القمة العربية تصدر بيانها الختامي.. والأمم المتحدة ترد سريعا "السودان"    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    كواسي أبياه يراهن على الشباب ويكسب الجولة..الجهاز الفني يجهز الدوليين لمباراة الأحد    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    إدارة مرور ولاية نهر النيل تنظم حركة سير المركبات بمحلية عطبرة    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالفيديو.. الرجل السودني الذي ظهر في مقطع مع الراقصة آية أفرو وهو يتغزل فيها يشكو من سخرية الجمهور : (ما تعرضت له من هجوم لم يتعرض له أهل بغداد في زمن التتار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوريا وحزب الله الوجبة الصعبة..على معدة الأفندي!! (1-2)
نشر في حريات يوم 21 - 11 - 2011


مقدمة لا غنى عنها:
ليس هنالك إضاعة للوقت أو الجهد حينما نتحدث عما يجري في لبنان، وسوريا، والعراق، وليبيا، ومصر وفلسطين..وعن حزب الله وإيران وحماس، وقد يراه البعض ترفا لا يرغبونه..وربما يرغبون فقط سماع ما يحبون: يسقط النظام..سقط النظام!!
السلبية نحو ما ما يدور حولنا هو موقف قاصر – بل خاطئ، بل يجب بذل بعض من الجهد والطاقة لفهم ما يدور حولنا إذا رغبنا في تحقيق التغيير المنشود في السودان حتى لا يسقط الجميع في الأخطاء والتخبط والأوهام الذاتية!! الجميع مطالب كأن يفهم “اللعبة الإقليمية” التي تدور حولنا. فمنذ عشرة سنوات وأنا أنبح في معظم مقالاتي أن “اللعبة السياسية الإقليمية” تديرها دول الخليج..لم يفهم أحد هذا التحليل – خاصة الإعلاميين!! على إسماعيل العتباني قال لي لفظا صريحا في التلفون عام2005م: أنت بتهاجم دول الخليج!! ومعنى ذلك إنه لم يفهم أبعاد التدخلات الخليجية وأترك جانبا في تصوره أنني لا يمكن أن أكون من كتاب الرأي العام الأساسيين!! وكان الأستاذ علي يقلل في مقالاته الطويلة من خطر السلفية الحشوية ونفى أن بكون للسلفية باع في السودان – تأمل قوله وما يحث في السودان الآن!! فبعد قرار الجامعة العربية الذي يتعلق بتجميد عضوية سوريا..وتمركز السلفيين السروريين في بؤر مسلحة في القرى والمدن السورية – ومعظمهم تسلل من شمال لبنان الذي أصبح وكرا للسلفية السرورية بدعم وغطاء من عميل السعودية سعد الحريري، خاصة في حمص القريبة من الحدود اللبنانية، يستنسخون في سوريا سيناريو “مخيم نهر البارد” اللبناني…والمؤامرة أكبر من ذلك بكثير!! وحين تشجع أمريكا للسلفيين السروريين الذين عبروا الحدود السورية: لا تسلموا سلاحكم!! يصبح واضحا أن السروريين يتم تزويدهم من قبل الولايات المتحدة ودول الخليج بالمال والسلاح!! وحين ينشئ وضاح غضنفر قناة تلفزيونية في ليبيا تمويلها قطري وقد قدم استقالته “المزعومة” قبل أشهر، ستفهم أن استقالته هي جزء من السيناريو القطري الذي خطط له بدقة قبل مقتل القافي، وقد سبقه التونسي السروري غسان جدو بتأسيس قناة أخرى في لبنان.بتمويل قطر…
نقول لكل المعارضة السودانية بكل ألوانها وشعاراتها وأسلحتها لن ولن تدعمهم دول الخليج خاصة قطر – وليس لدول الخليج أية مانع كأن تستهلك كل من المعارضة السودانية والنظام القائم أنفسهما لصالح السلفية..القحة!! وما يعبر بقوة عن صحة تحليلاتنا السابقة والآنية لطبيعة الطبخة الخليجية الأمريكية هو موقف الأمم المتحدة السلبي من تحالف الحركة الشعبية قطاع الشمال وكاودا!! ومن أكبر الأوهام كأن يعتقد الدارفوريون أن قطر قد سعت لحل أزمة دارفور – بل كان الهدف القطري هو “احتواء المعارضة” الدارفورية لكسب الوقت، وثم الرغبة في التحكم في إدارة الصراع لصالح السلفية الداخلية والإقليمية. فجلوس الحركات في قطر ثلاثة سنوات حول ورقة أو وريقة قد عطل من هذه القوى المعارضة بشقيها السياسي والمسلح كأن تصل لحلول ذاتية مشتقة من التعامل مع الواقع السوداني وقراءته قراءة صحيحة!!
