* سأبدأ بهذا الخبر لجهاز الأمن وهو يتعمّد (التجهيل) للناس بأخبار أكثر شناعة من الشائعات.. فقد ذكرت شبكة الشروق في أحد أخبارها ما يلي: (كشف مدير هيئة الإدارة بجهاز الأمن والمخابرات، اللواء عبدالوهاب الرشيد، عن تحقيق يجري مع عناصر لعصابات إجرامية مدعومة من الخارج قامت بالترويج لشائعات الاختطاف، توطئة لتقديمهم للمحاكمة، وأن توقيفها جاء بالتعاون مع الشرطة. وقال الرشيد لدى مخاطبته حفل افتتاح سكن ضباط الصف من منسوبي الجهاز بمدينة الصفوة غربي أم درمان، بأن تلك العصابات تسعى للنيل من أمن واستقرار السودان، معلناً عدم السماح لأي شخص بالعبث بأمن واستقرار وسلامة السودان ومواطنيه). 1 الخبر لم يحدد اسماء لهذه الجهات الخارجية؛ ودائماً مثل هذا (التجهيل) يرجح أن الخبر مُصطنع.. أو يكون الجهاز غاوي لإلهاء الناس عن أمهات القضايا؛ ومنها قضايا خطف وقتل حدثت بالفعل وطرحنا حولها العديد من الأسئلة..! 2 إذا كان الأمن يريد صرف المواطنين عن موجة الغلاء الكاسح للبلاد (كما يفعل رصفائه في الأجهزة الأخرى) فهذا الأسلوب صار من الباليات.. عليهم التفكير في أساليب جديدة بدلاً من الهباء. 3 السؤال حول الذين وصفهم جهاز الأمن بالعصابات المدعومة من الخارج والتي تروج للإشاعات: إلى أي أحزاب أو مجموعات ينتمون؟ وفي أي الوسائل كانوا ينشرون شائعاتهم؟ وما الذي دفعهم إليها؟! 4 عدم تمليك المعلومة كاملة هو الباب الأول لدخول (الإشاعة).. ولنتساءل: ماهي مصلحة جهاز الأمن في زيادة فيضان البلاد بالإشاعات؟! فهذا الجهاز يحظر النشر في الصحف لبعض الحقائق الماسة لعصب النظام الفاسد؛ ويمنع الكتاب من ممارسة حقهم في النشر (باعتباره نيابة وقاضي!!).. فبعد كل هذا السقوط هل له عين يرفعها في (وجه الشائعات)؟! * ثانياً: النائب العام الذي جاء لمنصبه بزفة شهيرة عكست ما نحن فيه من تدني سياسي وإداري مريع و(استثنائي)؛ هذا النائب عمر أحمد أبت نفسه إلّا أن يدلي بدلوه في الترويج (للموضة) السائدة في هذه الأيام؛ ألا وهي الحرب على الشائعات، وليس القضاء على العنصرية التي عمّت البلاد بمشيئة طغاتها؛ أو قطع دابر تجار البشر والمخدرات..! * الحكومة بشرطتها ووزارة إعلامها الرثة ونيابتها؛ تركوا (الجمل بما حمل) ومسكوا في الحبل الواهن الذي لا يرجى من إمساكه شيئاً أكثر من هدر الوقت في الفراغ المحض.. إنه حبل الشائعات القصير المهترئ.. فقد جاء في أخبار وكالة السودان للأنباء مايلي: (وجه مولانا عمر أحمد محمد النائب العام بسرعة اتخاذ الاجراءات الجنائية في مواجهة كل من يثبت نشره وترويجه لأخبار كاذبة واشاعات ضارة وذلك بعد وقوفه علي جميع الدعاوى المتعلقة بهذا الخصوص. جاء ذلك خلال لقائه بمكتبة بالسادة رئيس النيابة العامة المفوض ورؤساء القطاعات ووكلاء النيابة الأعلى بولاية الخرطوم .