مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    ماذا بعد انتخاب رئيس تشاد؟    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    500 عربة قتالية بجنودها علي مشارف الفاشر لدحر عصابات التمرد.. أكثر من 100 من المكونات القبلية والعشائرية تواثقت    مبعوث أمريكا إلى السودان: سنستخدم العقوبات بنظام " أسلوب في صندوق كبير"    قيادي بالمؤتمر الشعبي يعلّق على"اتّفاق جوبا" ويحذّر    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصيحة إلى الشيخ السنوسي وبقية إخوان السودان
نشر في حريات يوم 09 - 06 - 2011

لو تركت لحكمي الخاص لما رأيت فيما كتبه الشيخ إبراهيم السنوسي على جريدة التيار 1/يونيو/2011 تحت عنوان :
(السنوسي يرد على هجومات الصادق المهدي) ما يستحق التعقيب أو التعقب، ذلك أنه بعد اضطلاعي على ما كُتب وجدته مثيرا للحزن والشفقة أكثر من إثارته لأية مشاعر أخرى : على صاحبه، وعلى السودان و على بعض بنيه من الذين لم يفلح العلم ولا سنوات العمر المتطاولة في إضفاء الوقار على ما يقولون ويكتبون بتحري الصدق والموضوعية وإبداء الندم على ما جنته أيديهم على السودان الذي آواهم وتسامح مع حركتهم المشتطة وقد حاربتهم جميع الدول في محيطنا فكان على السودان جزاء سمنار: بدل الشكر والعرفان الموت والتمزيق إربا اربأ .
أما ما يميت كمدا فتحكم نهج من ذكرنا على مفاصل البلاد ومصائر العباد سنينا عددا في دولة الوطن (بصورة غير مباشرة في سنوات مايو الثمانية الأخيرة من عمرها، وبصورة مباشرة بما يربو على العشرين عاما –أزالها الله ،هي فترة دولة الإنقاذ الحالية غض النظر عن المفاصلة بين شعبي ووطني منذ 2004 حيث يسّيرها المؤتمر الوطني بالسياسات التي اختطها أهل المشروع الحضاري في نسخته العشرية الأولى).
لكني لم أُترك لنفسي وتقديراتها وكلمني بعض من أثق في حكمهم وأحترم رأيهم بوجوب التصدي لما كتبه السيد إبراهيم السنوسي ولأضفي الحماسة إلى قلمي بالعثور على هدف أسمى من مجرد التعقيب على كلام هو في نظري مجرد(حكي فالصو) لا تقيده مراجع ولا يسنده منطق ولا واقع، قررت تعميم النصح لكل أنصار (الحركة الإسلامية) في السودان بمختلف مسمياتها.. على رأسهم الستة الذين أسند لهم مجلس شورى الجبهة الإسلامية تنفيذ الانقلاب ومن ضمنهم صاحب الردود على هجومات (صادق المهدي)-الشيخ إبراهيم السنوسي وتضم القائمة يس عمر الإمام،علي عثمان محمد طه،عبد الله حسن احمد،علي الحاج ،عوض الجاز ويرأسهم د.حسن الترابي ،النصيحة هي:أن حان وقت التبرؤ من سكة الانقلاب بعبارات واضحة لا تغبيش فيها.
ثم أتى هذا الانفجار الدموي المؤسف في جنوب كردفان والذي نترحم على ضحاياه ، ليذكرنا بأن الشيخ السنوسي الذي كان من أوائل ولاة جنوب كردفان في إنقاذ (العشرية الأولى) وهو المسئول الذي أفسد الحياة السياسية فيها بتسيس الإدارة الأهلية وزرع الفتن بما يجيدون من سياسة فرق تسد وكشكش تسد وتلك بضاعة اخوانية خالصة لا شأن لها بالانشقاقات أو المفاصلات تحل متلازمة مع الركب الاخواني بأي بقعة حل أو اتكأ!
