إنّ ألعاب الأطفال الشعبية التي توارثتها الأجيال وانتقلت لنا عبر الذاكرة الشعبية و أدبنا الشفاهي في شكل نصوص شعرية بالكلمات العامية وإيقاعاتها الموسيقية المختلفة كان يتغنى ويلعب بها الأطفال في أريافنا وحواضرنا في طول البلاد وعرضها . سوف نتناول في هذه المساحة كيفية توظيف شاعرنا العامي المتغلغل في عمق وخلايا المجتمع السوداني محمد الحسن سالم حميد ألعاب الأطفال الشعبية المغناة في نصوصه الشعرية لمعالجة العديد من الموضوعات والقضايا . وسوف نتناول في هذا المقال أربعة نماذج لألعاب الأطفال . أولى هذه النماذج “.. شليل وينو أكلو الدودو شليل وين راح أكلو التمساح …” استخدم حميد هذه اللعبة في قصيدة مصابيح السماء الثامنة طشيش لرثاء صديقه ورفيق دربه الفنان مصطفى سيد أحمد . جيدا جينا .. طلقنا وشينا … وش الدنيا الليله حلاتو وش اطفالنا الليله حلاتو .. غني معانا غنانا هويتو غني العالم .. غني حياتو لا ساومنا عليها قضيتو … لا فكينا من إيدنا وصايتو … ألف شليل يانوره يفوتو … عشان مايجيك شليلك ذاتو ….. وثاني هذه النمازج لعبة يتغنى بها الأطفال في منطقة الشايقية بشمال السودان لحيوان صغير يسمي “بالصبَرَة” “الصبرة كمير كو كو .. الصبرة حرامية وأشو … وظف شاعرنا هذه اللعبة في قصيدة الضو وجهجهة التساب الصبرة كمير .. كو كو …..تنعشنا عشاها من ضو الصبرة حرامية وأشو … في حبال خاذوقها إتلولو .. لا ترمي دموعك شو شو .. قاوم والمره بتحلو … ترف أستخباراتن أوو … صاج الدبابة الكررو .. ضنب الطيارة الفي الجو … الترمي قنابل بو بو … كم يبني بلادك ياا الضو … واللعبة الثالثة في ذات القصيدة السابقة استخدم شاعرنا لعبة أخري للأطفال متداولة في كل بلاد السودان وبعض الدول العربية . ياطالع الشجرة .. جيب لي معاك خيمة… تستر من المطرة .. لو كبت الغيمة…. جيب لي معاك قمحات .. قمحاتنا في الشيمة… وغنم الحلب رايحات ضلمنا ضليمة … خيمة السعودية .. دفو ما بتدفيكا … لبن اليهودية .. بلدك ينسيكا … قمحا من امريكا .. خازوق ركب فيكا …. وفي النموذج الرابع وظّف شاعرنا “الهدهدة” هودنا يا هودنا وهي أسلوب يستخدمنه الأمهات لتنويم اطفالهن . ” هودنا ياهودنا .. كان شبعت ياجنا .. ما شبعت قول لنا ” استخدمه كالآتي : هودنا ياهودنا .. لعبة قديمة عندنا .. كان شبعت يا جنا .. ماشبعت قول لنا .. بت العسكر تمشي وتسكر … بت النوبة .. تغني طروبة من الحنية مع عروبة تقلب الهوبة في الراكوبة … على اللالوبة تشر لي توبة … ترسي الغربة .. تنسي التربة مأسي حروبه تكسر الحربة .. بعود الحربة تدق النوبة . وأخيرا مع التقدم التكنلوجي وثورة الاتصالات والمعلوماتية كم نحن محتاجين أن نحافظ علي هذه الألعاب الشعبية التي وردت في أدبنا الشفاهي والتي تعكس لنا مظاهر حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعقائدية من الاندثار والتلاشي . كما نحن في أشد الحوجة إلي القيم والمعاني الجميلة التي بشّر بها شاعرنا في نصوصه السابقة .. حيث الغناء للأطفال ، والعالم ، وعدم المساومة في القضايا المصيرية ، والتضحية من أجل الوصول إلى الأهداف النبيلة . وكم نحن محتاجين أن نصرف أموالنا على النشاطات التنموية التي تنهض وتعمر وتبني بلادك يا الضو ، بدلا من صرفها في الجوانب العسكرية والتسليح والحروب … وكم نحن محتاجين ان نعتمد علي أنفسنا ،، بدلا من التبعية والاعتماد علي الغير في مدنا بالمعونات . وكم نحن محتاجين ان نحسم سؤال الهوية الشائك الذي ادخل بلادنا في حروب أهلية اهدرت معظم مواردنا . كما نحن في أمس الحوجة لغناء بت النوبة الطروب مع العرّوب .. ومحتاجين لكسر الحربة رمز “الحرب” ومحتاجين لدق النوبة وهي رمز “للتصوف” المتجذر في عمق هذه البلاد ، حيث سماحة الدين والتعايش والمحبة والسلام الاجتماعي ..