اعربت منظمة العفو الدولية عن قلق بالغ مع توارد تقارير بأن الأشخاص الذين هجرهم النزاع الجاري في ولاية جنوب كردفان يتعرضون للإكراه من جانب السلطات السودانية على العودة إلى أماكن يمكن أن تتعرض فيها حياتهم وسلامتهم للخطر، وبأنه يجري حالياً منع الهيئات الإنسانية من الدخول إلى مناطق عديدة. وذكرت المنظمة في بيان بان القوات المسلحة السودانية شنت هجمات عشوائية وقصفت بقنابل غير دقيقة التصويب من ارتفاعات عالية أهدافاً تضم مدنيين، ويستحيل في مثل هذه الهجمات ضمان التقيد بمبدأ التمييز بين الأهداف والعسكرية والمدنيين. ونتيجة لذلك، فقد هجر السكان، العديد من البلدات الرئيسية والقرى.وتقدر الأممالمتحدة عدد من نزحوا من ديارهم بسبب القتال بما يربو على 73,000 شخص. وتلقت منظمة العفو الدولية تقارير بشأن محاولات من جانب الحكومة لإكراه أو إجبار الأشخاص المهجرين على العودة إلى مناطق يمكن أن تتعرض فيها حياتهم وسلامتهم للخطر. واضافت انه في20يونيو ، دخلت السلطات المحلية مخيماً قريباً من مجمع “بعثة الأممالمتحدة في السودان” (يوناميس)على أطراف مدينة كادوقلي وأمرت النازحين الساعين إلى طلب اللجوء بالعودة إلى ديارهم في كادوقلي أو التجمع إما في مدارس أو في استاد كادوقلي.وزود هؤلاء بمركبات وفرتها الحكومة لإعادتهم. إن المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة المتعلة بالتهجير الداخلي تؤكد أن الأشخاص المهجرين داخلياً يملكون الحق في طلب الأمان في أي جزء من البلاد، ولا سيما الحق في أن لا يعادوا أو يعاد توطينهم قسراً في أي مكان يمكن أن تتعرض فيه حياتهم أو سلامتهم أو حريتهم أو صحتهم للخطر. ودعت منظمة العفو الدولية حكومة السودان إلى احترام وحماية حقوق جميع الأشخاص المهجرين داخلياً . وقد تم إغلاق مدينة كادوقلي في وجه المنظمات الإنسانية الدولية منذ بدء النزاع.وثمة تقارير بأنه قد تم مؤخراً زرع ألغام أرضية في محيط المدينة، الأمر الذي يشكل تهديداً إضافياً لعودة المدنيين إلى المنطقة.وحتى اليوم، لم يتمكن أي فريق عمل بشأن الألغام من تقييم الوضع بسبب القيود المفروضة على الدخول إلى المدينة. واضافت ان الألغام الأرضية المضادة للأفراد أسلحة عشوائية بطبيعتها، وهي لا تميز بين مدنيين ومقاتلين، ومحظورة بمقتضى “اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام”.والسودان دولة طرف في هذه المعاهدة. ولدى منظمة العفو الدولية بواعث قلق إضافية بشأن ما يقدر بنحو 138سودانياً جنوبياً كانوا يبحثون عن ملجأ لهم في مجمع”يوناميس”في كادوقلي وأمروا بإخلاء المنطقة.حيث سقط هؤلاء في أتون الاشتباكات المسلحة أثناء محاولتهم الهجرة من شمال السودان إلى جنوبه قبل 9 يوليو ، موعد إعلان الجنوب استقلاله عن الشمال. وقد زوِّد السودانيون الجنوبيون بوسائل نقل تابعة للأمم المتحدة نقلتهم إلى الشمال نظراً لانسداد السبل أمامهم للوصول إلى جنوب السودان.بيد أنهم أوقفوا في 23يونيو عند نقطة تفتيش حكومية خارج الابيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، ومنعوا من مواصلة سفرهم. وسعى الأشخاص الذين كانوا يحاولون الفرار من القتال كذلك إلى إيجاد ملاذ لهم في أماكن أخرى، بما في ذلك الرهد والابيض في شمال كردفان.حيث أعلنت السلطات الحكومية في شمال كردفان أيضاً أن على الأشخاص النازحين إلى المنطقة العودة إلى ديارهم، أو البحث عن مكان إقامة لهم لدى أفراد عائلاتهم في مناطق أخرى خارج ولاية شمال كردفان. ووجهت السلطات إلى سكان محليين كانوا يقدمون مساعدات إلى النازحين في منطقة الابيض تعليمات في 20يونيو بوقف التبرع بالأغذية للنازحين.وفضلاً عن ذلك، ذكر مقيمون في الابيض أن “جهاز الأمن والمخابرات الوطني”ظل يراقب عن كثب العائلات المضيفة والنازحين. وقد أدى انتشار نقاط التفتيش التابعة لجهاز الامن على نطاق واسع إلى تعرض الأشخاص من أصول نوبية أو من يشتبه بأنهم من أنصار “الحركة الشعبية لتحرير السودان”للانتهاكات، وعرقل تقديم المساعدات الإنسانية الضرورية للنازحين. وورد لمنظمة العفو الدولية أن نقاط تفتيش قد أقيمت على الطريق الرئيسي بين كادوقلي والدلنج والابيض والخرطوم.وتلقت منظمة العفو الدولية روايات لشهود عيان بوجود موظفين أمنيين يحملون قوائم بأسماء أشخاص عند كل نقطة تفتيش. ويعتقد أن من أدرجت أسماؤهم في هذه القوائم هم من أعضاء “الحركة الشعبية لتحرير السودان”أو من المتحدرين من أصول نوبية.وتلقت المنظمة تقارير أخرى تفيد بأنه حتى الأشخاص الذين لم تدرج أسماؤهم في القوائم ولكن يعتقد أنهم من النوبيين يخضعون للاستجواب والمضايقة أو سوء المعاملة على أيدي قوات الأمن. وتواجه الهيئات الإنسانية عراقيل كذلك في سعيها إلى الوصول إلى السكان المتضررين.ففي14يونيو ، تعرض مدرج مطار كاودا للقصف، ما منع وصول المواد الإنسانية إلى المنطقة.وقد أعيد فتح المدرج؛ إلا أن قيوداً مشددة ما زالت مفروضة على دخول مناطق تجمع النازحين وغيرهم من المدنيين المتضررين من النزاع.كما تخضع الهيئات الإنسانية لتدقيق مشدد لدى مرورها بنقاط التفتيش التابعة للسلطات السودانية. ودعت منظمة العفو الدولية السلطات السودانية إلى كفالة وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع محتاجيها دون تحيز في السودان.