نفذ مساء الاثنين أكثر من 100 سلفي هجوما عنيفا على أحد الفنادق بمدينة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية وفق ما ذكرت وكالة الأنباء التونسية. وأقتحم السلفيون الذين كانوا مسلحين بقوارير غاز مشل للحركة وبالهراوات والسيوف والأسلحة البيضاء النزل في حدود الساعة الرابعة مساء أي بعد صلاة العصر وقاموا بتهشيم تجهيزاته وإتلاف كمية كبيرة من المشروبات الكحولية كانت موجودة به. وجاء السلفيون من عدة بلدات بولاية سيدي بوزيد على متن شاحنات وسيارات ودراجات نارية واقتحموا النزل رافعين رايات سود كتب عليها “لا إلاه إلا الله محمد رسول الله” كما لو أنهم ينفذون غزوة من الغزوات. وأكد جميل بن علي الحرشاني صاحب النزل في تصريح لإذاعة “شمس أف أم” بأن “أكثر من 100 سلفي قاموا بالاعتداء على نزله وتخريبه بالكامل كما قاموا بخلع وسرقة منزله” . وأضاف الحرشاني أنه تلقى منذ 20 يوما تهديدات بحرق النزل من طرف مجموعة من السلفيين إذا ما لم يقم بغلق الحانة والمطعم. وقال إنه أبلغ وكيل الجمهورية، المدعي العام، والشرطة على اثر التهديدات غير أنه لم يتم فتح تحقيق في الأمر. وقام المهاجمون بتهشيم عدد من تجهيزات النزل على غرار قاعات الجلوس والثلاجات وبعض التجهيزات الأخرى دون حصول أية مواجهات تذكر مع العاملين بالنزل وكذلك دون تسجيل تدخل أمني. وقال مصدر أمني إن الشرطة رفضت التدخل “حتى لا تزداد الأمور تعكراً”. ويأتي هذا الاعتداء، بعد أن كانت مجموعات من السلفيين، قد أعلنت في شهر آيار (مايو) الماضي عزمها منع ترويج وبيع الخمور بمدينة سيدي بوزيد، مستندة في ذلك إلى ما قالت “مطالبة العديد من سكان المدينة بنقل نقاط بيع الخمرة إلى خارج المناطق السكنية”. يذكر أن عددا من السلفيين قاموا بإغلاق محلات توزيع وبيع الخمور في عدد من المدن منها سيدي بوزيد والكاف شمال غرب تونس. ورغم أن السلفيين والإسلاميين عامة لم يكن لهم دور يذكر في الثورة التي قادها شباب ليس له أي ولاء سياسي فإن الجماعات السلفية الجهادية سعت خلال أشهر الثورة إلى فرض أفكارها ومواقفها باستخدام العنف والإكراه وهو ما يرفضه التونسيون الذين يرون في الظاهرة السلفية “ظاهرة وهابية” تلقى الدعم الديني والمالي من دول الخليج وخاصة من السعودية وقطر. وفي 17 آب (أغسطس) استخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق سلفيين هاجموا بالسيوف والهراوات مهرجانا ثقافيا في مدينة بنزرت (شمال) حضره سمير القنطار السجين اللبناني السابق في إسرائيل المعروف باسم “عميد الأسرى اللبنانيين”. وقال بشير بن شريفة المسؤول بمكتب الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بنزرت ان السلفيين اقتحموا دار الشباب التي كانت تستضيف الدورة الثانية من “مهرجان الأقصى” واعتدوا على الحاضرين “بالهراوات والسيوف والحجارة والعنف اللفظي”. وأوضح أن “عديد الحاضرين أصيبوا إصابات خطيرة وتم نقلهم إلى المستشفى وقد جرى هذا أمام أعين الأمن الذي لم يتدخل إلا بعد ساعة” من اقتحام السلفيين للقاعة. وفي 23 آب (أغسطس) الماضي هاجم ما لا يقل عن 500 سلفي مسلحين بالهراوات والسيوف حي أولاد بالهادي بمدينة سيدي بوزيد بهدف “تأديب” شبان اعتدوا على 3 سلفيين في أحد مقاهي المدينة. ويتهم سياسيون وناشطون حقوقيون حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم في البلاد بعدم الحزم في التعاطي مع “تجاوزات” السلفيين التي باتت تهدد الحريات الفردية والعامة. ودعا المرصد اليورومتوسطي لحقوق الإنسان “منظمة حقوق إنسان أوروبية شرق أوسطية” في بيان له يوم 19 آب (أغسطس) السلطات التونسية إلى “اتخاذ إجراءات قانونية صارمة للحد من تجاوزات الجماعات السلفية” في تونس. وعزا “ازدياد وتيرة العنف إلى غياب قوة الردع القانونية للعناصر المحسوبة على التيار السلفي”. وأعرب المرصد، ومقره جنيف، عن “قلقه البالغ إزاء تكرار حوادث العنف ‘السلفي' داخل البلاد، والتي قادت إلى فض عدد من الفعاليات الثقافية والحقوقية تحت وطأة عناصر ‘سلفية' منفلتة استخدمت القوة والتهديد ضد المواطنين”. وتقول قيادات اليسار التونسي وفي مقدمتهم زعيم حزب العمال حمة الهمامي وزعيم حركة الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد إن حركة النهضة الإسلامية تشجع تنامي سطوة السلفيين في البلاد من أجل استخدامهم لتصفية خصومها.