حتى من يسمون أنفسهم اسلاميين -أفرادا و جماعات – لا يعجبهم الواقع الحالي لأنهم ببساطة يجنون ثمار ما فعلوه بأيديهم و انعكس عليهم مباشرة ، حسبنا القول أنهم ليسوا في منأى عن تردي كل شئ إبتداءا بالبيئة و انتشار هوام الأرض و الأوبئة في كل مكان بدءا من الذباب و البعوض و الكوليرا و الفشل الكلوي مرورا بالايدز و السرطان و الحاضنة المثالية لكل ما يفتك بصحة الانسان و يتسبب في عذابه إلى أن يموت بفعل المرض.. و يعلمون يقينا (الاسلاميين) أنه لا يمكن للوضع الراهن أن يتغير طالما أنهم أوجدوا حاضنته ..الفساد ينخر في كل شئ للدرجة التي لا يمكن معها الحديث عن اصلاح ما لم يمحى النظام الحالي من الوجود أو يمحى السودان من الخارطة أيهما أقرب أجلا …، ما يبقيهم في صفوف النظام أمر جلل…، الخوف من المحاسبة على ما اقترفوه من موبقات و محاولة الابقاء على مكاسبهم للدرجة التي يغضون الطرف كليا عن المهددات الأخرى التي ذكرناها أنفا…، ليس ببعيد منهم مع فارق بسيط ينطبق الحال على من يشكلون ركائز الدعم لأجهزة النظام الأخرى و ينفذون سياساته بمن فيهم الاسلاميين فالمسألة عندهم لا تعدو كونها أداءا لوظائفهم التي تعني مصدر عيشهم و أنهم يقومون بواجبهم مهما عاثوا في الأرض فسادا لأنهم إن لم يفعلوا يكونوا مقصرين و عرضة للعقوبات بدءا من فقدان الوظيفة و الامتياز و حتى التصفية…لذلك من الطبيعي أن يستميتوا في خدمة النظام و الدفاع عنه ليس بالضرورة قناعة إنما حفاظا على أرزاقهم التي كتبها الله لهم.. ، فلماذا نلومهم و قد تماهت طباعهم مع ما يتطبعون به و ينفذونه بأكثر مما هو مطلوب منهم فعله…؟ لا يختلف الحال كثيرا عند الأقلية منهم ممن يتحكمون في آلة التدمير ، فهم الآخرون يعلمون جيدا حجم جرائمهم بحق الوطن و المواطن لذلك مفارقة الكرسي طوعا تعني فقدانهم جميع مكاسبهم التي حققوها ، و يعلمون يقينا أن لا مفر أمامهم من المحاسبة و العقاب العسير.. الأمر الذي تلاشت معه جميع خياراتهم إلا خيارا واحدا هو السير في نفس الطريق حتى النهاية، و أيا كانت الأخيرة فهي في نظرهم أفضل بألف مرة من المصير الذي ينتظرهم إن فكروا في التخلي طوعا عن السلطة و فتحوا الباب لإصلاح حقيقي ينقذ ما تبقى…فلماذا إذا نتفاجأ بتصرفاتهم إذا علمنا دوافعهم؟ لا يوجد سبب في جميع الأحوال.. على الجانب الآخرجولة يوم واحد في أحد أسواق أمدرمان أو شوارع الخرطوم كفيلة بمعرفة ما حدث للشارع الذي لا يمكن التغيير دون مشاركة قطاعاته و شرائحه، و لا يمكن استمرار النظام دون سكوتها…، على وجه العموم، فقد الشارع نبضه و أصبح ساكنا.. أقرب للموت منه للحياة، لا توجد أي محاولات لتغيير الواقع جديرة بالالتفات إليها حتى نقول أنها مؤهلة لتعيد للشارع حياته بعد أن أصبحت قطاعاته في الغالب مجرد قطعان من الرعاع ، لا أقول جميع الأفراد الذين يكونون قطاعات الشارع حالهم هكذا.. ،أعني حال السواد الأعظم..