كان ظهور أحد رموز الدعوة السلفية بمصر، وأحد الطلاب الكبار للمدرسة السلفية السعودية الشيخ محمد حسان في شاشات التلفزيون المصري، متوافقاً وتراثه، وهو يطالب المعتصمين بالعودة، وعدم إثارة الفتنة تجاه ولي الأمر. لكن التحول الثوري جعل الشيخ نفسه وفي مؤتمر الجبهة السلفية المصرية يطالب الشيوخ بإعادة النظر في كثير من المسلمات فى السنوات الماضية، كمسألة الترشح لمجلسي الشعب والشورى، وللرئاسة، والحكومة، هذا التحول راكمته مرحلة عصيبة من تاريخ الخطاب السلفي المصري المتكئ على خطاب سلفي (سعودي) عقب أقوى تهديد فعلي يطال مسلماته النظرية. مأزق تاريخي بين شباب سلفي، شارك في الثورة، وحمل روح التغيير، وخطاب متوقف عند حدود تاريخية ساكنة، لم تنفع في تحريكه الاتصالات المكثفة التي بذلتها السلفية المصرية بنظيرتها السعودية، عبر علماء ورموز، ولم تفلح في إيصال صورة التحول، أو التوصل إلى حالة أوضح، فالمستفتَى لم يكن قادراً على استيعاب حالة التغير السياسي والمستفتِي بات في سفينة تغرق. هنا كانت لحظة الانفكاك (الديمقراطي) في الخطاب السلفي حين اضطر الفرع إلى تجاوز تراث المدرسة الأم؛ والإبحار بعيداً وبعيداً جداً للحاق بركب القيادة والتأسيس لمفهوم دولة مدنية، كانوا من أشد الرافضين لفكرتها. ما حصل في مواقف السلفية الحركية في بعض الدول العربية، خصوصاً دول الربيع العربي، في التردد الأوَّلي من الثورات العربية، وحكم المشاركة في المظاهرات والاحتجاجات الشعبية – كما حدث في مصر من قبل تشكيلات السلفية الحركية- ثم مراجعة الأطراف للتغييرات التي حدثت، والتي كتبها في الكثير من الدراسات والقراءات، وتأسيس بعضها أحزاباً سياسية كحزب النور، الحزب ذو مرجعية إسلامية ويتبع المنهج السلفى، ويعد أول حزب سلفي يتقدم بأوراقه ويتم قبوله ضمن الأحزاب التي قدمتها الدعوة السلفية الذراع السياسي القوي للدعوة السلفية بالإسكندرية، كبرى الجماعات السلفية الحركية في المحيط السلفي المصري، الذي حصد في أول انتخابات برلمانية في الجمهورية المصرية الثانية نسبة90% من مجمل المقاعد التي حصدها السلفيون،( قرابة 123 مقعداً)، والبقية متوزعة بين حزب الأصالة (يمثل شخصيات دعوية في القاهرة)، وحزب البناء والتنمية (ممثلاً عن الجماعة الإسلامية). ذلك الحراك السياسي المصري في جانبه السلفي، مثّل حالة من الاستثناء في عالم السلفية عموماً، ومرحلة مزج فيها “القلق مع الترقب”، ليس على مستوى القطر المصري فقط، بل على مستوى الإقليم الخليجي والوطن العربي عموماً، كما مثّل أيضاً صدمة تحول كبير للمجتمع السلفي الرسمي والحركي، رغم وجود تجربة سياسية في الخليج العربي في كل من الكويت والبحرين، إلا أن المراقبين يعتبرونها صغيرة مقارنة بالإطار السكاني والثقل النوعي المختلف بين تلك التجربتين وبين التجربة المصرية الجديدة، التي سيكون لها تأثير، إما إيجابياً أو سلبياً، خلال الفترة السياسية القادمة. هناك من المراقبين والمحللين مَن يلوح إلى استخدام فكرة مركزية أخرى في تطور الخطاب السياسي الخليجي في الاعتماد على التجربة اليمنية لسلفيي اليمن؛ خصوصاً بعد بحثهم في أعمال المؤتمر العام للسلفيين (13 مارس 2012) فكرة تأسيس حزب سياسي كإطار عمل، يشارك