لا أحب الإدعاءات الكذوبة ولا أدعي شجاعة أكثر من غيري، ولا أتكسب من الفرص السهلة والرخيصة، ولا أحب السير إطلاقاً مع القطيع، خاصة القطيع الذي تقوده الذئاب، كما لا أحب التباهي والنفخة الكاذبة، ومع ذلك اعترف – والحق يقال – كثيراً ما أتباهى وأشكر الله كثيراً أن أخرجني من رحم الشعب السوداني، ذلك الشعب الكريم المقدام المهذب الوفي الصدوق الشجاع الصبور الحليم، الذي تتعدد صفاته وخصاله الحسنى حتى تكاد أن تصل إلى أسماء الله الحسنى عدداً، بل وكأن الله جل شأنه كان يقصد الإنسان السوداني حين قال: «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم»، بالطبع قبل أن يحكمنا مأفون أرعن يعمل بإصرار دؤوب على أن يخالف سنة الله وينزل بنا إلى أسفل سافلين! من عبقرية هذا الشعب العبقري مقولة: «إن شاء الله يوم شكرك ما يجي»، أي أتمنى ألا يأتي يوم أمدحك فيه أمامك، إذ أن السوداني هو الوحيد بين أمم الله ونحله الذي لا يحب أن تمدحه أمامه، تواضعاً واحتراماً، لذا ارتبطت هذه المقولة بيوم الوفاة، حيث تعدد في ذلك اليوم محاسن الميت وصفاته وأعماله الجليلة، والتي كثيراً لا يعلم بها حتى أفراد أسرته! ولكني اليوم سأفارق ما تواثق عليه جميع السودانيين وأتحدث عن شخص يعيش بيننا، مع تأكيدي له «إن شاء الله يوم شكرك ما يجي». عن أخي ومعلمي وأستاذي وصديقي الأستاذ «الحاج وراق» أتحدث، لن أتحدث عن أخلاقه ووطنيته ومحاسنه الكثيرة، التي لو أردت الحديث عنها لنفذت كلماتي قبل أن تنفذ خصاله ومآثره، ولست هنا للدفاع عنه أمام الهجمة الإعلامية المسعورة التي تستهدفه عقب حديثه، أول أمس، لقناة مصرية عن الأزمة المصرية – السودانية بعد زيارة «أردوغان»، لأن هذه الحملة ولدت وهي تحمل شهادة وفاتها، إذ أنها استندت على ساقين كسيحين، وهما: أن وراق عميل وخائن يقبض من مصر، وأنه جبان لا يستطيع الحديث عن حلايب المحتلة! أما الأولى فأشهد الله أن الأستاذ وراق رفض ولا يزال يرفض مجرد العمل في أي مؤسسة مدنية ترتبط بأي قوى استعمارية – أقول العمل في مؤسسة مدنية ناهيك عن العمالة لدولة – وقد رفض الكثير من عروض العمل من ذلك النوع الذي يسيل له لعاب رئيسهم، وآخرها عرض قدمته له مؤسسة مدنية أمريكية مرموقة، وكنت أنا من كتب رد اعتذاره عن العمل، إذ كان وقتها لا يجيد الكتابة إلكترونياً، أو «أمي إلكترونياً» كما يحب أن يطلق على نفسه، كتبت ذلك الرد بيدي التي أكتب بها هذا المقال – والله على ما أقول شهيد – وعندما سألته عن السبب، ضحك قائلاً:عملنا ورزقنا على الله، ومن يقف مع الشعب السوداني يغنيه الله. وأما قوله في «حلايب» الثكلى، فلن أتحدث عن ذلك كثيراً، إذ يمكن لأي شخص التحقق من ذلك عبر الكتابة على «قوقل» عبارة: «وراق حلايب»، فهو من قال بسودانية «حلايب» عندما صمت الصامتون! بل وجه سؤالاً لم يجرؤ الذين في أفواههم «جراد» الحرام من المال العام على سؤاله: كيف انتهت حلايب إلى ما انتهت إليه؟! ألم يكن السبب الرئيسي مؤامرتهم الإرهابية بمحاولة اغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في أديس أبابا؟! مغامرة انتهت باصطكاك ركب المتآمرين فسارعوا إلى قتل «إخوانهم» من الشهود بدم بارد ثم سلموا الأرض للتغطية على خيبتهم! فيالها من وطنية ويالها من أخلاق! يا أيتها الكلاب المسعورة اصمتي ، هانذا أقولها لكم من قلب القاهرة: حلايب سودانية، والفشقة سودانية، ووراق وطني، وأما الخائن العميل فهو ذلك المأفون الذي يتنقل كما العاهرة من فراش إلى آخر! حسبك يا وراق انك لم تدلس أو تملس .. حسبك انك لم تسرق .. حسبك انك لم تقتل .. حسبك انك لم تفرط في الأرض والعرض .. حسبك يا وراق انك لست عمر البشير!