زار احد الاصدقاء (الخلص ) دولة كينيا وصادف وجوده الاحتفال بمناسبة اعياد راس السنه وفى احد المقاهي وجد بريطانيا عجوزا جاوز عمره الثمانين , فوجد فرصة تجاذب اطراف الحديث معه , انتهز صاحبنا الفرصة التاريخية لكى يسأل السيد الخواجة عن السر في ان تكون كينيا ومدنها بهذه الأناقة والرقى ولماذا ظل السودان بهذا البؤس مع ان الدولتين كانتا ضمن الإمبراطورية العظمى (سابقا ) وجد الخواجة في هذا السؤال شيئا من ذكريات عاشها في السودان ابان الحكم الإنجليزي حيث عمل ولأكثر من عشرة سنوات اداريا بمديرية الخرطوم وبعد السؤال عن السودان احواله قال الخواجة لصاحبنا وبلهجة حزن واضحه يا آخى انتو خليتونا نشتغل عشان نصلح البلد , نخلص من المهدى ونخلص من عبد الفضيل الماظ يطلع لينا جماعة اليد السوداء والجمعية الوطنية حتى تركنا لكم الامر وعلى حسب رغبتكم . ومع احترامنا وتقديرنا لمجاهدات الوطنيين الشرفاء من اجل الاستقلال والحرية (بس استعجلنا شويه ) . وحال السودان كحال اهل شطايا والنواحي الاخرى من ما تبقى من الوطن لم تكن بعيده او مستعصية على زيارات الساده الرؤساء السابقين في الحكومات الوطنية ولكن على طريقة الخواجة لم يترك العسكر لتلك القامات وقتا او فرصة لكى يتفقدوا احوال الرعية وهنالك ما هو اهم من الزيارات والمجاملات واللقاءات الاحتفالية والخطب الهتافيه الانفعالية التي تُسمِع ولا تغنى من الفاقة ولا تفي بمتطلبات الانسان السوداني في الاقاصي او حتى في قلب العاصمة المثلثة التي ترقد على ضفاف الانهار والنيل العظيم ويعانى قاطنوها من العطش والماء العذب وبعضا من الصحة في البيئة والبدن وشيئا من التعليم المفيد وكسرة خبز وبعضا من ملح وتمر .اذن استخدام الرقم الكبير في عدد السنين ( 47 سنه ) التي خلت من الزيارات الرئاسية لم تكن ذات اهميه او وزن ولكنها الطريقة الانقاذيه في ادارة شئون البلاد والعباد واستخدام كل شيء من اجل الدعاية والاعلام المُضَلل والمُضِلل الذى اعطى الزيارة حجما وشكلا , وتحدث المتحدثون ومحللوا آخر الزمان من اعلى المستويات بزعامة نقيب الصحفيين وبعضا من الارزقيه والمتسلقين , حمانا الله . ان كلما قامت وتقوم به قيادات انقلاب الانقاذ كلها تصب في خانة الأثارة الإعلامية والترويج لبعض البرامج التي تم التبشير بها في عدة مناسبات ولم ينفذ منها سوى وضع حجر الاساس الاحتفالي الشرفي ومن بعدها يتكفل المواطن بتكملة البناء او المشروع بعد ان يسدد رسوم الاتاوات عن المبالغ المحصلة للرئاسة والولاية والمحلية , وتظهر الحكومة عند الافتتاح وقص الشريط الاحتفالي . اذن الموضوع كله احتفال في احتفال وهتاف اجوف وشعارات باهته تصلح للأعلام والاعلان فقط وهى زياره معنويه وليست عمليه واستعراض لعضلات الحكومة وامعان في تحدى المواطنين لا ثبات الوجود ونكأ الجراحات والرقص على اشلاء الشهداء اولاد البلد وما معسكر( كلما ) عنكم ببعيد . واذا كانت الزيارات بهذه الطريقة التي تكلف الوطن الجهد والمال والارواح فأننا ندعو الله مخلصين ان يجنب الامه السودانية شر الزيارات الرئاسية بكل مستوياتها ومسمياتها ووزرائها وولاتها ومعتمديها واكفنا شرهم بما شئت فانهم لا يعجزونك يا قدير . من لا يحمل هم الوطن — فهو هم على الوطن . أللهم يا حنان ويا منان ألطف بشعب السودان — آمين .