لابد انكم قد طأطأتم رؤوسكم خجلاً وأنتم تستمعون لحديث زعيم الجنجويد السابق "موسى هلال" ، وكمّ الشتائم المقذعة التي وجهها إلى حليفه السابق "عمر البشير" وحكومته .. خصوصاً شتائمه البذيئة ضد "حسبو عبدالرحمن" ، نائب "البشير" ، ولكن بلا شك لم يتفاجأ أحدا منكم بالإنحطاط الذي ضرب الجانبين "الشاتم والمشتوم".. وشخصياً لم اتفاجأ ولم يصدمني حديث موسى هلال ، بل ما فاجأني هو ان الغضب قد بلغ منتهاه وبلغ التوتر أعلاه ، حتى وصل درجة "211" فهرنهايت ، أي انهم قاب درجة أو أدنى على درجة الغليان التي تسبق الإنفجار .. ذلك الإنفجار القريب الذي بدأت بوادره بإنفجار أخلاقي أحط بهم إلى قاع ليس له قرار ! لا شك ان بلادنا على أعتاب ثورة من نوع جديد .. ثورة ألفاظ يقودها زعيم قبلي وقائد مليشيا مسلحة .. ثورة تستمد قوتها وشكيمتها من إنحطاط وتفاهة الثاثر ومن يثور ضدهم .. وبالطبع لا يمكن لأي انسان عادل ان يدين "هلال" دون إدانة الحكومة التي يوجه سهام شتائمه نحوها .. لأنه ابنها وخريج مدرستها "السياسية" المنحطة التي أخرجت لنا نابي الألفاظ وفاحشها، وسجلتها بمداد من القيح والصديد في قاموسنا السياسي .. وطبعاً غني عن القول ان من أسس هذه المدرسة ووضع حجر أساسها هو "عمر البشير".. فهو كبيرهم الذي علمهم العهر ، وهو من أدخل فاحش القول ونابيه إلى القاموس السياسي .. وهو اللعان الفاحش الذي ما فتئ يرفع "حذاءه" فوق رأسه في لقاءاته الجماهيرية مردداً ساقط القول وفاحشه بلا أدنى احترام لذاته .. وهو الراقص السافل الذي يهز "وسطه" أمام شعبه بطريقة خليعة تأنف من القيام بها أي راقصة فاجرة في ماخور ليلي مظلم ! إذاً "موسى هلال" ليس نبتاً صعلوكاً نبت فجأة من اللاشيئ ، بل هو من سلالة عريقة في قلة الحياء والأدب ، سلالة تناسلت في بلادنا منذ ثمانية وعشرين عاما ونيف ، منها رئيسه ونائبه "حسبو"، وهذا الأخير بجانب سوء أدبه مع الله والناس ، اتضح بانه يعاني أيضاً من زيادة في هرمون الهطل وإختلال في انزيمات الخجل ، ولا غرو إذ لم يجد تعاطفاً من الناس حين وصفه "هلال" ب"الداعرة" في مفردتها الشعبية الأكثر بذاءة .. بل ولعن معه أباه واصفاً إياه ب" اللقيط" ! وبما انه لم ينم إلى علمي حتى الآن ما يؤكد بانه قد غضب وثار واشتكى – أقله حتى ينتصر لشرفه التناسلي – وبما ان هذا لم يحدث حتى الآن ، لذا وحتى ذلك الحين لن أكف عن تسميته إلا ب "حسبو بن أبيه " تيمناً بالقائد الأموي "زياد" الذي سُمي ب"زياد بن أبيه" لأن أباه لم يُعرف من لحظة ميلاده وحتى مماته! ولكن وحتى أكون صادقاً معكم، فقد أضحكتني حفلة الشتائم حتى كدت ان أسقط من مقعدي فرط الضحك .. أعرف بانه ليس هناك شيئ أكثر رعونة وغلظة من الضحك من منظر شخص يُهزأ ويمثل به أمامك .. خصوصاً وان هلال قد هزاءهُ وكال له الصفعات يمنة ويسارا، ونتّف ريش هيبته ريشة ريشة ، وجعله كالعهن المنفوش .. ولكن كيف لا أضحك والرجل يصف نائب رئيس البلاد بأنه "حرامي عدس" ! وأصدقكم القول انني لم أصدق مفردة "عدس" حين سمعتها إلا بعد إعادة التسجيل مثنى وثلاث ورباع .. فمن يصدق بان "نائب الرئيس" هو في الأصل "حرامي عدس" – يا للخيبة – ماذا ترك الرجل التعيس للصوص المنازل؟ ولكن يبدو ان الوضاعة ليست صفة أصيلة في الرجل الريفي، ربما هي وضاعة مكتسبة .. أكتسبها من قربه ومجاورته لرئيسه "السروق" وأشقائه ، جاورهم حتى صار مثلهم ، فاخوة البشير لم يخلق الله مثلهم في البلاد خسة ووضاعة ، بل انهم تفوقوا في هذا الشأن على "اخوة سيدنا يوسف".. يسرقون كل ما هو أمامهم: من البترول مروراً ب "صوالين الحلاقة" وحتى "درداقات" النقل البدائية! ولكن لم التعجب والإستغراب فالوضاعة والدناءة من سمات هذا العهد البائس الذي تعيشه بلادنا .. ولا استغرب إذا ما خرج "هلال" آخر من أوساطهم غداً ليحدثنا بان أحمد بلال مساعد البشير "حرامي فول" أو ان وزير خارجيته غندور " حرامي فسيخ" – مثلاً- فالأمر لا يتعلق ب "العدس" ، أوكما قال المثل الدارج " ال مش عارف يقول عدس" .. وإنما يتعلق الأمر بموت الضمير والخسة والدناءة والوضاعة ، فهذا النظام الفاسد سرق الله ذاته .. سرق كتابه وبيوته ودينه ، فغضب عليهم وأغرقهم في المخازي .. وجعلهم قبلة لكل مخزي ووضيع وعتل بعد ذلك زنيم .. وهاهو الرحمن الرحيم ينزع ستره الالهي عنهم ، ويسلط عليهم في هذه الايام المفترجة عدواً "سليط" من وسطهم جعل بأسهم بينهم .. ان بأسهم لبذيء.