الحركة الإسلامية وبحسب ما ذكره المحبوب عبد السلام في كتابه (دائرة الضوء وخيوط الظلام: تأملات في العشرية الأولى لنظام الإنقاذ) ود.علي الحاج في حواره مع سودانايل الذي أجراه عبد الواهب همت في 9 فبراير 2010، قد وافقت بما يقارب إجماع مجلس شوراها وعددهم 60 شخصا على الانقلاب وسيلة لتسلم الحكم ولم يشذ عن ذلك سوى 4-5 (كما ذكر د. علي الحاج) منهم د.الطيب زين العابدين ولكن علي الحاج لم ينقل لنا أن هناك من اعترض على الانقلاب من حيث المبدأ على أساس أنه غدر وخطر لا يمكن معه إصلاح ،فقد كان حديث المعترضون منصبا على أساس الخوف من الخطر الذي قد تتعرض له حركتهم حال فشل الانقلاب وقول البعض بوجوب عدم الانقضاض على الديمقراطية .
بل ذكر علي الحاج في ذلك اللقاء أنهم كانوا يفكرون في الانقلاب منذ انقلاب الفريق عبود(1958) وبدئوا بإعداد كوادرهم في الجيش منذ 1979 (وتلك جريرة تفوق الفعل الانقلابي نفسه في نظري إذ تفسد الجيش الآن وفي المستقبل) !
ربما لم يكن من حسن السياسة أن يمسك المعارضون في تلابيب بعضهم بعضا لكن مثلما نطالب الحكومة بأنه لا يمكنها رتق الجرح بغير تنظيفه كذلك نقول لمن هم في المعارضة لابد من تطهير الصفوف وألا يسمح لكل هماز مشاء بنميم أن يرسل الأقوال والاتهامات دون ضبط لها بالمراجع والتوثيق وأول الكلام لا بد لمن يريدون التغيير الإقرار بذنب الانقلاب والتعهد بعدم التكرار.
أعلم أن بعض النصح في مرارة العلقم وألم الجراحة ولكن لابد مما ليس منه بد ما خاصة وبيننا الوطن الذي يضيع كما يتسرب الماء من بين أصابع اليد.
ظل الناس يقبلون بانضمام الشعبي لصفوف المعارضة على مضض و بغير حماسة بل بتشكك يُجاهر به في بعض الأحيان لكنه مستعر تحت الرماد، والسبب الرئيس من وراء ذلك هو أن السودانيين أذكياء يفهمون أن حزب المؤتمر الشعبي حزب انقلابي لم يعلن توبة صريحة أو مستترة إدانة للنهج الانقلابي. بل إن منسوبيه يصرحون جهارا عندما يسألون، عن هل ندموا على الانقلاب بالنفي (مثل تصريح د.علي الحاج الذي أقر
(نعم أنا مع الانقلاب لكن النتائج التي وصل إليها الحال اليوم أنا ضد ذلك تماما والعبرة بالنهايات- في الحوار المذكور أعلاه(ومثل تصريح السيد إبراهيم السنوسي نائب أمين المؤتمر الشعبي (لست نادما على الانقضاض على الديمقراطية)
وأضاف قائلا(والكثيرون انقضوا عليها قبلنا ويتحدثون اليوم عن الديمقراطية و ما الغضاضة أن نتحدث نحن عن الديمقراطية)
جاء ذلك في إطار برنامج إذاعي مباشر جمعه مع كل من الدكتور عبد النبي على احمد(رحمه الله) والسيد محمد المصطفي من الحركة الشعبية أذيع يوم الخميس 15/6/2006).
ولا بد من التذكير هنا أنه ليس صحيحا أن هناك آخرون( انقضوا على الديمقراطية) ثم قلبوا الصفحة وصاروا يتحدثون عنها بلا خجل ولا وجل بل ينصبون زعيمهم الذي وأد الديمقراطية إماما للحريات! فمثلا بالنسبة لحزب الأمة عرضت فكرة الانقلاب داخل مجلس إدارة الحزب المكون من 15 شخصا،والثابت أن 13 من 15 بينهم رئيس حزب الأمة(السيد الصديق المهدي)حينها رفضوا الانقلاب مهما كانت الذرائع وقام عبد الله خليل بخطوة تسليم الجيش منفردا لعبود في 1958 من وراء ظهر الحزب وقد أيد الإمام عبد الرحمن الانقلاب بخدعة ظنا بأن البلاد يتهددها خطر انقلاب مصري، لكن مهما يكن الأمر فموقف الحزب ثابت وموثق ولا يمكن المغالطة فيه.
