صوبت قيادات دستورية وسياسية انتقادات هي الأعنف من نوعها لمنهجية الحكومة التي تتبعها في التفاوض مع دولة الجنوب، وحذرت بشدة من مغبة تكرار ما وصفته بأخطاء التفاوض السابقة، ودمغت مفاوضي السودان بالجهل للمناطق الجغرافية الحدودية وأنهم غير ملمين بها، وفيما أبدت خوفها مما سمته بالتفاوض المريب وتفاوض الصفقات أعلنت ترحيبها بحسن الجوار مع دولة الجنوب، ودعت إلى إسناد وفد التفاوض بخبراء ومختصين من أبناء المناطق الحدودية مثار الخلاف مع دولة الجنوب أو الاستعانة بخبراء أجانب لتقوية موقف السودان حول المناطق المتنازع عليها، ورفضت بصفة قاطعة إقحام جوبا لمناطق جديدة للخلاف حول تبعيتها مثل «14 ميل»، وكشفت عن مستندات واتفاقات منذ الأعوام 1924 1939م توضح أن حدود السودان الجنوبية بمنطقة بحر العرب تقع إلى «40» ميلاً جنوب بحر العرب. وعبّر والي جنوب دارفور السابق عبد الحميد موسى كاشا عن تخوّفه من التفاوض حول مناطق غير متنازع عليها، وذكر في منبر ولاية شرق دارفور أمس، «أن التفاوض الجاري بين الخرطوموجوبا حول مناطق يعلم الطرفان أنها غير مختلف عليها أمر يثير الريبة» وأردف:«الجميع يتساءل: هل هي صفقات لأمر آخر؟»، وطالب برفد وفد التفاوض بخبراء من تلك المناطق لتقديم الحجج القوية حول تبعيتها للسودان، بينما هاجم عضو لجنة الحدود الفريق الحريكة عز الدين وفد التفاوض ووصف أعضاءه بالجهلة بجغرافية المناطق المتنازع عليها، وقال«المفاوضون لايعرفون تلك المناطق وهؤلاء جهلة بالمنطقة ولا يعلمون حتى أين تقع» وعده أمراً «عجباً»، وفق قوله، وأوضح أن وفد التفاوض غائب عن أشياء كثيرة بالحدود وخط 1/1/1956 ودعا الحكومة لاتباع طريق جديد للتفاوض.ونبه الحريكه إلى أن مسار المسألة الحدودية مع جوبا يسير بطريق خطير ويهدد قبائل التماس، من جانبه اتهم وزير الإعلام السابق عبد الله مسار الحكومة بالوقوع في ثلاثة أخطاء سابقة أدت إلى الخلاف في المسائل الحدودية مع دولة الجنوب، وقال إن الخرطوم هرولت للتوقيع على السلام رغم «دق الجنوبيين للخوازيق داخل الاتفاق»، ولفت إلى أن الخطأ الثاني يتمثل في الاعتراف بدولة الجنوب قبيل تحديد الحدود وبلا «حدود» متفق عليها، وأضاف:« الخطأ الثالث، قبول اللجنة السياسية بقيادة قوش وإدريس إقحام مناطق أخرى من قبل باقان للخلاف حولها»، ودعا مسار إلى مراجعة ومعالجة منهجية التفاوض وضم خبراء للوفد المفاوض وقال«الوفد عبارة عن وزراء وموظفين ويجب دعمهم بخبراء» ونوّه أن جلّ وفد جوبا المفاوض يتألف من أبناء مناطق التماس والحدود بعكس وفد الخرطوم الذي وصفه بوفد الموظفين، وطالب بحشد الرأي السوداني حول قضايا الحدود لبتر ما سماه بالحجج المبتورة.