تجمع عدد كبير من الكتاب والصحفيين ظهر أمس الأربعاء 16 مايو أمام مجلس الصحافة والمطبوعات بالخرطوم في وقفة احتجاجية على الإذلال الذي تعرض له الصحفي البارز الأستاذ فيصل محمد صالح. وبادر بتنظيم الوقفة اتحاد الكتاب السودانيين بالتنسيق مع عدد من المنظمات والنشطاء . وبينما كان الكتاب والصحافيون يقفون تحت شمس الظهيرة المحرقة كانت دواخلهم تغلي بسبب ما تعرض له زميلهم المشهود له بالمهنية والموضوعية والذي ظل يوقف داخل مبني جهاز الأمن لدستة أيام من الصباح وحتى المساء في الأيام الماضية في خطوة رآها الصحفيون إهانة وإذلالا، فضلا عن ما ينوبه من تعطيل لمصالحه ووقف لأشغاله. وكانت اللافتات التي يحملونها تحمل جملا مقتضبة من أمثال: لا لإذلال الصحفيين، لا لمصادرة الحريات، نعم لحرية الصحافة، كما كانت تحمل كاراكتيرات حول حرية التعبير، إضافة للوحة تشكيلية لفيصل بريشة الفنان التشكيلي الأستاذ حسن موسى رسمها له العام الماضي، فقد ظل فيصل هدفا للتضييق بداية بسبب مقاله حول حادثة اغتصاب صفية إسحق، ومؤخرا بسبب تعليقه على حديث عمر البشير في فضائية الجزيرة وقد وصف أحاديثه بغير المسئولة. وبخلاف الوقفات الشبيهة فقد كان الحضور كثيفا، وحضر رموز كبار من الصحفيين والكتاب، وتستحضر (حريات) سؤالها للأستاذ فيصل في وقفة الاحتجاج التي نظمتها شبكة الصحفيين في فبراير الماضي وحديثه عن تراجع في وجودهم (ولكن لسنا قنعانين منهم) لتؤكد أن فأل فيصل تحقق في التضامن معه، فعبر كل من الأستاذ محجوب محمد صالح والبروفسير الطيب زين العابدين عن كامل تضامنهما مع الجمع المحتشد ولكن اعتذرا عن الحضور شخصيا بحسب ما أورد الأستاذ كمال الجزولي الأمين العام لاتحاد الكتاب، وقد جاء للوقفة كثيرون من رموز العمل الصحفي والإبداعي والنشطاء، فكان هناك د. فاروق محمد إبراهيم المنسق العام للهيئة القومية للحقوق والحريات، والشاعر البارز والمدافع عن حقوق الإنسان الأستاذ كمال الجزولي ، ودكتور كامل الطيب إدريس المسئول المرموق سابقا في منظمة الملكلية الفكرية العالمية، والأستاذة آمال عباس، ود. محمد جلال هاشم ، والشاعر الأستاذ محمد طه القدال، ود. الباقر العفيف ، والأستاذ خطاب حسن أحمد، والأستاذ الفاتح جبرا صاحب ساخر سبيل، ود. هشام عمر النور ، وأ. ساطع الحاج، والأستاذ وائل محجوب ، وأ. أبو ذر علي الأمين ، ود. إحسان فقيري، وأ. صباح آدم ، وأ. أم سلمة الصادق ، ود. ناهد محمد الحسن، وأ. عفاف أبو كشوة، ، وأ. ناهد جبر الله، ، وأ. امل هباني، وأ. أروى الربيع، وأ. خالد أحمد وغيرهم من الصحفيين/ات والكتاب/ات والمبدعين/ات والنشطاء/ات. وبينما المحتجون وقوف في صفين متواجهين أمام مقر مجلس الصحافة والمطبوعات حضر الأستاذ فيصل محمد صالح مثيرا موجة تصفيق عالية استمرت لفترة من الزمن تحية له ولصموده، وفي هذه الأثناء كان وفد من