كذلك مهما كان رأينا في مسئولية الشيوعيين عن مايو فهم يزعمون أن الحزب لا دخل له في تدبير الانقلاب.بينما لا ينكر المؤتمر الشعبي ومنسوبيه مسئوليتهم عن الانقلاب ولا توبتهم عن ذلك الفعل المدمر ليطمئن الآخرين بأن التوبة والإدانة ربما تعني الإقلاع .
من أهم الدروس والعبر أن الديمقراطية لا يمكن استدامتها إلا إن أمنت الانقلابات واقتنع الناس بمبدأ التداول السلمي للسلطة وخضوع المؤسسة العسكرية للقيادة السياسية.
كنا قد ذكرنا مرارا وتكرارا أننا في حزب الأمة لا نتوق لشيء أكثر من توقنا لفتح ملفات التاريخ وإعادة قراءته. فنحن نعلم أن ذلك سينصفنا ويوضح للعامة وللخواص مدى التخليط الذي فُعل في كتابة تاريخ السودان الحديث.ويكفي هنا لتوضيح ما سنجنيه من فوائد ،الاستشهاد بما وجده المؤرخون السودانيون أمثال بروف حسن احمد إبراهيم ود. ابو سليم وآخرين كثر عن كم الظلم الذي طال الأنصار وحزب الأمة والإمام عبد الرحمن على وجه الخصوص من جراء ذلك التخليط.
وما الذي يقول به السيد السنوسي إلا محاولة يائسة لطمس الحقائق وتلطيخ السير وشهودها حاضرون سيرا في طريق تخليط التاريخ.
لا نعتقد أن تتبع ما ذكره من مغالطات وتفنيده بوثائق حاضرة مما تتسع له الصحف السيارة سطرا بسطر. كما أن اتهاماته أتت في تفاصيل متناثرة لا رابط بينها: عن نشاط الجبهة الوطنية المعارض في الخارج وحركة 2 يوليو76 والمشاركة في مايو (يجد القارئ تفاصيل وافية عن كل ذلك في كتاب الإمام الصادق المهدي وعنوانه:المصالحة من الألف للياء) .
نستطيع هنا فقط محاولة وضع أقواله في حجمها الصحيح بحصرها أولا ثم متابعتها إجمالا بما يثبت خطلها وخفتها.
يمكن حصر الاتهامات عموما في :
خيانة العهود والغدر، عدم الشورى، أخذ الأموال وصرفها على المتع الشخصية من إقامة في الفنادق لعدم تحمل الشدائد وقلة الصبر.
سنستعيض بالحقائق التي عددها الإمام الصادق في كتيب عنوانه :الوفاق والفراق بين الأمة والجبهة في السودان(الصادر في مارس 1995) مع إضافة بعض التعليق من جانبنا، عن تفنيد الاتهامات خاصة ما يختص بأخذ المال دون حق مما نعتقد عموما أن عفة يد الإمام الصادق وكونه يعطي لا يأخذ ظاهرة دون حاجة لمزيد ومن جانب آخر نرى أن على حزب الأمة أن يتقدم بشكوى ضد هذا الاتهام في ساحات القضاء وقد نال القذف رئيسه.أما الصبر وتحمل الشدائد فذلك ما نتركه لمن يعرفون الصادق وكيف أن البلايا والصبر عليها قد جلته كما حر الياقوت إن مساه البلا صفا وازدانا..
في معرض عرضنا لتلك الحقائق يجد القارئ الكريم من هو الأحق بتهم مثل الخيانة والغدر والتي يظهر بها كيف أن هذه الحركة المسماة إسلامية تجاوزا قد صبت خبثا ووبالا على كامل الوطن وخصت من قدم لها خيرا بأعظم شرورها.
عدد الإمام الصادق في المرجع المذكور 16 قضية للخلاف مع الجبهة الإسلامية:
- أحداث أبا 1970 والتي لعب الإخوان دورا نشطا في تصعيدها وازكاء نارها حتى انتهت بمذبحة دموية للأنصار في أبا وودنوباوي.
- انتفاضة شعبان 1973 والتي أدى كشف الدكتور زكريا بشير وهو من قادة الجبهة الإسلامية المشاركين في الإعداد، لتفاصيل الخطة المعدة في ندوة أقيمت في إطار التعبئة السياسية
بتسيير المواكب، إلى إجهاض كامل الخطة بعد تنبيه أجهزة الأمن.
