بسم الله الرحمن الرحيم فن السياسة دولة قطر الكبري بمواقفها ورجالها [email protected] قبل أشهر وعندما احتدم الصراع حول من يكون في كرسي الأمين العام للجامعة العربية ومن يخلف عمرو موسي، قدمت قطر مرشحها الدكتور عبدالرحمن بن حمد العطية الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي والذي يحمل رصيدا هائلا من الإحترام من النهر الي البحر بين العرب والعجم، وقد ظل يمثل قطر في الجامعة العربية منذ العام 1972 ، في حين راجت معلومات عن نية مصر للدفع بالدكتور مصطفي الفقي مستشار الرئيس المخلوع مبارك وهذا الشخص برغم تأهيله الحالي لكن سجله في الممارسة االسياسية لم يكون مشرفاً، المهم في الأمر أنه حدث إنقسام في الموقف العربي حول من هو الأولي بخلافة موسي فتداركت قطر بحكمة أميرها مخاطر حدوث شرخ عربي جديد وسحبت مرشحها لتطرح فكرة تزكية مرشح توافقي الذي طرحه الأمين السابق ليكون الدكتور نبيل العربي أمينا جديدا للجامعة، وبعد الثورة بعدة أشهر صرح الدكتور مصطفي الفقي لبرنامج (كش ملك) مع هبة الأباصيري أن إخراجه من المنصب كان مؤامرة دبرها له عمرو موسي والعربي وصفقة تضمن لقطر المنصب في العام القادم. لكل دولة الحق في السعي قدما بمستوي وجودها وقوة موقفها الدولي والإقليمي بشتي السبل المتاحة، ودولة قطر سعت لذلك عبر عدة تحركات دبلوماسية شعبية ورسمية وعبرفطنة حكام قطر آل ثاني كسبت قطر كثيرا وبالرجوع لتاريخ هذه العائلة نجد أنهم كانوا قبل استقرارهم في شبه الجزيرة القطرية أنهم كانوا مستقرين في منطقة اشيقر في الوشم ومن بعد ذلك في منطقة يبرين في أوائل القرن الثامن عشر وهم فرع من قبيلة بني تميم وينتسبون إلى مضر بن نزار، وفي منتصف القرن التاسع عشر وحد الشيخ محمد بن ثاني القبائل القطرية وحكمت قطر أسرة آل ثاني التي أخذت إسمها من جدها ثاني بن محمد والد الشيخ محمد بن ثاني. هناك من يقول بأن قطر تلعب دورا لصالح إسرائيل وأيضا من يقول بأن قطر هي وكيل أمريكا الجديد في المنطقة وهي عبارات نسمعها من محللين كثر وأجترت كثيرا علي مواقع الانترنت وقد سوقت لهذا المفهوم قناة (الدنيا) السورية لكن كل هذا لن يغير من الحقيقة شيئا، حقيقة أن قطر قد صعدت وحلت محل مصر التي صارت عنصرا رخوا في معادلة السياسة العربية وحلت محل قطبي الممانعة والإعتدال دمشق والرياض، وهذا حدث فعلا سواء بالجهد الإعلامي لقناة الجزيرة أو بمال الغاز أو بدعم أمريكا أو بسياسات آل ثاني، فبين الحين والآخر تصدر تقارير سياسية وإستخبارية ضمن خطة لتحطيم هذا النجاح وإسقاط دور قطر الريادي وجعل دورها كمساحتها ولا يعرف أحد لصالح من يتم هذا؟ هل لصالح إسرائيل أم لصالح إيران؟ أم لصالح كليهما؟؟ جعل العرب بلا رأس يعني تقسيمهم وتفريقهم وقتل كل من يسعي لكي يكون كبيرا هو هدف استراتيجي لكل من يسعي لتحطيم خصمه. مصر الآن تعاني من حالة سيولة سياسية وأمنية قاتلة وسوريا لا تحتاج إلا لأن تكون خارج كيان يحاسبها، والرياض ضعف محورها كثيرا مؤخرا خصوصا في مسألة عدائها للإيران القطب القوي في معادلة السياسة في الشرق الأوسط وتبنيها لتيار السنة في العالم مع أن إزدواجية السياسة في السعودية بائنة في تعاملها مع الداخل والخارج وقد يكون هناك إسباب أخري لإنكفاء الدور السعودي وقد يكون منها النزاع الأخير بينها وبين ابوظبي حول مقر البنك المركزي الخليجي، ولك هذه الأشياء هي حافز لتقدم قطر وظهورها الباهر علي الساحة ومساهمتها في حلحلة كل القضايا العربية من الصومال الي دارفور والحوثيين وطوائف لبنان والمصالحة بين الفصائل الفلسطينية وأخيرا تبنيها للمجلس الانتقالي الليبي ودعمه لإزاحة نظام العقيد القذافي، وقد تجاوزت قطر مرحلة اللعب السياسي النظيف والتكثيف لدورها السياسي المتصاعد الي مرحلة البروز الاقتصادي اقليميا ودوليا فقد دعمت قطر عدة دول عربية في تجاوز أزماتها الإقتصادية وعلي المستوي الدولي وفي سبيل فرض قطر لنفسها كلاعب اقتصادي مهم على الساحة الدولية خاصة في منطقة اليورو، قامت بشراء سندات خزينة لبعض البنوك الفرنسية وساعدتها للنهوض مجدداً خلال أزمتها المالية الأخيرة، وقد يقول محللون أنه يصعب على دويلة مثل قطر أن تلعب دوراً إقليمياً أو دولياً مؤثرا في مسارات الاقتصاد العالمي لو لم تكن مدعومة في ذلك من قوى غربية ومن الولاياتالمتحدة بشكل خاص، وهذا تحليل ينقصه الذكاء لأن قطر أستطاعت أن تستغل علاقاتها ومعاهداتها بشكل جيد مع الولاياتالمتحدة وع دول أخري قوية في المنطقة ومن حق قطر بناء ما يحلو لها من علاقات مع من تريد، فمصر والأردن هما أكبر حليفان استراتيجيان للولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة لكن هذا لم يطعن في فاعلية دورهما السياسي الاقليمي وكذلك لم يزيد من مستو ييحضورهما في المنطقة بدون اليد الأمريكية الظاهرة والفاعلة في مواقف الدولتين. بغض النظر عن مساحات الدول وعدد سكانها فإن التأثير الاقليمي لا يقاس بقيم المساحة والحجم لأن المواقف التي تتخذها الدول لا تعني بأي شكل من الأشكال أنها نابعة من كبر مساحتها أو كثافة سكانها، لكن بات من المؤكد أن هناك جهات تسعي لجعل حبل العرب علي غاربهم بلا قائد ولا مرشد وأتضح كذلك أن الأقزام فقط هم من يرمون قطر بنبالهم الصدئة وبدائهم المعدي فمن يعتاد علي حياة الصغار لا همة له وقطر كبيرة وإن صغرت مساحتها. شكرا قطر.. شكرا أشياخ قطر وشعبها.. يوسف عمارة أبوسن [email protected]