ولندخل لموضوع المقالة الرئيسي…ومحوره الحرية والديمقراطية، ولكن أي حرية وأية ديمقراطية؟ ومن الذي يحق له أن يرفع لافتاتها؟ واشنطون؟ أم العواصم الخليجية؟ أم إسطنبول؟ جميعهم يمارس النفاق السياسي، وحرى بالقوى الوطنية أن تنزع منهم هذه اللافتات – ولقد فعلها الله تعالى حين منع المنافقين أن يعلموا بتفاصيل الرسالة، قال رب العزة: (الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم) وما ذاك إلا لأنهم قد يحرفون الرسالة من أساسها وقد يخلطون الحق بالباطل!!
وموضوعنا الرئيسي هو الحرية، وتعريف الحرية العاقلة من منظور موضوعي: هي فهمك للضرورة. ثم تأتي الديمقراطية شرطا لتحقيق الحرية، ثم العدل وتأصيل كرامة الإنسان الخ هذه هي بالمجموع مفاهيم ومبادئ إنسانية سامية لا يختلف عليها اثنان إلا من شذ، وهنالك من ضحوا بأنفسهم من أجلها. هذه المبادئ وهذه المفاهيم في الدرجة الأولى أتت بها الأديان لا البشر – فالإنسان خلق حرا وهكذا يجب أن يكون، بيتما بنو البشر يميلون لمحاصرة هذه المفاهيم وتنقيصها لصالح قلة متحكمة. يُعرِّف الكاتب نجف على الميرزاني في مقالة له الحرية في القرآن الكريم تعريفا جيدا، يقول:
“الحرية من الرؤية القرآنية هي انعتاق الإنسان وتحرره من كل قيد وغل ومانع لنمو الطاقات الإنسانية الكامنة في كل إنسان”.
ونقول نحن لم يختلف البشر حول مفهوم مثل اختلافهم حول مفهوم الحرية!! ولقد أجمعت الديانات بلا شك على أن الإنسان خلق حرا ولا أكراه في الدين!! ولا تنقيص لحرية الإنسان الذي هو مسؤول!! ولو كان هنالك في الرسالة المحمدية إكراه لما بقى على ظهر البسيطة مسيحي أو يهودي واحد – ولنتأمل قول الله تعالى الاستنكاري قتل أصحاب الأخدود!! وأترك جانبا قانون قتل المرتد المزعوم الذي أخترعه المتشرعة ما بعد عصر النبوة لتبرير قتال من أنكر خلافة أبي بكر – فأدخلوا مفهوم قتل المرتد عن الدين في الرسالة المحمدية زورا!! ولا شك يدخل في زمرة هؤلاء المضحين بأنفسهم لتأصيل مبدأ الحرية ومجموع المبادئ السامية الأنبياء جميعهم، ومن ضمنهم الرسول محمد صلى الله عليه وآله ووصيه الإمام علي عليه السلام، وكلاهما جابه وقاتل الجبت والطاغوت!! الإمام علي قتل اغتيالا بسيف ثاني الأشقيين الخارجي الحروري الملعون عبد الرحمن ابن ملجم، بينما أول الأشقيين على حسب قول النبي (ص) كان ذابح ناقة النبي صالح عليه السلام. وهنالك الكثير من الإشارات في المصادر الإسلامية المعتبرة -سنية وشيعية- تشير إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نفسه أستشهد وقتل مسموما!!