المحتجين بقيادة أ. كمال الجزولي وعضوية كل من د. فاروق محمد إبراهيم ود. كامل الطيب إدريس، وأ. نجلاء التوم، وأ. لمياء الجيلي، وأ. نجلاء سيد أحمد، وأ. الفاتح جبرا ذهب لداخل مبنى المجلس وقابل رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات السيد علي شمو. ويروي الأستاذ كمال ما جرى بقوله: كان شمو كعادته دمث الأخلاق، قلنا له جئنا ونحن غاضبين غضبة شديدة ومعنا آخرون يقفون أمام المجلس محتجين على أنهم أهينوا وأذلوا في شخص الصحفي الكبير فيصل محمد صالح، وشجعنا ما ذكرته قبل أيام في وسائل الإعلام من أن مهمتكم في المجلس حماية الصحافة والصحفيين وإن فيصل (الذي وصفه بنفسه بانه كاتب موضوعي) ظل يعامل بإهانة من قبل جهاز الأمن “يلطعونه” من الصباح للمساء ثم اعتقلوه مرتين وفتحوا ضده بلاغ. وهذا فيه تجاوز لعلاقة الدولة بالمواطن أيا كان ناهيك عن أن يكون كاتبا كبيرا، ويقع هذا في مقام الكيد فالدولة تكيد للمواطن. وأضاف كمال: قال شمو كلاما طيبا في حق الوفد وفي حق فيصل وقال إنه خاطب جهاز الأمن مستفسرا عن قضية فيصل فقيل له إنه لم يقبض ككاتب صحفي ولكن في قضية سياسية. وهنا أقسمت له بأن فيصل ينتمي فقط لنفسه ولمبادئه ولقلمه، وهذا ليس تبريرا للتعامل غير اللائق مع الصحفي إذا كان حزبي الانتماء، ولكن كلنا يعلم أن جهاز الأمن كذاب فليس لفيصل نشاط سياسي والسبب فيما يتعرض له كلام قاله في إحدى القنوات الفضائية أن كلام مسئولين على قمة الدولة غير مسئول. وسلم وفد الوقفة الاحتجاجية ستة بيانات احتجاجية صدرت حول القضية من جهات مختلفة منها اتحاد الكتاب السودانيين، و(جهر)، وشبكة مدونون سودانيو بلا حدود، سلموها كلها للسيد علي شمو الذي وعد بمتابعة القضية. وبعدها اتجه جزء كبير من المحتجين إلى دار اتحاد الكتاب بالعمارات، حيث نورهم الأستاذ كمال الجزولي بما تم داخل مباني المجلس، واقترح التداول حول إنشاء جسم يعنى بحرية الصحافة والكتابة، وجرى نقاش مستفيض حول علاقة هذا الجسم بالهيئة القومية للحقوق والحريات وهل تكون فرعا فيها أم لا، وأشار البعض للحاجة للتركيز على حرية التعبير بالإشارة للهجمة المتصاعدة ضدها مؤخرا. وفي النهاية استقر الرأي على أن قضية حرية الصحافة والكتابة مسألة تحتاج للتخصص وإلى الانطلاق من الحراك الراهن الذي كان ناجحا بصورة لافتة لبلورة موقف موحد خلف حرية الصحافة والكتابة في حملة قوية من أجلها، وتم تكوين لجنة لقيادة تلك الحملة برئاسة الأستاذة آمال عباس وعضوية كل من الأساتذة/ات فيصل محمد صالح، رباح الصادق ، محمد طه القدال، ، نجلاء التوم، وائل محجوب، مأمون التلب . من جهة أخرى برز تيار قوي بين المحتجين ابتدره الشاعر القدال بسؤاله: هل بالإمكان ان نفتح بلاغا ضد جهاز الأمن على تصرفاته غير القانونية مع فيصل ومع غيره من الكتاب الذين منعوا من الكتابة؟ وأمن الجزولي على هذا المقترح بشدة ، وأكد أن ما يقوم به جهاز الامن الآن غير دستوري فالمادة 151 من الدستور تقصر مهامه على جمع المعلومات وتحليلها، وإنه لا مناص لجهاز الأمن من الانصياع أو يعلن أنه يدوس على الدستور ويبصق عليه، وأن الحل هو رفع دعوى للمحكمة الدستورية فيما يتعلق بفيصل والكتاب الذين منعوا من الكتابة. وقال: قلت لرؤساء التحرير ألا تستجيبوا لطلباتهم بحجب بعض الكتاب ولكنهم جبناء ليس بالمعنى الأخلاقي ولكن بالمعنى الاقتصادي فرأس المال جبان. وانتقد التكوين النقابي الخاص بالصحافيين (الاتحاد العام للصحافيين) باعتبار أنه يجمع الملاك بالصحفيين ولا جدوى ترجى منه في الدفاع عن حقوق الصفحيين المغتصبة. وفي ذات السياق اقترح وائل محجوب أن تنشأ هيئة محامين وطنية لرفع تلك الدعاوى، متسائلا: بأي مادة من الدستور والقانون يحرم جهاز الأمن من يحرم من الكتابة؟ وأضاف: يجب أن تكون هذه قضية فلسنا مستعدين أن يصفعونا في الخد الأيمن وندير الأيسر. وقال القدال إن المسألة تجاوزت اعتقال صحفي لاعتقال وطن، وتجاوزت إيقاف صحفيين من الكتابة إلى إيقاف حال البشر. أما الأستاذة آمال عباس فقد ركزت على ان الوضع الآن في الصحف يعاني من رقابة خانقة، واستشهدت بما يحدث في صحيفة (الصحافة) التي تعمل فيها و(وهي كذلك مشهود بأنها من أكثر الصحف احتفاظا بخط تحريري مستقل نسبيا اذا قورنت بكثير من الصحف الأخرى)، قالت آمال: في الأسبوع الماضي في الصحافة تمدد الحجب بشكل كبير، ففي يوم السبت حجب مقال الطيب زين العابدين، وفي الأحد عمود محمد وداعة، وفي الأحد والاثنين والثلاثاء حجب عمودي، وفي الآربعاء مقال سعاد إبراهيم عيسى، وهكذا. ومن إسقاطات الأحداث الأخيرة أن الثمن يدفعه الصحفيون، وتمددت مظلة التخوين حتى صارت واسعة جدا وكل من يفتح فمه ولا يطبل ولا يركب الموجة يصنف بأنه طابور خامس وخائن خاصة الصحفيين الصغار وليس كتاب الرأي، حتى الأخبار صار القائمون بالرقابة يشطبون فيها ويحولون ما أرادوا من الصفحة الأولى للثانية والثالثة. وقالت إن موضوع فيصل لم يلق الاهتمام المطلوب لأن الصحف ممنوعة من الكتابة فيه وكذلك ال12 صحفي الممنوعين من الكتابة، وكانت أعمدتي المحذوفة تتطرق لتلك القضايا، فلم يعد هناك مساحة إدخال أي مادة حولها ولو ضمن المقال. وأكدت: الصحف صارت شيئا مؤلما وهي مسئوليتنا. إضافة لعودة القبلية والعنصرية، فأنت ترى القبيلة الفلانية تشكر الرئيس على أنه عين فلان منها في المنصب الفلاني، وتقرأ لقاءات نافع بالبطاحين والجموعية، وتساءلت آمال عن إمكانية الاستفادة من قنوات الإذاعة الإف إم، وقالت إن صحيفة ألوان لم تخرج يومين في الأسبوع الماضي فصارت صحيفة منوعات، وكل الصحف صارت صحف منوعات. ووصفت اتهام جهاز الأمن لفيصل بعدم طاعة السلطات بانه اتهام فضيحة فهم المعتدون ولا بد ان نتكلم ونسخر من هذا الاتهام.