منذ ان بدأ مهندس سياسات التحرير الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم حمدي اول وزير مالية للانقاذ في تنفيذها انتقدناها وشككنا في في اسلاميتها‘ وكتبت مقالا نشر في السودان الحديث في سنوات الانقاذ الاولى مازلت اعتز به تحت عنوان (هل هذه السياسات اسلامية ام رأسمالية). وقتها كنت اعمل في مكتب صحيفة (الخليج) الاماراتية بالخرطوم وكان مقره بعمارة الفيحاء مقر بنك فيصل الاسلامي ‘ وفد استعنت في كتابتي لهذ المقال بعدد من المراجع التي تزخر بها مكتبة بنك فيصل الاسلامي ‘ وقتها للاسف لم يرد على المقال السؤال احد. نقول هذا بمناسبة الازمة الاقتصادية المتفاقمة حاليا التي يعاني منها المواطنون وهم يواجهون الزيادات المتصاعدة للاسعار بلا رابط ولا ضابط تحت مظلة هذه السياسات التي اعترف اولوا الامر الاقتصادي الانقاذي انفسهم فيما بعد بانهاسياسة (الاقتصاد الحر) بكل سوءاتها. لم تصمد تصريحات وزير المالية والاقتصاد الوطني علي محمودالتي قال فيها ان الاقتصاد السوداني لن يتاثر بالازمة الاقتصادية العالمية وانه ايضا لن يتاثر بخروج عائد(بترول الجنوب) من الموازنة العامة ‘ فقد ذهبت جميعها مع الريح واصبح الواقع الاقتصادي يزداد سوءا يوما بعد يوم بسبب(الربكة ) الاقتصادية. اصبحنا نسمع تصريحات يطلقها مسؤولون انقاذيون يهاجمون فيها السياسات الاقتصادية وصيغ التمويل بصفة اخص ويقولون انها غير اسلامية ‘ بل اضطر نواب حزب المؤتمر الوطني انفسهم اكثر من مرة الى تمرير قروض ربوية اخرها الموافقة على تمويل ربوي لمشروع السدود المائية لتوفير المياه لمناطق الشريط الحدودي مع دولة جنوب السودان ‘ وفي رايي هذا عمل طيب يستحق الثناء. نحن لا نبكي على اطلال الاقتصاد السوداني الذي نثق في امكانية معافاته والخروج به من هذه الدوامة الخطيرة ‘ لكنناقصدنا التنبيه الى اهمية الاعتراف بالواقع الاقتصادي والاسراع بمعالجة اختلالاته عمليا عبر مشروع الاصلاح السياسي الشامل المطروح داخليا بعيدا عن التستر خلف ( ابقار اقتصادية مقدسة) مصطنعة ليست من الاسلام في شيء في ظل غياب استحقاقات العدالة الاقتصادية والاجتماعية وضعف بنيات ومخرجات الصناديق الاجتماعية وادارتها التي فشلت عمليا في محاصرة الاثار السالبة التي خلفتها التطبيقات الشائهه لسياسة التحرير الاقتصادي في حياة المواطنين. دعونا نقول لاولى الامر عامة ولمن بيدهم القرار خاصة : تعالوا الى كلمة سواء بينكم ومع الجارة الوليدة من رحم السودان الرؤوم ‘ فهذا هو السبيل الذي لا سبيل سواه لتحقيق الحل السياسي السلمي القومي الديمقراطي الممكن اذا خلصت النوايا وجد العزم.