وتشهد كتب التاريخ لا النبي صلى الله عليه وآله ولا الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام صادرا في حكومتيهما حريات المحكومين بعد أن أسلم العرب، ولم يجبرا المسلمين فردا أم مجتمعا على فعل شيء كراهة، ولم ينهيا عن شيء بالترهيب، ولم يستعملا أبدا قانون الطوارئ بالمعنى الحديث اعتمادا على الظن والفعل الاستباقي!! وعكس حال النبي الأعظم ووصيه الإمام علي عليهما السلام لم يكن حكم من حكموا المسلمين إلا بالإكراه والاستعانة بالجبت والطاغوت!! ونضرب بعض الأمثلة منها حين أستأذن طلحة والزبير الإمام علي لكي يخرجا لمكة طلبا للعمرة كما أدعيا، وكان الإمام يعرف إنهما سيغدران به من مكة، قال لهما: أنتما لا تريدان العمرة بل الغدرة!! وأذن لهما..وكان يمكنه أن يحجزهما عنده بقانون الطوارئ القائم على الظنة!! ولكن كيف يحجزهما أمير المؤمنين على شيء لم يفعلاه بعد؟ ففي حكومة أمير المؤمنين لا يجوز في شرع الله كأن تصادر حرية شخص أو المجتمع اعتمادا على الظنة أو الهوى!! فالإمام علي هو ترجمان الرسول (ص)، وترجمان القرآن، وعمل بالرسالة المحمدية طبقا للقانون الإلهي التالي، قال النبي (ص): (أمرت أن أحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر!!). بهذا القانون حكم الرسول (ص) والإمام علي الناس عامة والمسلمين خاصة وعلى رأسهم المنافقين (فليست القضية فقط أن محمدا لا يرغب أن يقال إنه يقتل أصحابه!)، فكيف بك بسلفي أخرق يقتفى أفكار بن تيمية الحراني يكفر الناس والمسلمين وبشكل خاص الشيعة؟
ويتبدى تطبيق مبدأ الحرية على يد الإمام علي جليا ناصعا في كتب التاريخ. لم يعاقب الإمام علي من لم يبايعه في خلافته ولم يكرهه عليها، ثم لم يعاقب من لم يقاتل معه في حروبه المأمور بها من قبل النبي (ص) في معركة الجمل أو في صفين أو طحنه للخوارج في معركة النهروان (الناكثين، والقاسطين، والمارقين بالتوالي) الخ. وعلى سبيل المثال لا الحصر لم يستجيب البعض من أهل الكوفة إلى نداء التعبئة الذي أطلقه الإمام لحرب الجمل وبقوا في الكوفة، وبعد انتهاء حرب الجمل وانتصار الإمام فيها وعودته إلى الكوفة اكتفى الإمام بتوبيخ هؤلاء، وطلب من المسلمين أن يقاطعوهم، ولكنه لم يحاربهم في لقمة العيش فأبقى على رواتبهم جارية من بيت المال، ولكن بعض قيادات وأمراء جيش الإمام طالبت بالانتقام منهم ومعاقبتهم بأشد العقوبات، وكان من هؤلاء الأمراء مالك بن حبيب اليربوعي الذي جاء إلى الإمام وقال له: بالله عليك مرنا حتى نقتلهم، فأجابه الإمام: (سبحان الله يا مالك، جزت المدى وعدوت الحد وأغرقت في النزع)، فتمثل مالك بهذا البيت في جواب الإمام:
لبعض الغشم أبلغ في أمور *** تنوبك من مهادنة الأعادي
ويقصد مالك أن استعمال الشدة أفضل من مهادنة الأعداء، فقال له الإمام: (ليس هكذا قضى الله يا مالك، قتل النفس بالنفس، فما بال الغشم؟). وتلا بعدها هذه الآية (ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا) وأضاف أمير المؤمنين: والإسراف في القتل أن تقتل غير قاتلك فقد نهى الله عنه، وذلك هو الغشم!!
ولا نشك مطلقا كون نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاتما للأنبياء…فالختام إشارة ربانية لطيفة أن البشرية بلغت نضجا إلى حد معين في مستوى الحرية ولا تحتاج إلى أنبياء ورسل من بعد أن أرسى النبي (ص) صرح المثالparadigm العام للبشرية – وأسس على مبدأ الحرية على أنه الأصل ومحور الدين!! ولكن إشكالية الحرية لدى المسلمين السنة في زمننا المعاصر تكمن في ألاعيب السياسة وخلط الحق بالباطل، ونشير بشكل خاص لصيرورة واقع المسلمين التاريخية – فشيوخ ما بعد عصر النبوة تلبسوا بأثواب الكهنة والأنبياء زورا وتألهوا وألهوا الدولة المدنية السياسية انحيازا لسلاطين زمانهم وليس انحيازا للشعب!!
