منذ إصدار الرئيس الامريكي دونلت ترامب أمراً تنفيذاً بتمديد قرار رفع العقوبات الاقتصادية مفروضة علي السودان منذ عام 1997 لم تتخذ الحكومة الامريكية عن عبث إنما استندت علي مسوغات القانونية والموضوعية أدى الي اتخاذ هذا موقف حفاظاً علي أمنها الوطني ومراعاة لمبادئ الديمقراطية وحماية حقوق الانسان التي تبناها الولاياتالمتحدةالامريكية في العالم مما اصبحت بوليس الدولي تقوم بمراقبة سياسية الخارجية للدول. كانت من أسباب الجوهرية التي أدت الي فرض عقوبات ضد السودان هي انتهاج الحكومة الإنقاذ سياسة الاٍرهاب المنظم تقوم علي نهج الأيدلوجي متطرف ليست علي دول منطقة فحسب بل امتدت للعالم باسرة واعلنت عدوانها لأمريكا وقفت في معسكر معادي لها ورفعت شعارات الجوفاء وتراجعت عنها منظريها بكل حسرة مثل نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع أمريكا وروسيا قد دنى عذابها واعلان سياسة اعتماد علي الذات ومقاطعة منتجات الامريكية والي اخره من الترانيم و الاناشيد تم تحفيظها علي المواطنيين عنوةً وكذالك دعم منظمات التي صنفت بالارهاب مثل القاعدة والحماس وجيش الرب في يوعندا وغيرها من جهات متهمة بارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني. استمرار العقوبات بصورة روتينية من دون توقف خلال حكم الديمقراطيين برغم حدوث تقدم في كثير من مجالات قام النظام الخرطوم بطرد منظمات الإرهابية وتقديم ملفاتهم للحكومة الامريكية وتسليم بعض الإسلاميين والاهاربين مطلوبين دولياً الي بعض دول الغربية مثل كارلوس الذي سلم للسلطات الفرنسية كل هذه تسهيلات كانت بلا مقابل من الحكومة امريكية للسودان بل كانت ابتزاز من امريكان برغم اجتهادات الحكومة السودانية الا انها لم تكن مقنعاً لادارة الامريكية. من حسن حظ اصدر الرئيس السابق بارك اوباما قراراً قاضي برفع العقوبات عن السودان في الأسبوع الأخير من ادارتها في البيت الأبيض ومهلت السودان ستة الأشهر مشترطاً بخمسة مسارات يجب استيفائها حتي يتم رفعها نهائياً . في الحقيقة الامر تم رفع عقوبات المفروضة منذ اعلان القرار الا ان الأوضاع الاقتصادية لم تغيير بل تأزمت بصورة كبيرة ودخلت الحكومة في أزمة المالية لم تكن مسبوق في التاريخ الإنقاذ وارتفاع سعر دولار امام الجنيه السوداني وعجز الدولة من توريد احتياجاتها من الدواء وقطع الغيار والسلعة الرئيسيّة وغيرها . ظل النظام يسعي لتقديم مزيد من تنازلات خلال شهر متبقي من قرار مرتقب التي سيعلنة الرئيس ترامب اما برفعها نهائياً او ابقائها كما هي من دون تحديد فترة الزمنية حتى إشعار الاخر . رفع العقوبات عن السودان لم تكن عادياً في ظل انقسام الحاد التي تمر به البلاد بسب عدم وجود روية واضحة لخارطة مستقبل السودان كذالك عدم قدرة الحكومة استيفاء بالتزاماتها في مسارات الخمسة متعلقة سماح بانسياب مساعدات الانسانية في مناطق النزاع حدث تقدم ملموس في هذا اتجاه ووقف دعم متمردين في دولة جنوب السودان وهذا البند لم تستوفي بعد ظل موضع شك اما تعاون مع المخابرات الامريكية (CIA ) تم تنفيذها مائتين في المائة . وقف الحرب في مناطق النزاع دارفو وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق ما زال النزاع القائم بل تجدد بصورة اكثر ضراوة مقارنة بالعام المنصرم ، مقلق هنا عدم رفع اسم السودان من قايمة الدول الرعاية للارهاب حتى هذه اللحظة و تم تجددها واخطر من ذالك ، اللوبي في داخل أمريكا التي تتطالب بإبقاء العقوبات وتبرر بوجود حيثيات الموضوعية واسبابها مازال القايمة ممثلة في أعضاء البارزين في مجلس النواب من الجمهوريين والديمقراطيين اضافة الي مجلس الكنائس ومنظمات العاملة في مجال حقوق الانسان وايضاً النشطاء السودانيين في الخارج وبعض الأحزاب والحركات المسلحة التي وقفت سداً منيعاً من اجل استمرار العقوبات معللين اذا حدث ذالك سيشجع الحكومة للارتكاب مزيد من الانتهاكات في حق المدنيين وتوظيف عائدات الاستثمارات في تعجيج الحرب في البلاد . امريكان دائماً يبتز حكومات بهذه طريقة حتي يحققوا كافة مآربهم كما تعاملوا مع ايران في ملف الأسلحة الكيميائية بعد مفاوضات ماراثونية توصلوا في المطاف الي تدمير الترسانة مفاعل النووية مقابل رفع العقوبات المفروضة علي ايران بالفعل حدث ذالك برغم تخوف الادارة الامريكية من توجهات الحكومة الإيرانية في العالم . رفع العقوبات عن السودان ربما يخلق مزيد من كوارث اذا لم تحسم مشكلات العالقة في البلاد خاصة ملف دارفور التي تجدد بشكل اخر بعد انضمام بعض قيادات الجنجويد الذين تمردوا علي النظام واعلنوا الحرب ضدها وتوتر علاقتهم بالنظام وايضاً محاولات الجارية الان لتوحيد دارفوريين في حلف موحد . وسيطرة الثورة التصحيحية في الحركة الشعبية جناح شمال بقيادة الجنرال عبدالعزيز الحلو وتحكم ابناء جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق علي زمام الأمور في الحركة وابعاد قيادات عقار وعرمان متهمين بإفشال مشروع الثورة لتحقيق مآرب الخاصة . في هذه الايام تشهد الواشنطون نشاط غير مسبوق للمعارضة السودانية من جهه والحكومة من جهه اخرى ممثلة في وزير الخارجية دكتور غندور رئيس الوفد الحكومي مفاوض مع الادارة الامريكية وطاقمها في الولاياتالمتحدةالامريكية وفِي مقابل نظم النشطاء السودانيين حملة مناهضة لرفع العقوبات هذه مرة لم تكن الكرة في ملعب المعارضة بسب تدخل السعودية في خط لاقناع أمريكا لرفع العقوبات عن السودان التي اصبحت حليف الاقوى بسب زج ابناء السودان في محرقة اليمن مقابل جلب الدعم لسد احتياجات الدولة في ظل شُح الموارد برغم تطمينات السعودية للسودان برفع العقوبات عنها قد غيب امال الحكومة الخرطوم بعد قرار الرئيس ترامب الأخير . بالفعل سعت الخرطوم لتنفيذ مزيداً من مسارات الخمسة المذكورة آنفاً حتى لا يقع في مصيدة الادارة الامريكية مرة اخرى ولكن هيهات هيهات لا صوت لمن تنادي الان تشير عقارب ساعة الي عد التنازلي، القرار ترامب القادم سيحدث نعمة او نغمة للسودان. [email protected]