحيفة لا علاقة لها بحزب المؤتمر الوطني، ولا محسوبة على تيار الإسلاميين، وليس صدفة أن يكون المحاوران لا علاقة تنظيمية لهما بالحزب ولا الحركة.. بقدر ما هي علاقة مباشرة مع مؤسسة الرئاسة.. ما قدمه حوار (اليوم التالي) هو إعلان جديد كامل الدسم.. أكبر من تنافس على صُنع قرار، بل هو صراع بقاء، ليس بقاء أشخاص إنما منظومات كاملة. في فبراير 2015م سافر الرئيس البشير إلى الإمارات، وهناك أجرت معه صحيفة (الاتحاد) حوار صحفياً، لم يكن ذلك مجرد حوار صحفي، ذلك الذي أدلى به الرئيس البشير كان إعلان موقف جديد، حيث وصف البشير تنظيم الإخوان المسلمين بالمهدد لاستقرار المنطقة، وبجرأة، تملّص الرئيس من* تنظيمه علناً، حينما أعلن رفض بلاده القاطع لظهور الطابع الدولي لجماعة الإخوان المسلمين.. ثم أيّد حقّ الدول في اتخاذ ما تراه مناسباً لخدمة أمنها، واستقرارها. على نحو مفاجئ لكثيرين حتى داخل السلطة قررت الولاياتالمتحدةالأمريكية رفع العقوبات، قدمت الجزرة في وقت يستحق رفع العصاة، بينما رفعت العصاة في وقت سابق حينما كان السودان يستحق الجزرة بشهادة العالم. الإسلامي المعروف، قطبي المهدي أبدى تخوفاً من الاشتراطات التي وُضعت لرفع العقوبات، وفي ظنه أن (الشريعة) واحدة من ضحايا التطبيع المفاجئ.. مؤكدا أن رجل الأمن لا يقصد (الشريعة) حرفيا، بل يقصد التخلي عن التنظيم الإخواني، وقد غلّف تخوفاته، وأرسلها بذكاء إلى بقية إخوانه. الرئيس الآن.. أعلنها صراحة، عبر أركان حربه وكاتم سره، طه.. أن عهداً ولى.. وأن القادم ليس كما سبق، سقطت أيدولوجيا التنظيم، ثم يجري- الآن- إسقاط ذراعه السياسي.. بعد ما تحولت الحركة الإسلامية إلى سكرتارية شديدة الانضباط.. الرئيس يُقدم للمرحلة الجديدة، طه.. رجل بخلفية تنفيذية بحتة، لا علاقة له بالحزب ولا الحركة، وهذا ما أثار الكثير من الغضب على خلفية ظهوره، وفي حوار سابق ذكر طه أنه (ختمي) وليس (إسلامي)- بمعنى أن ليس بمقدوره أن يقدم لا للحزب ولا للحركة شيئا.. الدور الإقليمي الكبير الذي يمضي- الآن- بشأن السودان أكبر من تنافس وصراع تيارات داخل السلطة، هو أشبه بصراع الحياة، والموت. التيار [email protected]