صحيفة الميدان وخطاب (التكفين) شمس الدين ضوالبيت جاء في صحيفة الميدان الصادرة يوم أمس (27/3/2017), أن الملتقى "الشهير .. من أجل وضع حد للاحتقان السياسي والاستقطاب الايديولوجي" ..[قد] كان امتداداً "للقاء جرى في يناير 2017, بين منظمات مجتمع مدني وأجانب .." .. ثم استطردت الصحيفة بعد ذلك في "ملطمة" مطولة حول "الهبوط الناعم, وتكريس المصالح الامريكية في المنطقة, وإعادة انتاج نظام المؤتمر الوطني .. الخ". المقصود بالملتقى "الشهير" هو ملتقى العلاقة بين الدين والدولة الذي انعقد – بدعوة من مشروع الفكر الديمقراطي ومنتدى إيلاف للحوار – في نهاية شهر فبراير, و شارك فيه أكثر من أربعين من القيادات الفكرية العلمانية والإسلامية والمدنية والسياسية المختلفة, وخرج بإعلان من المؤمل أن يساهم في تفكيك دولة "الحاكمية" الدينية, التي أقامتها الحركة الإسلامية, في السودان, ويؤسس, فكريا, لمشروع الدولة الوطنية الديمقراطية, الذي دعا الإعلان للتوافق عليه. الملتقى المشار إليه هو جزء أصيل من برنامج حواري قومي مستقل وحر من 4 أجزاء ابتدره مشروع الفكر الديمقراطي منتصف عام 2012 (قبل أن يعرف الوسط السياسي مصطلح "الهبوط الناعم", لأن ورقة لايمان, المبعوث الامريكي, لم تكن صدرت بعد). انعقد الجزء الأول من البرنامج بين "علمانيين وإسلاميين", حول "مستقبل الديمقراطية وحقوق الإنسان في السودان", في سبتمبر عام 2013, وشارك فيه أكثر من 45 من القيادات الفكرية من علمانيين وإسلاميين, من بينهم أعضاء أو مقربون من الحزب الشيوعي السوداني, وانعقد جزء ثان خاص بالشباب حول "الحركات الشبابية السودانية, ثورات الربيع العربي, الإسلام السياسي وآفاق التغيير", في ابريل 2015, وشارك فيه أعضاء ومقربون من الحزب الشيوعي. وبدأت التحضيرات لهذا الجزء الثالث حول علاقة الدين بالدولة (موضوع ما جاء بالصحيفة) منذ اكتوبر 2016, وأرسلت دعواته نهاية ديسمبر 2016/ أوائل يناير 2017 (جميع الوثائق متاحة), قبل فترة معتبرة من لقاء "الميدان" المزعوم في يناير 2017, بين "منظمات مجتمع مدني وأجانب", والذي قالت الصحيفة إن ملتقى العلاقة بين الدين والدولة هو امتداد له ..!!. وقد شارك في ملتقى العلاقة بين الدين والدولة إثنان من الذين انتخبهم المؤتمر السادس أعضاءا في اللجنة المركزية الحالية للحزب الشيوعي السوداني , وثالث أفنى عمره متفرغاً لخدمة الحزب, وما لا يقل عن 4 – 6 من الأعضاء السابقين أو أصدقاء الحزب (من بينهم شخصي: شمس الدين ضوالبيت, وكان الحزب دعاني إلى أحد مناشطه بهذه الصفة) ..!! بل، وقد نشرت "الميدان" في ثلاث حلقات الورقة التي قدمها الأستاذ كمال الجزولي في الملتقى ..!! إننا في مشروع الفكر الديمقراطي, يؤسفنا جداً أن أقل ما يمكن أن نصف به ما جاء في صحيفة "الميدان" حول ملتقى الدين والدولة, والربط بينه وبين لقاء مزعوم, ب"مجافاة الحقيقة", إن لم يكن "تحري الكذب", لأنه كان بمقدور "الميدان" حال توفرت "نية المهنية" أن تتوصل لكل الحقائق أعلاه بسهولة ويسر. ونقول يؤسفنا, لأننا نحفظ لصحيفة "الميدان" كل التقدير, ونكن للتاريخ النضالي للحزب الذي تعبر عنه وافر الاحترام. محاولة "الميدان" للربط بين أنشطة المجتمع المدني الديمقراطي, وتكريس المصالح الامريكية في المنطقة, أو الهبوط الناعم أو إعادة إنتاج نظام المؤتمر الوطني .. أو