٭ عندما تحاصرني أحداث الواقع وأصاب بالغثيان من أطنان الحديث الذي لا يصل الى حد ولا ترجى منه فائدة.. دونكم تصريحات الشريكين وما يدور حول الاستفتاء.. ووحدة الوجدان ومصير البترول.. وفي التاريخ ابحث عن الدروس والعبر والمفارقات والنوادر والطرف. ٭ وما من فترة في التاريخ العربي والاسلامي حفلت بالاحداث والروايات والنوادر والطرف. ٭ وما من فترة في التاريخ العربي والاسلامي حفلت بالاحداث والروايات والمفارقات والنوادر مثل فترة حكم الأمويين والعباسيين.. ٭ كانت الثورة على أشدها في العراق والحسين بن علي يقود الاحتجاج وعرش الأمويين مهدد.. إذا بالخليفة الأموي عبد الملك بن مروان يخطب في أهل دمشق قائلاً : هل من رجل يقوم باطفاء هذه النار واخماد هذه الفتنة؟. فيتردد الناس ويعم الجميع صمت بليغ.. ومن وسط هذا الصمت ينبثق صوت رجل يقول أنا لها يا أمير المؤمنين.. ويقول له الخليفة ولك ما تريد من الجند والمال. ٭ وبعدها يخرج الحجاج مرتدياً عمامة حمراء وفي عينيه بريق المتعطش للدماء وفي صحبته ألف مقاتل وذهب الى العراق وقضى على الثورة بها. ٭ ثم ذهب الى مكة وأتى برأس عبد الله بن الزبير ولكن فتنته كانت قائمة في العراق ولازال قطاع الطرق يسرقون وينهبون وفي أحد المساجد وقف الحجاج على المنبر وخطب في اهل العراق قائلاً «ان امير المؤمنين قد نثر كنانته بين يديه فعجم عيدانها فوجد امرها عودا وأصلب مكسرا فرماكم بي لأنكم طالما وضعتم في الفتنة واضطجعتم في مراقد الضلال والله لأحزمنكم حزم السلم ولأضربنكم ضرب غرائب الأبل». ٭ وحذرهم بقطع رؤوسهم إذا خرج منهم أحد بعد أذان العشاء. ٭ وخرج الحجاج في الليل يتأكد من نفاذ اوامره فرأى راعياً للأغنام فسأله عن مخالفة أمر الحاكم.. فقال له لقد اتيت البلاد لأبيع غنمي ولكن لم أعلم بالأوامر الا هنا فمكثت في مكاني.. فرد عليه الحجاج قائلا والله اعلم انك صادق ولكنني إذا تركتك سوف يقولون عني إني اقول ولا افعل فالجنة خير لك وقتله. ٭ قيل ان الحجاج أتى في هذه الليلة بخمسين رأسا وعلقها على باب منزله فهابه الناس جميعاً وأصبح الرعب يدخل قلوبهم لمجرد سما ع اسمه. ٭ ثم امر بعد ذلك الا يغلق احد دكانه ومهما ضاع منه شيء فعوضه على الخليفة فاستمع الناس الى هذا الامر وتركوا دكاكينهم مفتوحة. ٭ وكعادة الحكام حين يطمئن الى الحكم بقبضتهم الفولاذية يبحثون عن النساء.. وكان للحجاج ما أراد فتزوج هند بنت النعمان.. أجمل نساء زمنها وجعل مؤخر صداقها مائتي ألف دينار.. ومضت أيام على زواجه منها ودخل عليها ذات يوم فوجدها تنشد قائلة: وما هند إلا مهرة عربية سليلة أفراس تحللها بغل فإذا أتت مهرة فهي لها وإذا أتت بغلاً فقد أتى به البغل ٭ فانصرف في هدوء وطلقها وارسل لها مؤخر صداقها وبلغ الخليفة عبد الله بن مروان ذلك الخبر وكان لها في قلبه حب فارسل اليه يخطبها فكتبت له قائلة: (ولكن الكلب لعق الإناء) ، فرد عليها قائلا (اذا لعق الكلب إناء احدكم فليغسله سبع مرات احداهن بالتراب فوافقت، ولكنها اشترطت ان يقود الحجاج الجمل الذي تركبه من بيتها الى قصر الخليفة فأمر الخليفة الحجاج بذلك فامتثل للأمر. ٭ وحين ركبت هند الجمل الذي قاده الحجاج رمت من يدها ديناراً على الأرض وقالت للحجاج يا جمال لقد سقط منا درهم ارفعه لنا فقال لها انما هو دينار فقالت له الحمد لله الذي أخذ منا درهما وعوضنا عنه ديناراً.. وفهم الحجاج مقصدها فأسرها في نفسه حتى وصل الى بيت الخليفة فسلمها له.. ٭ ثم طلب الخليفة طعاماً للحجاج ولكنه أبى وقال للخليفة أنا لا أكل مكان أحد، وفهم الخليفة مقصده فطلق هند قبل أن يدخل عليها، وهكذا انتقم الحجاج لنفسه ثم كتم في نفسه حتى مات كمداً. هذا مع تحياتي وشكري.