ولتبيين قضية خلط الحق بالباطل لمحق مبدأ الحريات نأخذ الداعية عصام أحمد البشير وكيل الوهابية المعاصرة مثالا إذ كثيرا ما صدع مستمعيه بأسلوب تكراري أشبه بأسلوب القص: وإن للحق…لنورة!! ولم أجد لتعبيره هذا المتهافت أية معنى على أي سياق من السياقات!! لعله رغب أن يوهم مستمعيه، بأسلوب بن تيمية، على إنه الرجل وإن الحق الإلهي معه ومع السلفية الحشوية!! وأنا بدوري أسأل القارئ الكريم: هل فعلا للحق نورة كما يقول الداعية السلفي؟ فما هو رأي الإمام علي بن أبي طالب في قضية الحق والباطل مقارنة بكلام الداعية المزور عصام أحمد البشير؟
عن أمير المؤمنين علي عليه السلام خطب فقال: ألا إن الحق لو أخلص لم يخف على ذي حجى!! ألا وأن الباطل لو أخلص لم يخف على ذي حجى [1]..!!، ولكنه يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث [2]، فيمتزجان فحينئذ يستولي الشيطان على حزبه، وينجو حزب الله الذين سبقت لهم (من الله) الحسنى [3]. ألا وان الباطل خيل شمس ركبها أهلها [4] وأرسلوا أزمتها فسارت [بهم] حتى انتهت بهم إلى نار وقودها الناس والحجارة. ألا وان الحق مطايا ذلل ركبها أهلها وأعطوا أزمتها فسارت بهم الهوينا حتى أتت ظلا ظليلا [5]، فعليكم بالحق فاسلكوا سبيله واعملوا به تكونوا من أهله. ألا ومن خاف حذر، ومن حذر جانب السيئات، ألا وانه من جانب السيئات أدلج إلى الخيرات في السرا [ء] [6] ومن أراد سفرا أعد له زادا، فأعدوا الزاد ليوم المعاد، واعملوا [فان] الجزا [ء] باق، فإني والله لم أر كالجنة نام طالبها!! ولم أر كالنار نام هاربها!! [7].
شروحات:
[1] كذا في الأصل، و(أخلص الشئ): أتى به خالصا و(ذي حجى): ذي عقل أي أن المبطلين لو كانوا يأتون بالمقدمات الحقة خالصة عن شوب الباطل، ويقدمون المقدمات الباطلة مفردة عن مزج المقدمات الحقة، لم يكن محل لخفاء الحق والباطل على ذوي العقول، ولكنهم يخلطونهما..[2] الضغث – كضرس -: الحزمة من الحشيش المختلط رطبها بيابسها، ومنه قوله تعالى في الآية (44) من سورة (ص): (وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث). [3] هذا هو االظاهر من السياق، وفي الأصل: (استولى الشيطان على حزبه، ونجا حزب الله الذين سبقت لهم منا الحسنى) وفي المختار: (50) من نهج البلاغة: (ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى). أقول: ذيل الكلام مقتبس من قوله تعالى في الآية: (101) من سورة الأنبياء: (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون). [4] هذا هو الظاهر، وفي الأصل: (للشمس راكبها). والشمس – على زنة قفل وعنق -: جمع الشموس – كعبوس -: الحيوان الذي لا يمكن أحدا من ركوبه أو وضع شيء عليه، ولا يستقر من شدة نشاطه. ولازمة: جمع الزمام: المقود. والوقود: ما وقد به النار. [5] المطايا: جمع المطية: المركوب من الحيوان. وذلل: جمع ذلول: المنقاد. والأزمة: جمع الزمام: ما يشد به و(الهوينا): الرفق. وهي تصغير الهونى وهي تأنيث الأهون. وظلا ظليلا: ظلا دائما ويعني به – هنا – الجنة. الحديث: (16) من الباب: (4) من تيسير المطالب ص 127، من النسخة المخطوطة، وفي ط 1: ص 189.وقد تقدم في المختار: (65) من القسم الأول: ج 1، ص 224، وكذلك في المختار: 238 من ج 2 ص 301 شواهد لصدر الكلام، وكذلك في المختار: (50) من نهج البلاغة. [6] الظاهر أن هذا هو الصواب أي أن من شأن مجانب السيئات أن يسارع في حال مسرته ورخاء عيشه إلى الخيرات، ويغتنم القيام بها في حالة غفلة الناس عنها واعتيادهم باللذات الحيوانية وإراحة الجسم. والادلاج: السير في الليل كله أو في آخره. ثم أن في الأصل هكذا: (أدلح إلى الخيرات في السرا). [7] وقريب منه في المختار: (28) من نهج البلاغة.
ولعلنا نختم هذه المقدمة التاريخية بتحليل صغير حين نقارن كلمات الداعية السلفي الحشوي عصام بكلمات أمير المؤمنين، فالأول يعتقد أن للحق علامة تضيء مثل الفانوس، وكل ما يخرج من فم عصام حق – ولعلك مع عصام يجب أن تنسى فانوس الفيلسوف ديوجين اليوناني!! أما أمير المؤمنين فقد خبرنا القضية من أولها لآخرها: خلطة من هنا وهنالك!! وما قصده الإمام ما أن يرحل من رسول أو نبي إلى ربه حتى يبدأ “الخلط”..وتزوير الرسالة وزحزحتها من أساسها!! وعن الحرية في القرآن نعطيكم مقالة من اختيارنا وتدور حول سياق الحرية، ولولا الخوف من الإطالة لنقلنا لكم المقالة بكاملها، وهي بعنوان: قراءة جديدة لمفهوم الحرية في القران – بقلم نجف علي الميرزائي، وهي جديرة بالقراءة!!
