ذكر الطيب مصطفى – خال المشير عمر البشير، والمعبر عن الدوائر الأكثر انغلاقاً في الإنقاذ – في عموده بصحيفة الإنتباهة أمس 5 يوليو بأن القوات المسلحة غاضبة مما جرى في أديس أبابا حديثاً وما جرى في نيفاشا في وقت سابق. وسبق واعاد نشر مقال محمد عجيب محمد رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة بعموده بتاريخ 1 يوليو. واتهم رئيس رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة المؤتمر الوطني ب (خيانة الدين والوطن)، بسبب الإتفاق الإطاري مع الحركة الشعبية بالشمال وقبول تخصيص منصب نائب رئيس جمهورية لدارفور، وهدد برجم المؤتمر الوطني (لولا بقية من أمل). حيث ذكر (…الملاحظ أن المؤتمر الوطني منذ فترة «طلق الدرب».. وأنه «يرى» أنه مؤمن بالله ولا يعبد أمريكا.. لكنه يتقرب بها إلى الله زلفى.. المؤتمر الوطني يخالف تعليمات المشير البشير بإيقاف الدغمسة ويناور حول الحمى الأمريكي ويظن بالله الظنون…). وأورد (…أيها المؤتمر قيام حزب للحركة الشعبية في الشمال بعد التاسع من يوليو خيانة للدين والوطن.. ومنح منصب دستوري رفيع على أساس قبلي تكريس لعصبيات عرقية…). (..أهل الحظوة في المؤتمر الوطني يحاورون أهل الحظوة في تمرد دارفور في الدوحة ويمهرون لهم صكاً يمنح متمردي دارفور الذين هم على حد تعبير المؤتمر الوطني بعضمة لسانه قُطّاع طرق وطلاب سلطة يتاجرون بقضية شعب دارفور.. يمهرون لهم صكاً بمنصب نائب رئيس الجمهورية ويوغلون بعيداً في تكريس الجهوية ويتفننون في مكافأة من يحمل السلاح في وجه الدولة ويجزلون له العطاء.. عطاء من لا يخشى الفقر..). وهدد : (…أيها المؤتمر.. ما نفقه كثيراً مما تقول.. وإنا لنراك فينا ضعيفاً.. ولولا «بقيةٌ من أملٍ» لرجمناك.. وما أنت علينا بعزيز..). وانتبه ضياء الدين بلال رئيس تحرير صحيفة (السوداني) الى دلالة هذا التهديد، فأورد في كتب في عموده بتاريخ الأحد 3 يوليو بأنهى اذا استمر الوضع القائم فسترتفع درجة التوتر والخلاف داخل المؤتمر الوطني وستعود (مناخات الرابع من رمضان) في اشارة لإستخدام لقوات المسلحة لحسم صراع الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني بين تيار (البشير – علي عثمان)، وتيار (الترابي) في ديسمبر 1999م. وعلق محلل سياسي ل (حريات) بأن تهديد رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة المعاد نشره بصحيفة الإنتباهة لا يمكن عزله عن عبد الرحيم محمد حسين، والطيب مصطفى، وبالتالي عمر البشير، فهو يعبر عن رأي مجموعة محددة داخل قيادات الإنقاذ، المجموعة المسماة بمجموعة عمر البشير. وقال ان التلويح بعصا القوات المسلحة يؤكد العزلة المتزايدة لهذه المجموعة في اوساط الحزب الحاكم. وأضاف المحلل السياسي أن هناك غضب في القوات المسلحة تحاول هذه المجموعة استثماره لصالحها، غضب على اضعاف القوات المسلحة لصالح مليشيات المؤتمر الوطني، وغضب على الفساد المستشري، وتدهور أوضاع الجنود والضباط، وغضب من التفريط في وحدة البلاد، ولكن كل هذه السياسات مثار الغضب ترجع مسئوليتها الرئيسية لعمر البشير شخصياً وللمؤتمر الوطني اجمالاً. ورغم ان مجموعة البشير تحاول استثمار الغضب من سياسات الإنقاذ بردها الى المجموعة الأخرى (التي يغلب عليها الطابع المدني)، كما يوضح الخط الدعائي الثابت للطيب مصطفى، الا أن هذا الخط بائس لأنه يعفي عمر البشير من أي مسئولية، والأهم أنه يقود الى الإستنتاج بأنه (دلدول) ! وبالطبع لا يمكن أن يلهم القوات المسلحة شخص (دلدول). واضاف المحلل السياسي أن غضب القوات المسلحة صحي وصحيح، وأن الرأي العام الحقيقي للقوات المسلحة عكسته مجزرة كبار الضباط، الذين واجهوا عبد الرحيم محمد حسين وعمر البشير بالفساد، واعترضوا على سياسة الحرب المعتمدة في دارفور والقائمة على دعم المليشيات بدلاً من القوات المسلحة. ولكن في المقابل فإن ضباط القوات المسلحة ليسوا بالغباء الذي لا يفهمون فيه بأن عمر البشير الملاحق من المحكمة الجنائية الدولية بلا مستقبل، وأنه تحول الى كرت محروق، وأنه لهذا السبب يريد دفعهم للحرب، لأنها تسمح بمستويات أعلى من القمع، حيث (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة)، وتقمع المطالبات بتغييرات حقيقية، يكون أول ضحاياها عمر البشير نفسه، لإنسداد آفاقه، وإرتباطه بأسوأ صور الفساد في النظام. وقال المحلل السياسي أن الصراع بين المجموعتين ليس صراعاً عسكرياً مدنياً، ولا صراعاً بين الإصلاح وعدمه، وإنما صراع بين مجموعة بلا أفق تحاول أخذ الآخرين معها الى الهاوية، وبين مجموعة أخرى ترى هلاكها اذا ذهبت في هذا الطريق. وأضاف أنه مع ذلك يجب عدم التهوين من قدرة عمر البشير في استخدام القوات المسلحة والأجهزة العسكرية الأخرى، بحكم الهرمية العسكرية، وإنه لا يستبعد إزاحة المجموعة الأخرى إستناداً على ذلك، وقال أنه حتى اذا توصلت المجموعتان الى حلول وسط في هذه الأزمة، فإنه عاجلاً أم آجلاً سيتضح للغالبية بأن عمر البشير اضافة الى كونه عبئاً على الوطن، قد تحول الى عبء على المؤتمر الوطني نفسه. وقال المحلل السياسي أن المضحك المبكي في معادلات السلطة القائمة تحول نافع علي نافع الى (أحد الحمائم)، مما يؤكد مقدار الشطط والتطرف الذي يذهب فيه البشير حالياً. وختم قائلاً إن سياسات يكون نافع بالنسبة لها (حمامة) لا يمكن أن يكون لها مستقبل.