عبدالله علقم شاهدت في قناة فضائية مصرية ختام برنامج عن حلايب وشلاتين يظهر فيه عدد من أطفال المنطقة يرددون أمام الكاميرا ببراءة شديدة كلمات أمليت عليهم لم يتمكنوا من نطقها كما أراد من قاموا بتلك "الفبركة". كان الأطفال يرددون كلمتي "تهيا مسر" والمقصود طبعا "تحيا مصر".كانت"تهيا مسر" على لسان أطفال حلايب طبيعية لأن اللغة العربية ليست لغتهم الأم شأنهم في ذلك شأن نسبة كبيرة من سكان السودان حتى بعد ذهاب دولة الجنوب.تعثرهم في نطق العربية لا ينتقص منهم كثيرا أو قليلا، فالعربية ليست لغتهم، ولهم لغتهم الجديرة بالاحترام، و "مسر" ليست بلدهم، فهم نتاجالتنوع الثقافي واللغوي والعرقي مصدر قوة واثراء للمجتمع السوداني أو هكذا يجب. كان منظر الأطفال وهم يرددون بلا وعي "تهيا مسر..تهيا مسر" مضحكا يعكس سذاجة الفكرة وسخف التنفيذ. "تهيا مسر" وما شابهه من "فبركات" مظهر من مظاهر كثيرة للسقوط الاعلامي الذي ولغ فيه بعضهم. هؤلاء الأطفال الذي جيء بهم لشاشة تلك القناة المصرية لا يشبهون أي طفل في مرسى مطروح أو القاهرةأو سوهاج أو الاسكندرية،ولا يلبسون مثل لبسهم،ولا يتكلمون لغتهملأن الله سبحانه وتعالى خلقهم مختلفين عن كل أعراق"مسر"وإن ألحقت إدارة أرضهم ب"مسر". هم مختلفون عرقيا وثقافيا واجتماعيا ولغويا وتاريخيا."مسر" ليست وطنهم، مثلما أن حلايب ليست وطن أحد من سكان"مسر". تراكمات تاريخية كثيرة وعقود طويلة من العلاقات غير المتوازنة التي تعوزهاالندية وحسن النية أفضت لهذا الوضع الغريب في مثلث حلايب، في ظل رؤية تراكمت عليها الاخفاقات والخيبات،وجوع لتحقيق أي انتصار حتى لو كان بمثل سهولة الانتصار المجاني الذي تحقق في حلايب.حلايب شان وطني يتجاوز الكسب السياسي المرحلي،يجب أن الاصطفاف حول حلايب أساسا ومنطلقا لموقف شعبي جديد وتفكير ايجابي واستراتيجيينتظم فيه الجميع ولا يستفرد به توجه معين مثلما كان الحال في تجربة نيفاشا البائسة.ليتها تكون رؤيةموضوعية تتجاوز الشعارات ومرارات الماضي واسقاطات الحاضرلبلوغآفاق واقعية عريضة تبدأ،ولا تنتهي، بقراءة جديدة للتاريخ، ولو من طرف واحد، وصولا إلى المصالح المشتركة.كل بلدين جارينفي دنيا الله الواسعة لا محالة من أن يجمع بينهما حد أدنى منالمصالح المشتركة التيتفرضها حقائق الجغرافيا. (عبدالله علقم) [email protected]