من خلاله السلفيون في الشأن السياسي، وذلك استجابة للمتغيرات التي فرضتها ثورات الربيع العربي. واستخدم على سبيل المثال المتحدث باسم جمعية الحكمة، الشيخ عقيل بن محمد المقطري، عبارة أن الشعب يريد الانتقال إلى مدنية تخدمه، وإلى مؤسسية، وإلى فصل السلطات، وإلى الشفافية، وإلى مكافحة الفساد، والتعايش مع مختلف الأطياف الفكرية والسياسية، والمشاركة في الحوار الوطني، وفي الانتخابات، والمساهمة في إدارة الشؤون السياسية العامة، وتجاوز المفاهيم التقليدية التي وصفها بالأشياء الوهمية. وبحسب المحللين، فإن التجربة السلفية في اليمن إذا ما تمت أركانها للسلفية الحركية، فإنها ستكون عامل جذب أكبر من التجربة المصرية نظراً للبيئة المشتركة، خاصة بعد تأسيسهم حزباً سياسياً جديداً يمثلهم لهم على خارطة اليمن السياسية أسموه ب”حزب اتحاد الرشاد اليمني”. - الخطاب السلفي التقليدي الخليجي، سواء المحسوب على النظام السياسي، أو القريب من رحم تلك الأنظمة، ستظل مشروعيته الدينية مرهونة لاستراتيجيات القرار السياسي. - تحديات تواجه الخطاب السلفي الحركي، بعد التغييرات الجديدة في عناصر الربيع العربي، هي كالتالي: التحدي الأول: المواءمة بين منهجها والحالة الطارئة التي واجهتها بعد الثورات، في مرحلة المشاركة السياسية، سواء في البرلمان أو الحكم. التحدي الثاني: كيف ستستقبل قواعد السلفية الحركية إطارات التأصيل الشرعي الجديد، المتعلق بالحالة السياسية، التي تربوا عليها لعقود طويلة، للتأصيل الجديد الملائم للأوضاع السياسية التي انتقلوا إليها بعد الثورات. وهذه من القضايا التي تحتاج إلى دراسة مستفيضة مفصلة. التحدي الثالث: الدخول إلى عالم لم يكن لديهم فيه سابق خبرة، وهو العمل السياسي، وذلك منعطف تاريخي خطير؛ لأن الدخول في العملية الديمقراطية به الكثير من الملابسات الشرعية، فكيف سيستطيعون المواءمة بين مسلّماتهم ودهاليز السياسة. التحدي الرابع: موقفهم المتشدد تجاه مشاركة المرأة السياسية. التحدي الخامس: في حال فشل السلفيين الذين دخلوا في إطار العملية السياسية، فكيف سيبررون خروجهم وعودتهم لمنهجهم. التحدي السادس: الدخول في الهيئة التأسيسية البرلمانية، سيخرج السلفيين من محيطهم إلى محيط التفاعلات والصراعات الدولية، هل يملكون إدارة فعّالة لتلك الأزمات بذهنية وحنكية ودهاء السياسي. الخطاب السلفي الحركي الخليجي ينظر إلى التجربة السياسية للسلفية المصرية بعين “القلق والخشية” من فشلها، خصوصاً تجاه أتباعها الذين يقدرون بالملايين، وفي الإطار السكاني الكبير لمصر وثقلها السياسي، وفي المقابل سيكون نجاحها محفزاً كبيراً، وعضداً للسلفية الحركية في الخليج والعالم العربي، ورغم وجود تجربتين سياستين في الكويت والبحرين إلا أنهما يمثلان تجربتين صغيرتين، إذا ما أخذنا الإطار السكاني بعين الاعتبار. لقد ضربت الثورات العربية الخطاب الجهادي في فكرته المركزية بالتغيير من العنف إلى اللاعنف. كما حصلت ارتباكات واضحة في موقف تعامل كل من السلفية التقليدية والحركية من كل ثورة على حدة، وبدا التمايز واضحاً في الثورة السورية. خلاصة من بحث ياسر باعامر الموقف “السلفيون في الخليج والوقف من الثورات”، ضمن الكتاب 69 (سبتمبر 