غيرها, هي "مزايدات" لا جدوى منها, يناقض الحزب الذي تعبر عنه الصحيفة، نفسه بها. لأنه بينما يريد كاتب النص الميداني أن يحجر على الآخرين الالتقاء بقيادات فكرية للإسلاميين, مثلاً , يهمل الإشارة إلى أن الحزب الشيوعي قد فتح داره مزارا متكرراً لحسن الترابي مؤسس نظام المؤتمر الوطني, ومقراً دائما لمؤتمرات كمال عمر الصحفية الصاخبة, كما يشارك ممثلو الحزب في فعاليات الإسلاميين المختلفة, كل يوم.. مع ملاحظة أن مشروع الفكر الديمقراطي والمتعاملين معه من القيادات الفكرية والسياسية يعملون على المستوى الفكري التأسيسي والسياسي الاستراتيجي، وليس على مستوي الممارسة السياسية اليومية، بكيدياتها واكراهاتها المتعلقة بتوزيع الثروة والسلطة والمناصب التنفيذية. يوسفنا أيضاً أن تتدثر "الميدان" بلغة,"التكفين", التي تلجأ إما ل"التكفير" أو"التخوين", في مواجهة من لا تتفق معهم, في العمل السياسي والمدني العام. فالتكفير والتخوين, وجهان لعملة واحدة, لأن من يكفر الناس يتهمهم ب"الخروج عن ملة الإسلام", ويدعو لقتلهم, ومن "يخوّن" الناس يتهمهم "بالخروج عن االانتماء لأوطانهم", وحكمهم القتل. لغة "التكفين" هذه خير من يجيدها اسحاق أحمد فضل الله وزمرته. وقد استخدمها الرجل من قبل في سلسلة مقالات بالصحف اليومية, ضد مشروع الفكر الديمقراطي" أعطاها عناوين مثل"القرآن لا يصلح الآن" و"تصحيح القرآن بالقلم الأحمر" و"عن الحزبين القادمين", لم يترك فيها "فرية" كفر لم يرم بها المشروع والقأئمين عليه, ولا "إثماً وطنياً" لم يُلبسه لهم, هدفه المباشر تحريض الجماعات الإرهابية من جانب, والأجهزة الأمنية من جانب ثان (هذه الاخيرة بتهمة أن هناك حزب يتشكل في الخفاء), وذلك بمثل ما تفعل صحيفة "الميدان" الآن. وكما لم تثنينا "تحريضات" اسحاق لحظة عن مواصلة عملنا, فبالأحرى لن تمس "تكفينيات" الميدان شعرة منا. فلم يكن اسحاق أحمد فضل الله, ولا عادت الميدان أو الحزب الشيوعي السوداني, هم المرجعية "النضالية" أو "الثورية" أو "الوطنية". ما يبدو من مجمل مواقف الحزب الشيوعي من المجتمع المدني الديمقراطي أن هناك توجس وخيفة ينتابان الحزب منه, نتيجة ضمور عضوية الحزب, والتي يعزوها إلى تنامي فعالية المجتمع المدني, في مستويات ظل الحزب الشيوعي يدعي احتكارها لنفسه. في رأينا أن أكثر ما أدى إلى ضمور عضوية الحزب وابتعاد الناس عنه هو افتقاره للخط والخطاب السياسي الملهم والجاذب, واستعدائه للقوى الحية في بلادنا, والتي ساهمت في تكريسها مثل هذه التوجاهات والنصوص "التكفينية"التي جاءت في الميدان, ضد مشروع الفكر الديمقراطي. سنظل في مشروع الفكر الديمقراطي أوفياء لإلتزامنا الوطني بتفكيك دولة "الحاكمية" الدينية, التي أقامتها الحركة الإسلامية السودانية, وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية, التي يتطلع إليها شعبنا.. طريقنا إلى ذلك مشروع "الديموتنامية المعرفية", الذي يربط بين الديمقراطية والتنمية رباطاً لا فكاك منه, حتى على مستوى اللغة, ويتأسس على المعرفة, لا على ايديولوجيا أصبحت ملتبسة حتى على أصحابها, وهو مشروع تتشاركه الآن القوى الحية في مجتمعنا, لا سيما على المستويين القاعدي والمحلي, وصولاً إلى "التغيير العميق" والنهضة والتقدم ,التي ننشدها لمستقبل بلادنا. شمس الدين ضوالبيت . مشروع الفكر الديمقراطي.