، و يكفينا دليلا أن معظمهم يعلمون كل شيء عن سوء النظام و خيانته و فشله..الى أخره…. لكنهم خانعون يفتقرون للحد الأدنى المطلوب من الإرادة للعديد من الأسباب منها تطاول أمد خنوعهم للظلم حتى أصبحوا يفضلون العيش تحت رحمة جلاديهم، و يحملون هموم الفارغة و أحزان المقدودة ، و بالنتيجة بلغ منهم العجز درجة التعويل على رفع عقوبات أمريكان أو عدم ترشح رئيس النظام مرة أخرى أو أي شئ آخر يعفيهم من تحمل مسؤولياتهم التي لا يمكن أن يتغير الحال ما لم يؤدوها كاملة…. بلغ منهم الكسل و الجبن و البخل أكثر من ذلك .. يتحكم فيهم الرعب من كل جانب لدرجة أنهم يفضلون الموت جوعا و قهرا على مجرد المحاولة لتغيير واقعهم ومع ذلك لديهم المبررات (بنظرهم) فهم يعلمون بأن النظام لن يتردد في التنكيل بهم إن فعلوا غير ما يأمرهم به أو رفعوا أصواتهم بمقاومته..، لذلك تحول معظمهم إلى أشباح هائمة بوجوهها دون مبادئ أو أدنى أخلاقيات و أعيدت صياغتهم لدرجة لا يمكن تصورها…و بالنتيجة حدث اضطراب مهول في طريقة تفكيرهم و اختلال في ترتيب أولوياتهم للدرجة التي جعلتهم ينصرفون للقيل و القال و يكون أكبر همهم الحسد و البغضاء و عدم الأمانة و التفسخ و الانحلال دون اكتراث لأي وازع أخلاقي أو ديني ، حتى الأعراف التي كانت سائدة بادت و حلت مكانها الأضداد بصورة لا يمكن أن يتصورها عقل لبيب ما لم يقف على حقيقة ما حدث و يراه بعينه… من يحسبون أنفسهم ناجون أو هكذا خيل إليهم .. واتتهم الفرصة ففروا بجلدهم للخارج و رغم أن معظمهم يعيشون واقعا سيئا إلا أنه لا يقارن بالواقع الذي يعيش فيه من هم بالداخل..، فئة قليلة منهم تعيش واقعا يليق بالإنسان ، الخبر الجيد الوحيد هو أن الغالبية من هؤلاء و أولئك لا يرضون الواقع الذي آل إليه مصير وطنهم و أهليهم، لكنهم رغم ذلك لا يعملون على تغييره بما يكفي على الرغم من أنهم يمتلكون المقدرة و يمكنهم المحاولة و النجاح بأقل مجهود…إلا أنهم غالبا لا يفعلون لأنهم يفتقرون الإرادة بالتالي عم الفشل و الاحباط و ساد الخنوع و الانكسار و تقطعت كل الخطوط الرابطة بين الناشطين في مختلف أماكن اقامتهم . و على الرغم من كل الميزات التي وفرتها التكنولوجيا الحديثة إلا أننا لم نستفد منها شيئا بسبب غياب الإرادة. باختصار ما ذكرته أعلاه يمثل وضعنا الراهن بعد النظر للمسألة من جميع الزوايا و مختلف الاتجاهات…و عليه، في هكذا واقع لا يجوز الحديث عن امتلاك إرادة التغيير ناهيك عن العمل و التخطيط له….