كنت حريصا على الحضور مبكرا إلى قاعة الصداقة صباح الخميس الماضي.. محاضرة ألقاها رئيس الوزراء الأثيوبي السيد هيلي ماريم ديسالين التي كان عنوانها (القرن الأفريقي- فرص منظومة اقتصادية).. طرح فيها بعض الرؤى التي أقرّ أنها ليست جديدة. قبل عدة أعوام تكرر نفس المشهد؛ كنت شاهدا على محاضرة ألقاها رئيس وزراء أثيوبيا الراحل ملس زيناوي في قاعة "تشرشل" بالفندق الكبير (هولدي فيلا حاليا)، وتحدث فيها عن الروابط التأريخية بين البلدين على خلفية زيارته الآثار في منطقة المصورات، صحبه الدكتور جعفر ميرغني، الذي أدار المحاضرة تلك. لماذا يحرص رؤساء أثيوبيا على إلقاء محاضرات والاتصال المباشر بالنخب السودانية؟، الإجابة مهمة جدا، سأعود إليها بعد أن أضع القارئ في المشهد. محاضرة السيد ديسالين أدارها الأستاذ سيد الخطيب، ورغم أنه كان مجرد مقدم إلا أنه- كعادة السودانيين عندما يناط بهم تقديم فعالية خطابية- ألقى ثلاث محاضرات- الأولى وهو يقدم الضيف، والثانية بعد انتهاء محاضرة الضيف، والثالثة وهو يختتم المشهد.. وعند فتح باب النقاش كانت المداخلة الأولى من مندوب الاتحاد الأفريقي، والثانية من البروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية، والثالثة السفير عثمان السيد، والرابعة الأخيرة السيد سفير كينيا بالخرطوم، خلاصة الأمر أن المداخلات كلها من شخصيات بحكم الوظيفة يفترض أنهم جالسوا رئيس الوزراء الأثيوبي كثيرا، ولهم به اتصال، كان الأولى أن يفسحوا الفرص لآخرين من الطليعة السودانية، التي أتوقع أن السيد ديسالين استهدفها بمحاضراته، ويتمنى أن يسمع صوتها في القاعة. أين أساتذة الجامعات السودانية؟، بالتحديد أين أساتذة الاقتصاد والعلوم السياسية، والخبراء السودانيين في مختلف التخصصات، الذين- ربما- كان رئيس الوزراء يبحث عن رأيهم، ويود الاستماع إليهم. طبعا- كالعادة- هنا في بلدنا المأزوم بالرأي الواحد.. منظمو المحاضرة حرصوا على ضمان الأبواب المغلقة أمام أي رأي لا يحمل الأختام الحكومية.. الخوف المستمر من التعرض إلى نسائم الهواء الطلق. ناتي إلى الإجابة عن السؤال الافتتاحي.. لماذا حرص رئيس الوزراء على التحدث كفاحا للنخب السودانية؟، بالطبع لأنه يبحث عمّا وراء الرأي الرسمي في إستراتيجية التعاون الإقليمي.. وبدلا عنه وجد نفسه مكبلا أمام نفس ما سمعه وراء أبواب الاجتماعات الرسمية. على قول سعد زغلول (ما فيش فايدة). التيار