http://www.annabaa.org/nbanews/40/146.htm
وإذا فهمنا خلط الحق بالباطل في الدين سنة بشرية قديمة تتجرأ وتستهزئ بالله وبأصحاب الرسالات، فيمكن الاستنتاج أن خلط الحق بالباطل أكثر سهولة في السياسة!! وإن ما نراه اليوم من أكاذيب في الإعلام العربي يدخل تحت هذا العنوان!! ولعلنا نذكر سقوط نظامين بثورتين شعبيتين حقيقيتين طلبا للحرية في تونس وفي مصر مقارنة بما يدور في سوريا الآن، وقبلها ما حدث في ليبي. ما يحدث في سوريا الآن وسابقا في ليبيا..هما شيئان مختلفان عما حدث في مصر وتونس ويدخلان تحت عنوان خلط الحق بالباطل!! الرغبة في إزالة النظام السوري هي لرغبة خارجية أكثر مما هي لرغبة داخلية!!
وإذا بدأنا الحديث بالنظام الليبي، مهما اختلفت معه سياسيا فالمثقف الحقيقي لا يوافق على قتل القذافي وأبناءِه ورجال دولته والكثير من الأفارقة الأبرياء بهذا الأسلوب الوحشي والهمجي والبربري الذي لا تقره الأخلاق ولا الأعراف ولا الديانات – فالمثََِلة محرمة شرعا في الإسلام وقطعا في كل الديانات!! وأترك جانبا جريمة إسقاط هذا لنظام!! ولعل أكثر مرارة على النفس سقوط الكثير من الكتاب والمفكرين في مستنقع خديعة النفس، والتشفي، بل أيضا سقوطهم في المجاراة – فمدحوا بكلماتهم نهاية القذافي ونظامه بهذا الأسلوب الوحشي اللاأخلاقي!! ومن الذين فجعت فيهم الدكتور المحترم عبد الله علي إبراهيم، حين كتب مقالته: القذافي مات القذافي انتهى!!
وفي الحق لم أكتب المقدمة التاريخية في هذه المقالة إلا ردا على مقالة الدكتور عبد الله، فمقالته عن القذافي لا تشبه مقالة المفكرين الباحثين في شيء وقد جانبه الصواب، فهي مقالة صحفية إيمائية مع أو ضد..لتمييز الكيمان والصفوف في لعبة الانتماءات!! ونذكره أن هذه الأنظمة القديمة المتبقية مثل النظام الليبي الذي حكم أحد وأربعين عاما، هي نتاج مخاض ما بعد الحرب العالمية الأولى، وإذا رغبنا في التعمق في جذور الإشكالية العربية المعاصرة فالجواب هو المقدمة التاريخية لهذه المقالة!! فإشكالية النظام العربي لا تبدأ فقط مع نتائج الحرب العالمية الأولى أو الثانية إذا رغبنا في التبسيط، بل المشكلة مختزنة في طبيعة البنية الدينية السنية التي انحرفت عن الرسالة المحمدية الحقة وأستعيض عنها بتبريرات وأهواء شيوخ السلاطين!!
النظام الليبي قدم الكثير لبلده ولشعبه ولأفريقيا – بل حارب الغرب الاستكباري على مدى عقود وحتى في عقر دارهم، وفي صمت حارب النفوذ الإسرائيلي (بأسلوب كسر العظام المخابراتي الذي يجيده الغرب، في البحيرات في وسط أفريقيا، وأنجولا وتشاد، جنوب أفريقيا الخ) وطارد الوجود الإسرائيلي في الدول الأفريقية أكثر مما حارب العرب إسرائيل في كل تاريخهم، هذه لا ينكرها إلا كذاب ومنافق ويأتي في مقدمتهم عبد الباري عطوان وصحيفته التي تسمى القدس العربي اللندنية..التي تتمول من قطر وغيرها وحتى من دولة إسرائيل!!
