ميزانية أخرى للغلاء والخراب الاقتصادي د. صدقى كبلو قدم وزير المالية مشروع الموازنة العامة للمجلس الوطني في الرابع والعشرين من ديسمبر 2017 ليمنح أعضاءه والمواطنين خمسة أيام فقط لمناقشة المشروع في كافة المستويات والقراءات متعمدا قفل الطريق أمام المواطنين والقوى السياسية من أن ينالوا الوقت الكافي لدراسة المشروع وابداء آرائهم وتعبئة الجماهير حوله، وهذه الممارسة غير القانونية وغير ديمقراطية في آن واحد هدفت لتمرير مشروع الموازنة عبر المجلس بأغلبية نواب المؤتمر الوطني دون مشاورة حلفائهم لتعزز صدق حدس الشيوعيين وبعد نظرهم فيما سمي بالحوار الوطني ذلك أن المؤتمر جبل على ألا يسمع إلا صدى صوته في قضايا الوطن عامة. إن هدف السلطة هو تمرير مشروع الميزانية المعادي لجماهير الشعب والذي يزيدها حرمانا وافقارا، ذلك أن الميزانية والسياسات المصاحبة لها: 1 – رفعت السعر الرسمي للدولار بنسبة 230% من 6.9 جنيها إلى 18 جنيها فاتحة الباب واسعا لزيادة أسعار كل السلع المستوردة الاستهلاكية ومدخلات ووسائل الإنتاج ولا يقلل من ذلك الغاء الرسوم الجمركية والرسم الإضافي وضريبة التنمية على مدخلات الإنتاج إذ أن مجرد زيادة سعر الدولار بدون رسوم يزيد هذه المدخلات ب 260%، وقد اختارت الميزانية تخفيض رسوم بعض الواردات ولكنها لم تشمل أي سلعة ضرورية فخفضت رسوم البكاسي ومصنوعات الألمونيوم. 2 – أن الميزانية تعاني من عجز ضخم يصل إلى 83 مليار جنيهاً وما يساوي 40% من الميزانية العمومية البالغة 210 مليار؛ ويبلغ 4.5% من اجمالي الناتج القومي وهذا خلاف ما تدعيه من أن العجز يبلغ فقط 28 ملياراً (2.1% من اجمالي الإنتاج الإجمالي) ذلك أنها تخفي العجز الأضخم (55 مليار جنيه) تحت بنود التمويل من الاستدانة الداخلية والخارجية، وهي موارد لا تملكها الحكومة انما تستدينها لسد العجز، وينعكس هذا العجز على الاستدانة مما يؤدي لرفع كمية النقود التي يصدرها البنك المركزي دون أن يكون مقابلها أي زيادة في الإنتاج مما يعني رفع أسعار السلع والخدمات واطلاق عنان التضخم مما يجعل تنبؤات الميزانية في كل من معدل زيادة الكتلة النقدية (%19.5) وزيادة معدل التضخم ب 18% غير واقعية و فيها تضليل للناس؛ خاصة أن الميزانية قد سبقها رفع أسعار الكهرباء في القطاعات المنتجة الصناعية والزراعية، ورغم تراجع الحكومة عن الرفع في القطاع الزراعي إلا أن أسعار الكهرباء في القطاع الصناعي ستساهم في رفع أسعار السلع الصناعية وتدفع بكل الأسعار نحو الارتفاع. 3 – أن الميزانية تستمر في نهجها الخاطئ في تخصيص الموارد بين المركز والأقاليم إذ تصر على نيل المركز 72% والولايات 28%، معمقة في ذلك التنمية غير المتوازنة والتوزيع غير العادل للثروة والخدمات مما يعمق شعور مواطني الولايات بالظلم والتهميش وفي هذا خطر على الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي والاجتماعي. 4 – أن الميزانية أيضا تستمر في النهج الخاطئ في توزيع موارد الدولة بين الأجهزة السيادية (رئاسة جمهورية، مجلس وطني ومجلس ولايات ومجلس الوزراء) والبيروقراطية في الوزارات الاتحادية والولائية وأجهزة الأمن والدفاع والأمن والمخابرات والدعم السريع مهملة التعليم الذي خصص له 3.6% وهو أقل مما تصرفه دول الجوار وما أتفق عليه في الالفية الثانية، وتخصص 2.1% فقط من الميزانية للصحة وأن ما خصص من ميزانية الولايات للتعليم والصحة بالكاد يغطي منصرفات العاملين بهاذين القطاعين من معلمين وأطباء وكوادر مساعدة. 5 – أن الميزانية تهمل القطاعات الإنتاجية تماما فهي لا تخصص ما يكفي لإصلاح الري بالمشاريع المروية أو لزيادة الإنتاج والإنتاجية في القطاع المطري. 6 – سيستمر العجز في الميزان التجاري (أكثر من 2 مليار دولاراً) وسيستمر العجز في ميزان المدفوعات. 7 – وعدت الميزانية بتوظيف 60 ألف في الخدمة المدنية والعسكرية وهذا لن يؤثر كثيرا على معدلات العطالة وسط الخريجين فيما تهدف سياسة الحكومة زيادة العطالة من خلال الخصخصة والتشريد ولا نجد معنى لزيادة التوظيف العسكري بينما تدعي الحكومة إحلال السلام، ولا نرى اهتماما أو وعدا بتوظيف خريجي الكليات الطبية والكليات الصحية والفنيين الصحيين الآخرين، وهناك نقص كبير في الكوادر في المستشفيات الحكومية وهجرة دائما لكل قطاعات العاملين في الصحة، كما أنه لم يتخذ أي قرار بتوظيف خريجي كليات التربية رغم النقص الفظيع في عدد المعلمين في كل مستويات التعليم العام. ليس غريبا أن تنهج الميزانية هذا النهج لأنها ميزانية تعبر عن تحالف الرأسمالية الطفيلية مع رأس المال الأجنبي وتتبع وقع الحافر توصيات صندوق النقد الدولي حول تعويم الجنيه ورفع الدعم في خطوات متتالية. إننا ندعو جماهير الشعب لرفض هذه الميزانية والتعبير عن رفضهم بكل الأشكال السلمية. هذا وستصدر اللجنة الاقتصادية لحزبنا دراسة تفصيلية للميزانية لعام 2018.