أوردت صحف يوم امس خبر القاء القبض على الداعية السلفي المثير للجدل مزمل فقيرى بتهمة الردة واتهامه بالإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم وآل البيت والصحابة وتلفظه ببعض الألفاظ البذيئة والمشينة في حقهم وبعد ان تم استجوابه والتحرى معه في نيابة الكلاكلة ، واستمعت النيابة الى اقوال شهود الاتهام ، فتح بلاغ تحت المادة (126) الردة ، ومن المتوقع ان يعرض على جهات بهدف استتابته والطلب اليه الرجوع عن اقواله وبخلاف ذلك فانه سيحاكم بتهمة الردة وهي تهمة تصل عقوبتها للاعدام عند ثبوتها لدى المحكمة .. وقد سبق للسلطات اعتقال فقيرى وافرج عنه بعد التراجع عن افادات تتعلق بتكفير المجتمع . السنوات الماضية شهدت تزايد أعداد المتشددين وبعضهم بايع ( داعش ) على السمع والطاعة معلناً الخلافة في ولاية الحبشة ( السودان جزء منها ) ، وسط تخوفات من وجود خلايا نائمة تسللت للبلاد من دول الجوار ، خاصة العناصر السودانية التي التحقت بداعش وشاركت في القتال في ليبيا ومالي وسوريا والعراق ، في ذات الوقت يلاحظ تواتر معلومات عن ازدياد مضطرد لاعداد اللادينيون أو الملحدون خاصة وسط الشباب (20-30 سنة ) ، بزعم ان الوسائط الاجتماعية لعبت دوراً كبيراً في تنظيمهم فأقاموا المواقع الالكترونية التفاعلية، ربما توجد مبالغة فى تقدير اعدادهم ، و لعل تخوفات من يعنيهم الامر من المختصين فى شؤون المجتمع يعود للعلاقة الطردية بين الاسراف فى شكل التدين و جعله جزء من المظهر ، و بين السلوك العملى للمتدين ، و في تكرار العبارات الدينية ( جزاك الله خيراً ) ، ( سبحان الله ) و ( ان شاء الله ) ويبلغ الامر بأحدهم ان يرد أمراً يستطيعه الى مشيئة الله لشرعنة عدم القيام به ان كان واجباً عليه ، او حقا في عنقه ، و تباعد الفعل عن القول و خاصة عند زمرة من بيدهم الامر ، و مبعث ذلك ان بعض من يدعون التدين متهمون فى ذمتهم المالية ، و الاخلاقية ووجب ان يسالوا من اين لهم ذلك ، منذ انقلاب الإنقاذ 1989 تبنت الحكومة ما أسمته بالمشروع الحضاري، وحاولت تطبيق نموذج للشريعة الإسلامية، لم يعجب الكثيرين، ووجد معارضة من شريحة واسعةمن المجتمع السودانى، و لم يلب طموحات و آمال الشباب وهم يتطلعون الى المستقبل ، و تم فصل الجنوب بسبب شعارات المشروع الحضارى ، دون ان يكون هناك مشروع ناهيك ان يكون حضاريآ، و اغتنى اهل الحكم دون غيرهم ، و اثخنوا فى البلاد حروبآ فتمزقت شر ممزق ، فى ظل غياب اى امل فى الاصلاح ، وفى مناخ من انعدام الحريات ، واغلاق باب انتقاد النظام حتى لبعض بنى جلدته فخرج سائحون و انقلابيون و اصلاحيون ، و عاث من تبقى فى حظيرة الحزب الحاكم فسادآ و افسادآ و صراعات وصلت التشابك بالايدى ، واخراج الملفات لمن قتل و سرق و خان ، لا شك ان الرؤى التبست علي الناس و في مقدمتهم الشباب الذين نشاوا فى ظل الانقاذ ، فاختلط عليهم جوهر المصادر الصحيحة للإسلام، و سلوك اهل الحكم و المشروع الحضارى الذى لا يمت للاسلام بصلة ، لذلك فلا يمكن لوم الملحدين او المتطرفين على غلوائهم ، لوموا انفسكم لانكم لم تقدموا النموذج الصالح ليهتدى به ، لاشك ان امامنا سنين طويلة لادراك حقيقة الاشياء ، قبل عشر سنوات قال الرئيس البشير ( لو امريكا رضت علينا معناها نحنا فارقنا الشريعة و الدين) ، الركابى وزير المالية وهو يتطلع الى رفع العقوبات الامريكية قال ( ببركة عاشوراء ربنا يسخر لنا رفع العقوبات ) ، وقبله قال نافذون ان الاوضاع الاقتصادية المترديه التي تعيشها البلاد هي ابتلاءات ورفعوا شعارات ( الاستغفار .. لرفع غلاء الاسعار ) ، أليس هذا سببا كافيا ليوجد بيننا ملحدون ومتشددون ! الكاتب ليس متعاطفاً مع المتدينون ولا اللادينيون فالاثنين خارج السياق العلمي والتاريخي . الجريدة