لقد أخذ عبد الباري عطوان وصحيفته ينفخان في نار الفتنة الليبية ويدعمان “ثوار القرضاوي” لإسقاط النظام الليبي منذ البداية ويحرضان على قتل القذافي بعقل بارد. وحين سقط النظام وقتل صاحبه بأسلوب لاإنساني بشع، وتبين للكل فضيحة من يسمون أنفسهم بالثوار لما ارتكبوه من جرائم إنسانية فظيعة، أخذ عبد الباري عطوان يتبرأ ويقدح باستحياء في “الثوار” لإرتكابهم جرائم لا تحصى ولا تعد وأخذ ينصحهم بحسن السلوك – لكي يستعيد عبد الباري عطوان ثقة القارئ فيه وفي صحيفته مرة أخرى!! وبعد سقوط النظام الليبي تحول عبد الباري نحو دمشق وأخذ ينفخ في إسقاط النظام السوري – بنفس الأسلوب الذي فعله مع النظام الليبي!وبدأ واضحا أنه كاتب وصحفي مأجور!! ستجدون في مقالة الكاتب السوري المخضرم نارام سرجون صورة عبد الباري عطوان الحقيقية، ولم تنسى المقالة علاقة عطوان الشاذة مع تنظيم القاعدة، وتحليله للموقف السوري، هنا:
http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?ArticleID=21711
إلى اليوم لم يدافع عبد الباري عطوان عن التهمة بالعمالة الموجهة إليه ولصحيفته من قبل بن جلدته الفلسطيني الدكتور أسامة فوزي وبعض المنظمات الفلسطينية، وفحواها أن إسرائيل تمول عطوان وصحيفته، ولا تسأل عن القصر الذي يسكن فيه عطوان في لندن والأبهة التي ترقى لمعيشة الأمراء، ولا يتناسب مطلقا مع دخل صحيفته التي لا توزع إلا القليل القليل. عمالة عبد لباري عطوان تجدها في التقرير التالي، هنا:
http://www.arabtimes.com/this%20man/abdelbary.htm
ونعطيكم جزءًا من تقرير العمالة:
(الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين كان قد اصدر كتابا في عام 1980 بعنوان “الحريات الصحفية في ظل الاحتلال الإسرائيلي” ذكر فيه صراحة أن جريدة القدس التي تصدر في القدس والتي يمتلكها أبو الزلف – الذي يحول مئات الألوف من الجنيهات إلى عبد الباري – مشبوه التمويل والموارد والانتماء وفي صفحة 6 من الكتاب يقول المؤلف أن الجريدة موالية “لبلدية القدس الصهيونية والحكم العسكري”. فما هي مصلحة صحافي يتمول من الحاكم العسكري الإسرائيلي مثل أبو الزلف في تحويل مئات الألوف من الجنيهات لعبد الباري عطوان في لندن؟ أما كتاب “الثقافة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الصهيوني” الصادر عن منظمة التحرير الفلسطينية فيذكر صراحة في صفحة رقم 20 أن جريدة القدس التي يمتلكها في القدس محمد أبو الزلف قد صدرت في 8 نوفمبر 1968 أي بعد حرب حزيران يونيو وإنها “جريدة البرجوازية المحلية وهي الجريدة الوحيدة في الأرض المحتلة التي رحبت باتفاقات كامب ديفيد). أ.ه.
هذا هو حال الرجل عبد الباري عطوان الذي يفتح نيرانه الآن على سوريا!!
وعطفا على ما قلناه سابقا، فوضعية الأنظمة العربية كل على حدة، لا تبيح للمفكر السياسي أو للمحلل الإستراتيجي أن يطلق العنان من عقاله لشعارات سطحية وإن كانت باسم الحريات والديمقراطية!! ففي تقديري، كان يجب ألا يسقط النظام الليبي طبقا لفهم الإستراتيجيات الأجنبية الوضعية المتشاكسة في أفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط، ونسبة لأهمية النظام الليبي في فضائه الأفريقي كمقابل موضوعي لهذه الاستراتيجيات والتدخلات الأجنبية!! فالولايات المتحدة تتربص بالبترول الأفريقي، بينما دول الاتحاد الأوروبي تتربص كأن تتحول الاقتصاديات الأفريقية إلى زراعية كحديقة خلفية للمواد الغذائية الرخيصة!! وكل هذا لن يتم بوجود القذافي ونظامه!!
إنها حقا من الكوميديات السياسية الساخرة كأن يدأب الإعلام العربي الكئيب بشكل لا كلل فيه في تصوير العقيد القذافي كشخص مجنون – والأنكى من ذلك أن تصدق هذه الفرية الشعوب العربية الجاهلة، المفرطة في الجهل!!