وتطرق اللقاء باستفاضة لما يتم تداوله عبر وسائط التواصل الاجتماعي بشأن ادعاءات حوادث الخطف وتجارة الأعضاء والتي وصلت إلي مرحلة الكذب الضار مما أدى إلى حادث مؤسف تسبب في أضرار بليغة لممتلكات مواطنين أبرياء كحرق سيارتين بمنطقة الازهري بمحلية جبل أولياء. وخلص اللقاء انه بعد التحري وتقصي الحقائق الى عدم وجود أساس لهذه الشائعات وفقا للتقارير المقدمة). * تعليقاً على واقعة حرق السيارتين: ما المستبعد بأن تكون الواقعة مقصودة للترويج!! فإذا تأملناغرابة السيناريو الذي أحاط بها؛ ونقص المعلومات المهمة عن (أبطالها) سنعيد البصر كرتين في شأنها..!! ثم من الذين قاموا بحرق السيارتين؟! إن الإجابات الشفافة تحرج السلطات دائماً فلا تنطق بها.. فلماذا لا تحرجها الجرائم الفظيعة (المجهولة الفاعل) مع سبق الإصرار؟! * المتابعون يلاحظون الإهتمام الشديد من قبل كافة الجوقة السلطوية بأمر الشائعات ومروجيها (هل يمكننا رؤية المروجين بشحمهم ولحمهم؛ أو يمكننا التأكد من صفاتهم وتوجهاتهم؟؟!!).. ثم أقول بثقة تامة؛ أنه لا تسري شائعة إلّا وكان المتهم الأول المسؤول عن انتشارها هو السلطة (بمختلف مشاربها) قولاً واحداً.. السلطة ترغب في التسفل ولا تسمح بتعميم سفالاتها إعلامياً وتريد أن تخرس حتى أصوات الفيس بوك والواتساب عن نقدها.. السلطة تفرض قيوداً على الصحف الراغبة في نشر الحقائق (على مسؤوليتها) فإن لم تلتزم بالطاعة والقيود عوقِبت.. والإعلام المرئي التابع أو المنكسر للنظام لا يقدّم حقيقة أوضح من (المغنين)..! وكثير من الحقائق لا يقبلها النظام الحاكم كما هو مفهوم؛ فيتم نشرها عبر وسائل الإعلام الجديدة بطرق مختلفة..! هل هذا الكلام الدائري المُمل لا يستوعبه النائب العام؟! سنظل نعيده بصيغٍ شتى كلما استأنفت أجهزة النظام سخافاتها..! * النائب العام وهو يمسك ببردعة الشائعات مع البقية ويوجه بحصارها؛ يفهم أن النظام المشار إليه درج على تعويم كثير من الجرائم التي قيدت ضد مجهول.. فليته يترك (المعلوم) من الشائعات لأنها سهلة التلاشي بالحقائق؛ وليبرز شطارته بتوجيه أهمَّ لكشف السواتر عن جرائم غضت السلطة الطرف عنها (لن أكرر الإشارة إليها).. فبدلاً من إنزعاج جميع حظائر الحكومة بالشائعات واستكانتها تجاه الأخطار (ومنها جرائم منسوبيها وفشلهم المدوي بعدم القبض على الجناة) كان على هذه الحظائر أن تطارد المجرمين المفلتين من العدالة في كل جهات السودان وتحبسهم (هل أنتم بحاجة إلى التذكير بقتل جماعي أو فردي؟) ثم على الحظائر ذاتها ألا تكتفي بذلك؛ بل يجب عرض الجناة بالصور والأسماء وتمليك المواطن المعلومات عن سير محاكماتهم.. بخلاف ذلك فلا يطلب منا أحد أن ننساق وراء أجهزة (التنظيم الحاكم) التي ضربت شهرتها الآفاق داخلياً وخارجياً بالأكاذيب الغبية والافتعالات الوقحة.. وآخر الوحوش المُنتظر القبض عليهم ومازالوا طلقاء؛ فجعوا البلاد بقتيلة الكلاكلة..! هل الذين قتلوها (إشاعة)؟ ماذا عنهم؟ أين هم؟! وماذا عن التقرير الطبي؟! خروج: * كلما أسرفت الجهات الرسمية في الحديث عن شائعات؛ دللت على عجزها وفشلها في مواجهة الواقع المتقيِّح على الأرض..! فالأمن لا يستتب بمطاردة (المُشِيعِين!) أو بمطاردة الوهم.. بل يستتب حينما تكون على رأس البلاد سلطة ملموسة (عادلة ونزيهة) تعي أن استتباب الأمن يبدأ باستقامة منسوبيها (بالأمانة والإخلاص والوعي بالوطن).. والآن هل نستطيع القول أن لدينا سلطة مستقيمة واعية بالوطن؟ فهذه (الدُّمى المتحركة!) بكامل البؤس والعطن تمثل (التسلُّط)..! * الحكومة التي تتاجر بالدين والبشر والبيضة والحجر؛ إذا كانت عبارة عن (إشاعة كبرى!) فعلام الاستهبال من أتباعها في زفة الإلهاءات والأكاذيب؟! أعوذ بالله الجريدة (الصفحة المحظورة).