- انتفاضة 2 يوليو 1976 والتي نجحت فيها تدابير الخارج من تجهيز للناقلات والمجاهدين(وهم 1000 أنصاري و50 من الإخوان) ودفن السلاح وكل التجهيزات لكن المشاعر السلبية بين كوادر الأمة والجبهة في الداخل وفي الهجرة بسبب دور الاخوان في أبا وما حدث في شعبان جعل قيادة الإخوان تمنع المشاركة الشعبية لاسيما الطلبة وتنكص عن الاتفاق المسبق بتحريك الشارع خاصة الطلبة وتنظيمهم أفضل بسبب فتك السلطات بالكوادر الأنصارية بصفة أخص.
- المصالحة الوطنية وقد أدى إليها إضافة للتحالفات التي دخل فيها النظام السوداني بما يشكل ضغوطا جديدة على المعارضة ، البطش الشديد الذي واجه به النظام كوادر المعارضة بالداخل وعدم الثقة بين عناصر الجبهة وقد وافق الجميع على المصالحة ،بما هو موثق و قاموا بتفويض الإمام الصادق الذي حمل كفنه في يده وهو محكوم عليه بالإعدام وذهب إلى بورتسودان للقاء نميري دون أن يطلب ضمانا بالعفو مما أكبره الطاغية فبعض النفحات لا يملك الإنسان إلا أن يعجب بها.
وفي هذا اللقاء (الموثق) لم يطلب الإمام شيئا لنفسه أو لحزبه بل كان همه السودان والآخرين مما أكبره نميري. وكل ذلك موثق لا يستطيع المغالطة فيه كائن من كان. أفرزت المصالحة ثلاثة مواقف:موقف الأمة مع المصالحة بشروط محددة، رفض اتحادي بعد المرحلة الأولى،اندفاع جماعة الاخوان والانخراط في مايو دون شروط.وبموجبها كان دخول الاتحاد الاشتراكي والذي لم يكن الصادق فيه (قطة مغمضة) كما يقول أهلنا المصريون بل بذل للمايويين النصح وأراهم سبل الإصلاح حتى ضاقوا به وضاق بعدم استجابتهم مدركا أن ما انكسر لا يمكن إصلاحه بل يجب تغييره وفي سانحة كامب ديفيد التي أيدها النظام المايوي رغم المحاذير في 20/10/ 1978سارع الصادق بالاستقالة بعد مراجعة أجهزة الحزب في 21/10/78 أي في اليوم الثاني فقط ولم يكن قد مضى على المشاركة المشروطة مع النظام المايوي سوى ثلاثة أشهر فقط إذ كانت المشاركة في يوليو 78 ،لكن المصالحة لم تمض بغير فوائد فقد استفاد حزب الأمة في تلك الفترة من انفراج المصالحة المؤقت في لم الشمل بالداخل وجمع الصف فكانت سلسلة الحركات الاحتجاجية التي أدت في النهاية للانتفاضة الرجبية في 1985 بينما استمرت الجبهة الإسلامية في الحكم دون تقيد بخلق أو دين.
- قوانين سبتمبر:أيدوها رغم عيوبها المعروفة بل بايعوا النميري إماما للمسلمين وهو لم يكن يعرف (الستوت) تصام أم تصلى عند إعلانه (الشريعة البطالة) بحسبه.
- الإصرار على التشريع الإسلامي بموقف لا يعكس الإخلاص بل يدل على المتاجرة بالشعار منذ ثورة المصاحف في الديمقراطية الثالثة وغيرها من الشواهد التي وظفت للتمهيد للانقلاب على الشرعية.
- قضية السلام بين الموقف القومي الذي تبنته كافة الأطراف والموقف الحزبي الذي تبنته الجبهة بتطبيق فوري للشريعة ومواصلة الحرب جهادا لحين القبول بذلك بما أدى اليوم إلى فصل جنوب البلاد.
- تبني الانقلاب وسيلة للحكم .