2012) “الخليج والربيع العربي الدين والسياسة' الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي. كان ظهور أحد رموز الدعوة السلفية بمصر، وأحد الطلاب الكبار للمدرسة السلفية السعودية الشيخ محمد حسان في شاشات التلفزيون المصري، متوافقاً وتراثه، وهو يطالب المعتصمين بالعودة، وعدم إثارة الفتنة تجاه ولي الأمر. لكن التحول الثوري جعل الشيخ نفسه وفي مؤتمر الجبهة السلفية المصرية يطالب الشيوخ بإعادة النظر في كثير من المسلمات فى السنوات الماضية، كمسألة الترشح لمجلسي الشعب والشورى، وللرئاسة، والحكومة، هذا التحول راكمته مرحلة عصيبة من تاريخ الخطاب السلفي المصري المتكئ على خطاب سلفي (سعودي) عقب أقوى تهديد فعلي يطال مسلماته النظرية. مأزق تاريخي بين شباب سلفي، شارك في الثورة، وحمل روح التغيير، وخطاب متوقف عند حدود تاريخية ساكنة، لم تنفع في تحريكه الاتصالات المكثفة التي بذلتها السلفية المصرية بنظيرتها السعودية، عبر علماء ورموز، ولم تفلح في إيصال صورة التحول، أو التوصل إلى حالة أوضح، فالمستفتَى لم يكن قادراً على استيعاب حالة التغير السياسي والمستفتِي بات في سفينة تغرق. هنا كانت لحظة الانفكاك (الديمقراطي) في الخطاب السلفي حين اضطر الفرع إلى تجاوز تراث المدرسة الأم؛ والإبحار بعيداً وبعيداً جداً للحاق بركب القيادة والتأسيس لمفهوم دولة مدنية، كانوا من أشد الرافضين لفكرتها. ما حصل في مواقف السلفية الحركية في بعض الدول العربية، خاصة دول الربيع العربي، في التردد الأوَّلي من الثورات العربية، وحكم المشاركة في المظاهرات والاحتجاجات الشعبية – كما حدث في مصر من قبل تشكيلات السلفية الحركية-، ثم مراجعة الأطراف للتغييرات التي حدثت، والتي كتبها في الكثير من الدراسات والقراءات، وتأسيس بعضها أحزاباً سياسية كحزب النور، الحزب ذو مرجعية إسلامية ويتبع المنهج السلفى، ويعد أول حزب سلفي يتقدم بأوراقه ويتم قبوله ضمن الأحزاب التي قدمتها الدعوة السلفية الذراع السياسي القوي للدعوة السلفية بالإسكندرية، كبرى الجماعات السلفية الحركية في المحيط السلفي المصري، الذي حصد في أول انتخابات برلمانية في الجمهورية المصرية الثانية نسبة90% من مجمل المقاعد التي حصدها السلفيون،( قرابة 123 مقعداً)، والبقية متوزعة بين حزب الأصالة (يمثل شخصيات دعوية في القاهرة)، وحزب البناء والتنمية (ممثلاً عن الجماعة الإسلامية). ذلك الحراك السياسي المصري في جانبه السلفي، مثّل حالة من الاستثناء في عالم السلفية عموماً، ومرحلة مزج فيها “القلق مع الترقب”، ليس على مستوى القطر المصري فقط، بل على مستوى الإقليم الخليجي والوطن العربي عموماً، كما مثّل أيضاً صدمة تحول كبير للمجتمع السلفي الرسمي والحركي، رغم وجود تجربة سياسية في الخليج العربي في كل من الكويت والبحرين، إلا أن المراقبين يعتبرونها صغيرة مقارنة بالإطار السكاني والثقل النوعي المختلف بين تلك التجربتين وبين التجربة المصرية الجديدة، التي سيكون لها تأثير، إما إيجابياً أو سلبياً، خلال الفترة السياسية القادمة. هناك من المراقبين والمحللين مَن يلوحون إلى استخدام فكرة مركزية أخرى في تطور الخطاب السياسي الخليجي في الاعتماد على التجربة اليمنية لسلفيي