بدءا من ايقاظ الضمائر التي لا تزال تقاوم الحشرجة و تلك التي يرجى منها مرورا بالتأكيد على حقيقة أن التغيير الذي ننشده لن نبلغه إلا بشن الحرب على النظام و مهاجمته و اسقاط أهم ركائز دعمه (صمت الشارع) الذي إن حملناه على المطالبة علنا بحقوقه وقف في وجه النظام و فعل كل شئ لا يريده الأخير أن يفعله و امتنع عن فعل كل شئ يرضى عنه النظام…و بالتالي يكون النظام قد فقد أهم ركيزة تسنده لذلك سقوطه في هذه الحالة أمر حتمي…، هذا لا يتم إلا بطريق واحد و هو النضال خارج الأطر الدستورية و القانونية الموجودة لأنها يسيطر عليها النظام الذي نريد اسقاطه و إقامة نظام جديد يكفل لنا حقوقنا كبشر…، لا يمكننا ذلك دون عمل جميع الناشطين بالتضامن و على قلب رجل واحد لوضع استراتيجية لتحقيق هدف واحد هو اسقاط النظام الحالي و بناء نظام نضمن فيه حقوقنا كاملة بمختلف انتماءاتنا أيا كانت.. كل المؤشرات التي يحددها الوضع الراهن تؤكد على بقاء الحال على ما هو عليه و استمرار التدهور الشامل بوتيرته المتسارعة حتى يقضي الله أمره..، لكن خلف المؤشرات يظل الواقع الذي يؤكد على حقيقة أن التغيير ممكن شريطة اتباعنا الطريقة الصحيحة التي ذكرناها في هذه الفقرة. رغم كل المحن و المصائب التي أوجدت الوضع الراهن، و بالعودة لما ذكرته قبل قليل بأن الأقلية ممن هم بالداخل و الأغلبية ممن هم بالخارج يمتلكون المقدرة على التغيير و تنقصهم الإرادة…، هنالك حقيقة رابعة، من بين هؤلاء (الناشطين) الكثير من القامات الشوامخ التي لم تنحني أبدا و لم تكل من حمل المسؤولية و تمتلك الارادة الكاملة بدليل أنها ظلت على المبدأ عبر الأزمان والأجيال،..، و لديها من التجربة ما يؤهلها بمعرفة طرق الخلاص لشعبها في خضم الأهوال و الظلمات الحالكة و يهون عليها كل شيء دون المبدأ و الانتصار للحق…منهم المعروفون للجميع و من بينهم من لا يعرفهم الناس ، يكفينا معرفتهم البعض و هذا لا يحتاج كبير عناء و القاعدة هنا مطلقة "أهل الحق يعرفون بعضهم جيدا.." ، .. ما ينقصنا هو توحيد مجهوداتهم في كيان واحد الجميع فيه متشاركون بقدر عظمة القضية..، الواجب أن يبدأ كل واحد منا بحصر من يعرفهم شخصيا و تنطبق عليهم صفات الناشطين التي ذكرناها قبل قليل و يتواصل معهم فهذه أول خطوة يمكننا القيام بها لتجميع جميع الناشطين و ربطهم ببضهم البعض فمن يعرفهم و يثق فيهم من هو جدير بثقتي يتحتم على أن أثق فيهم حتى و لو لم أعرفهم و من أعرفهم أنا و لا يعرفهم من يثق بي يتحتم عليه أن يثق فيهم،… بهذه الخطوة نكون بدأنا عمليا في بناء قاعدة عريضة من الناشطين يمكنها أن تتحدى النظام و تعقد مؤتمرا جامعا تحدد زمانه داخل السودان لا ينفض إلا و قد خرجنا بميثاق عمل ملزم نقود به الشارع للتغيير الذي ننشده من خلال العمل الجماعي ما يضمن امتلاكنا أداة نستطيع إستخدامها و لدينا القوة و الامكانات الكافية التي نعملها حتى تعيد للشارع نبضه الذي لم يعد موجودا إلا همسا على أضيق نطاق …، لا ينبغي علينا التسليم بالواقع لأنه نتج عن مسببات ذكرناها و يمكننا تغييرها بالطريقة التي حددناها، لا ينبغي علينا الانتظار أكثر من ذلك و ليبدأ كل فرد منا بحصر الناشطين المعروفين لديه و يثق فيهم و يتواصل معهم بهدف عقد لقاء داخل السودان حتى نتفق جميعنا على وقته و نبدأ العمل على الأرض. [email protected]