تجد كذلك الكتاب المناضلين اليساريين والقوميين الطليعيين كل يبكي على ليلاه، فالنظام الليبي له أخطاؤه بلا شك مثل أصطياده طائرة الشهيد فاروق حمدنا الله ورفاقه – فتجد الشيوعيين يكرهون القذافي من منطلق ذاتي، ومثل مواقف القذافي الراديكالية من الفلسطينيين – فتجدهم أيضا يكرهونه بدوافع ذاتية وليست موضوعية، أما الإسلاميون بكل أنواعهم فلن يعتب شيخهم بن تيمية تراب بلاد القذافي الليبي – وهذا كفيل لكي تتآمر عليه الأنظمة الخليجية، ومثل أعتقاله أو قتله للشهيد السيد موسى الصدر – فكان موقف المرحعيات والمرجعية الشيعية اللبنانية هو الأخلاقي الذي ينسجم مع الإسلام المحمدي حيث لم يكفروه، أو يحرضوا على نظامه أو كأن يحاولوا أغتياله، وأيضا من أخطاؤه في فترة السبعينيات تخلص من خصومه الخطرين بالاغتيالات الخ. إذا قارنا أخطاء النظام الليبي مع حسناته وأهميته الإستراتيجية بشكل موضوعي، سننحاز موضوعيا لبقائه!! أما إذا تحدثنا عن الديموقراطية في دول الخليج مقارنة بليبيا، فلا توجد أسس للمقارنة أصلا!! فليس مسموحا أبدا أن يتحدث المواطن الخليجي في شأن العائلة المالكة: هذا قانون غير مكتوب!! تجد جل مواطني الخليج راضين وفرحين “بالفتافيت” التي يعطونها لهم ويصمتون، بينما يلهف كبار الشيوخ المليارات!! وأترك جانبا أن النظام الليبي قسم مداخيل البترول بالحساب الجبري البسيط على عدد سكان ليبيا، هذه لم تفعلها دول الخليج، وعلى سبيل المثال الحصري نصف الشعب السعودي يعيش في فقر مدقع في بيوت من الصفيح، فلماذا إذن يتخندق الكتاب العرب وعلى الخصوص الأفندي ومن لف لفه لصالح دول الخليج؟ نعطيك مثالين:
(الأستاذة حصة الثويني وهي باحثة وناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في السعودية ترى: (أن حجم الظلم والإهمال الذي طال سكان مدن الصفيح مرتبط بالقرار السياسي المسيس للقرار الديني، فقد جرى إخراجهم من دائرة امبراطورية النفط التي استفاد منها اغلب السعوديين من غير هذه الطائفة بناء على سياسة حكومية طبقت تحديدا في السنوات الأربعين أو الخمسين الأخيرة. وأشارت الثويني إلى أن الإهمال السكاني أو التوطيني ما زال ظاهرة ماثلة للعيان في عشرات المناطق الأخرى في المملكة ولا يقتصر على الشيعة وهم الأكثرية في المنطقة الشرقية والأحساء وبعض أحياء العاصمة الرياض والمدينة. فهناك من السكان غير الشيعة من تعمد آل سعود معاقبته بطريقة أجرى لا سيما الذين يرفضون التبعية المطلقة للحكم أو يمتنعون عن التعاطي مع آل سعود ومن يمثلهم على طريقة العبيد والأسياد أو من ابدوا نوعاً من المعارضة لاستمرار الحكم على طريقته المعتادة وبنفس أخطائه ومشاكله وتفرقته بين الناس والمدن والمقاطعات السعودية. وهؤلاء يعاقبون بحرمانهم من الهبات والأموال والمزايا التي تغدق على سواهم أو التضييق عليهم أمنيا أو حرمان مناطقهم السكنية وقراهم النائية من الخدمات وعلى رأسها البيوت أو المدارس أو طرق المواصلات أو الدوائر الحكومية إلى حد يصعب معه التصديق بأن هؤلاء أو مناطقهم هي جزء من المملكة التي تنعم بخيرات لم يحصل عليها سواها. لكنها تقر بان بعض القبائل والأسر الشيعية المعروفة تعرضت لإبادة تامة بقرار من الدولة على مدى العقود الأخيرة وبعضها سبق ذلك وصودرت أمواله أو ممتلكاته والمحظوظون منهم من تم نقلهم أو إبعادهم عن مناطق ثرائهم أو تجارتهم أو ممتلكاتهم إلى مناطق فقيرة أخرى أو معزولة، في حين أن البعض منهم اكتفي بإقصائه عن مناطق النفوذ والسطوة التي كان عليها بناء على مكانته الاجتماعية أو القبلية أو الاقتصادية).