اليمن، خاصة بعد بحثهم في أعمال المؤتمر العام للسلفيين (13 مارس 2012) فكرة تأسيس حزب سياسي كإطار عمل، يشارك من خلاله السلفيون في الشأن السياسي، وذلك استجابة للمتغيرات التي فرضتها ثورات الربيع العربي. واستخدم على سبيل المثال المتحدث باسم جمعية الحكمة الشيخ عقيل بن محمد المقطري، عبارة أن الشعب يريد أن ينتقل إلى مدنية تخدمه، وإلى مؤسسية، وإلى فصل السلطات، وإلى الشفافية، وإلى مكافحة الفساد، والتعايش مع مختلف الأطياف الفكرية والسياسية، والمشاركة في الحوار الوطني، وفي الانتخابات، والمساهمة في إدارة الشؤون السياسية العامة، وتجاوز المفاهيم التقليدية التي وصفها بالأشياء الوهمية. وبحسب المحللين، فإن التجربة السلفية في اليمن إذا ما تمت أركانها للسلفية الحركية، فإنها ستكون عامل جذب أكبر من التجربة المصرية نظراً للبيئة المشتركة، خاصة بعد تأسيسهم حزباً سياسياً جديداً يمثلهم لهم على خارطة اليمن السياسية أسموه ب”حزب اتحاد الرشاد اليمني”. - الخطاب السلفي التقليدي الخليجي، سواء المحسوب على النظام السياسي، أو القريب من رحم تلك الأنظمة، ستظل مشروعيته الدينية مرهونة لاستراتيجيات القرار السياسي. - تحديات تواجه الخطاب السلفي الحركي، بعد التغييرات الجديدة في عناصر الربيع العربي، هي كالتالي: التحدي الأول: المواءمة بين منهجها والحالة الطارئة التي واجهتها بعد الثورات، في مرحلة المشاركة السياسية، سواء في البرلمان أو الحكم. التحدي الثاني: كيف ستستقبل قواعد السلفية الحركية إطارات التأصيل الشرعي الجديد، المتعلق بالحالة السياسية، التي تربوا عليها لعقود طويلة، للتأصيل الجديد الملائم للأوضاع السياسية التي انتقلوا إليها بعد الثورات. وهذه من القضايا التي تحتاج إلى دراسة مستفيضة مفصلة. التحدي الثالث: الدخول إلى عالم لم يكن لديهم فيه سابق خبرة، وهو العمل السياسي، وذلك منعطف تاريخي خطير؛ لأن الدخول في العملية الديمقراطية به الكثير من الملابسات الشرعية، فكيف سيستطيعون المواءمة بين مسلّماتهم ودهاليز السياسة. التحدي الرابع: موقفهم المتشدد تجاه مشاركة المرأة السياسية. التحدي الخامس: في حال فشل السلفيين الذين دخلوا في إطار العملية السياسية، فكيف سيبررون خروجهم وعودتهم لمنهجهم. التحدي السادس: الدخول في الهيئة التأسيسية البرلمانية، سيخرج السلفيين من محيطهم إلى محيط التفاعلات والصراعات الدولية، هل يملكون إدارة فعّالة لتلك الأزمات بذهنية وحنكية ودهاء السياسي. الخطاب السلفي الحركي الخليجي ينظر إلى التجربة السياسية للسلفية المصرية بعين “القلق والخشية” من فشلها، خاصة تجاه أتباعها الذين يقدرون بالملايين، وفي الإطار السكاني الكبير لمصر وثقلها السياسي، وفي المقابل سيكون نجاحها محفزاً كبيراً، وعضداً للسلفية الحركية في الخليج والعالم العربي، ورغم وجود تجربتين سياستين في الكويت والبحرين إلا أنهما يمثلان تجربتين صغيرتين، إذا ما أخذنا الإطار السكاني بعين الاعتبار. لقد ضربت الثورات العربية الخطاب الجهادي في فكرته المركزية بالتغيير من العنف إلى اللاعنف. كما حصلت ارتباكات واضحة في موقف تعامل كل من السلفية التقليدية والحركية من كل ثورة على حدة، وبدا التمايز واضحاً في الثورة السورية.