- المزايدة في تبني ما أسموه اقتصاد إسلامي مع أنه يترك سعرا للفائدة أعلى مما هو عليه في البنوك العادية ومع أن دعاة الاقتصاد الإسلامي ربطوه بالبعد أو القرب من الإنتاج إلا أن المزاودون لم يعّتدوا بذلك الشرط وقد ارتبط نشاط ما يسمى بنوك إسلامية بالأنشطة الطفيلية من احتكار وغيرها.
- فرض الزكاة بتطبيق مشوه يجمع بينها وبين الضرائب ويوجبها بمسميات أخرى على غير المسلمين ويترك صلاحية أخذها لرئيس الجمهورية ..الخ.
- موقفهم السلبي من المهدية وهي الدعوة التي يجمع الرأي القومي على أنها أساس تاريخ السودان الحديث.
- مفهوم الجهاد الذي يتخذون فيه موقفا مضطربا يخاطبون الغرب بأن الجهاد دفاعي ويعبئون قواعدهم على أساس أنه هجومي.
- قضية التأصيل وفهمهم فيها يتجاوز التنوع الموجود في هوية بلادنا الدينية والقومية إلى فهم ضيق لهوية السودان بعد فصل الجنوب أورث البلاد حربا في دار فور واليوم حربا في جنوب كردفان وغيرها من الأنحاء.
- العلاقات الدولية وموقفهم فيها متناقض بين ادعاء الانفتاح والتحدث بتقسيمات الأقدمين للدنيا كدار حرب ودار سلام.
- الفتوى بشأن الشرعية حسب الظروف والحوجة.
- انفصام الشخصية بسبب الوصولية السياسية التي تعمد إلى شحن القواعد بلغة دار السلم ودار الحرب ومفهوم الجهاد القتالي وأمثالها بينما يدرك القادة فيهم ، أن لا مجال لتلك المفاهيم المعلبة ،في عالم اليوم مما جعلهم يناقضون مواقفهم ويصرحون بتصريحات متضاربة هدفها التعبير عن مزاج من يستمع إليهم أكثر من تعبيرها عن مواقفهم الحقيقية .
لا يمكن قفل هذا الباب دون إضافة المهلكات العشر التي قدمها الإمام الصادق كموبقات ارتكبها نظام الإنقاذ في زمن انتخابات ابريل وهي خوطب بها الوطني لتحكمه في مفاصل الدولة ولكن لا شك أن غرسها ورعايتها قام به أرباب المشروع الحضاري ولا تعفيهم المفاصلة من المسئولية :
الشمولية والقهر والانقلاب وسيلة للسلطة، تشويه الإسلام، تقرير المصير المؤدي للانفصال العدائي، تمزيق دارفور، الفساد، تصفية دولة الرعاية الاجتماعية وتوسيع دائرة الفقر والتردي الأخلاقي ،تصفية الخدمة المدنية بدعوى الصالح العام وتمكين المحاسيب، تمزيق الكيان القومي السوداني، التوتر مع دول الإقليم والعالم، تزوير الانتخابات (لا يهم عدم اشتراكهم في تزوير الانتخابات الابريلية تحديد فالتزوير هو ديدنهم حتى في مجلس شورى الجبهة الذي زور النتيجة ليأتي بدكتور غازي صلاح الدين في أوائل أيام الانقلاب كما وثق المحبوب بل هم مزورون بالسليقة الجبهوية).
تأسيسا على ما ذكر نستطيع القول باطمئنان غير منكور أن الحركة الإسلامية حركة ميكافيلية بدسم كامل تجعل الغاية مبررا للوسيلة ،صعدت أول أمرها على تحالف مع حزب الأمة عده الإمام الصادق- أول الأمر تحالفا طبيعيا بين أركان الاتجاه الإسلامي ثم ارتكزت على عصا مايو ثمان سنوات عجاف، أمدت النظام المايوي المتهالك بما يماثل عمره من سنين قبلها وما أن شبت عن الطوق حتى طرحت خيار الديمقراطية جانبا و اختطفت كل الوطن بانقلابها على الديمقراطية في يونيو 1989.
وما نرى في المفاصلة بين شعبي ووطني إلا خلافا على السلطة وليس المبادئ.بما شهد به أحد منسوبيها د التجاني عبد القادر بقوله (أن ذلك النزاع لم يكن في بداياته نزاعا حول المبادئ أو القيم أو الدستور أو الحريات أو”القضايا الأصولية والإنسانية” كما أراد البعض أن يصوره).