(ووفقا لطالب لاجئ سياسي سعودي يدرس في بريطانيا فان سكان مدن الصفيح من وجهة النظر الحكومية أو الدينية الحكومية ليسوا مواطنين كاملي الأهلية ولا يعترف بهم وليس لهم نصيب لا في الثروة الوطنية ولا في برامج التنمية ولا في الحكم ولا في مجالس الشورى وسواها ولا في البعثات الدراسية ولا في الوظائف العليا ولا في المناصب الحساسة ولا بين السفراء ولا الوزراء ولا رؤساء الجامعات إلا من غير منهم مذهبه وسار على هدى ما تريده مؤسسات آل سعود الدينية. وان هناك توصيات وتعليمات بعدم التقرب منهم أو السماح لهم بالتقرب من أبناء ال سعود أو من كبار الموظفين أو أصحاب القرار ولا بالتزاوج معهم أو المشاركة معهم بالتجارة أو العمل أيا كان نوعه ولا يجوز الثقة بهم أو الأكل معهم أو عندهم ولا يجب الإنصات لهم أو الاستماع إلى مطالبهم أو التعاطف مع معاناتهم. ويضيف الطالب السعودي: نحن لسنا مواطنين لا درجة أولى ولا درجة عاشرة وربما لا يصنفنا آل سعود ضمن قائمة البشر وهم يفضلون علينا كل الأديان الأخرى حتى التي لا تعرف بوحدانية الخالق ويعتبرون آن تبعيتنا لآل بيت النبوة سبب كاف لإبادتنا أو رفضنا أو معاداتنا أو حرماننا من حقوقنا والتشكيك بنا وإثارة الأحقاد علينا والتحريض على قتلنا.
ويعتبر الطالب اللاجئ أن معيشة سكان مدن الصفيح مزرية ولا تليق بالبشر ولا تشرِف أي حاكم أو مسئول سعودي أيا كان مستواه أو مكانته. ويعتقد أن لا حل حقيقياً لمشكلة سكان مناطق ومدن الصفيح في ظل الوضع الحالي بعد أن شبعوا من الوعود ومن التصريحات ومن الإيحاءات بان كل شيء سيتصلح وان الحكام والأمراء أدركوا حجم وفداحة خطأهم. ويستذكر في هذا المجال إن مئات الآلاف من أبناء هذه المناطق اعدموا أو اختفوا أو سجنوا أو عذبوا أو طردوا من وظائفهم نتيجة لمطالبهم أو تذمرهم أو انضمامهم إلى صفوف المعارضة التي تقبل هي الأخرى طائفة معينة ولا تقبلهم في صفوفها).
بهذه المقالة نمهد للرد على “خطرفات” عبد الوهاب الأفندي..في حق حزب الله وسوريا وحماس!! أي والله حنى حماس السنية لم تعد تروق للأفندي، ونشكر لرباح الصادق المهدي مقالتها الجميلة والمعبرة “حقائق حول السودان وثورات الربيع العربي” التي هي جواب مفحم لمقالة الأفندي “سوريا: حتى أنت يا علي كرتي” التي عد فيها السودان وكرته كأحد اللاعبين المهمين!! يقول الأفندي في مقالته البائسة الذي يزرع الفتنة: (في آخر تصريحاته، حاول بشار الأسد أن يلعب لعبة القذافي ويعلن نفسه سداً منيعاً ضد ‘التطرف الإسلامي'، مسمياً حركة الإخوان المسلمين بالإسم بأنها العدو الأبدي. نسي الأسد في غمرة ‘خطرفاته' تلك أن الغرب تجاوز هذه المرحلة، وقبل بالحركات الإسلامية ودورها في عصر ما بعد الثورات العربية. نسي كذلك أنه يستضيف في عقر داره أكثر الحركات الإسلامية ‘تطرفاً' عند الغرب، ألا وهي حماس وحزب الله).
وهكذا يركب الأفندي من صحيفة القدس (العبرية) اللندنية مركب دول الخليج وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية ويتلبس بعقلانية مزيفة، ويطمح لكي يكون المعبر عن عصر الإستراتيجيات الخليجية الغربية ودول “الاعتدال” – عصر التحالف الأمريكي السلفي، وبالرغم من ذلك يدعي إنه يدافع عن حريات الشعوب العربية والديموقراطية!! ولكن ليس قبل أن يغمض عينه عن أرتال السلفيين الحربيين الذين تم زجهم عبر الحدود السورية، وتغابيه عن “دغمسة” أمين جامعة الدول الأمريكية للائحة الجامعة التي لا تخول للمندوب القطري أن يتلاعب بجلسة رسمية يخرج منها بقرار تجميد عضو مهم مثل الدولة السورية!! وتغاضى الأفندي عن التصريح الأمريكي بحثه السلفيين الغزاة في سوريا ألا يسلموا سلاحهم!! فهل يا سيد أفندي هل سيأتي السلفيون السروريون وأضرابهم بالديموقراطية والحريات في سوريا؟
(كاتب) و (محل سياسي)
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.