من الصفات الكثيرة التي أعلمها ويعلمها غيري عن الإمام الصادق سأكتفي بصفة واحدة يقتضيها المقام هنا وهي جنوحه للنهج القومي في كل أمر ، حيث أن حرصه عليه هو ما جعله يحاول ضم من يهاجمونه اليوم لسفينة الوطن على طول الخط بحكم أنه رجل يستفيد من التجارب ويأخذ العبر من الدروس وقد أدرك أن عزل الشيوعيين في الماضي أتى بمايو و لأن المؤمن صديق لم يتشكك في أن بذرة الخيانة الموجودة في تلك الحركة قدر ملازم لها .وقد أتى اليوم الذي يجب أن ندرك فيه أن المركب لن يتسع لمن يريدون إغراقه.
أخبرنا د.الحواتي في (ملاحظاته) في يوم 4/6/2011 بأن(صراع السودان الدامي من خلال أخطاء إدارة الأزمة أوقعت حكومته وبالتالي كل الوطن في شبكة الحكومة العالمية )
وسنصل بقول الحواتي إلى نهاياته المنطقية من أن ذلك هو الفشل بعينه ،فمن المسئول الأول عن هذا الفشل أو (الأخطاء الفتاكة) بقوله؟
لا نرتعب ولا نتردد في إسناد بعض هذا الفشل إلى المؤتمر الوطني المستمر باسم انقلاب الانقاذ ولكننا نقول إن المفاصلة التي وقعت وقد كانت على السلطة كما ذكرنا قد فصلت الرأس(ويمثله الشعبي) عن الجسد(ويمثله الوطني) وبينما نحمل الوزر والأخطاء للجميع ،نرى أن لومنا يجب أن ينصب جله على الرأس عله يذكر أو يخشى أما الجسد فكيف تنصح جسدا لا رأس فيه؟ الجثث ليس لها إلا الحانوتي يدفنها،فان أبى المؤتمر الشعبي الاستجابة لمطلب وحيد ذكرناه في هذا المقال وهو :التبرؤ إلى الله والى الناس من الانقلاب وسيلة للسلطة ما على المعارضة إلا لفظه بعيدا فلا مجاملة في الوطن .
.
إن كان من رأي نبديه في عموم الطريقة التي اتبعها الشيخ السنوسي في (ردوده تلك) فبالرجوع إلى ما كتبه قد تفيدنا في المجال الاستعانة بأحد أبناء البيت الاسلاموي ونعني ما ذكره د. التجانى عبد القادر في مقال له نشر بالصحافة في 30 اكتوبر 2006
بعنوان: ويسألني الشيخ السنوسي :
يقول التجاني عن أنه(أي الشيخ السنوسي) يتبع تكتيكا يعمد على إزاحة الآخرين بالغمز وليس بتفنيد الحقائق وهذا ما عنّ لي بينما كنت أطالع اتهاماته التي رمى بها الصادق فهو قد هرول للرد على هجومات(صادق المهدي) كما يخاطبه ،يريد أن يحجر عليه قول الحقيقة متجاهلا أن الإمام في موقع مسئولية تحتم عليه انتقاد (الساقط وشايل قلمو يصحح) وتحتم عليه إلقاء الضوء على موبقات الحركة الإسلامية بنسختيها دون خوف من الوطني أو مجاملة للشعبي.
ثم أخذ عليه (أي د.التجاني) دفاعه المستميت عن شيخه دون أن يلقي بالا للحقائق أومنطق الأشياء (لا يهتم بشيء مما كتبت اهتمامه بشخص الترابي،) ومتى ما كان ذلك كذلك يغيب العقل وتحضر أحاديث القلب التي إن لم تُضبط بما تمليه العقول تطغى العصبية الحزبية على القراءة الموضوعية للأحداث، ويسود منطق الطير والأقوال التي يناقض أولها آخرها .
أما طال الإمام من سب وشتائم وتجريح في شخصه ( مما عددناه ردحا بلا طائل) نسأل الله أن يجعله في ميزان حسناته و براءة أثوابه من الشتم وما يجر إليه ،( مثل حبي له) ظاهرة ما دايرة دليل).
وسلمتم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.