ضد التيار هيثم كابو ح"صالات" أفراح !! * من مفارقات التسويق التي لا تحدث إلا في بلادنا الصابر أهلها؛ أنه كلما زاد إقبال الناس على سلعة زاد أهلها غروراً وغطرسة؛ و(زادوا الأسعار) بطريقة جنونية؛ وكأنهم يردون تحية تفاعل الناس معهم باستغلال بشع يعكس للملأ أسوأ أنواع الطمع في زمن تسيدته الانتهازية والجشع..! * سياسة تحرير الأسعار منحت (ملاك صالات الأفراح) وغيرهم حق وضع الأرقام التي تناسبهم وتصديرها كلائحة أسعار تزيد بمزاج الإدارات ولا تنقص وإن بات إيجار الصالة يتم مرتين في اليوم الواحد بعد اتجاه البعض لإقامة أفراحهم ظهراً مع تناول وجبة الغداء؛ غير قيمة الساعات الإضافية التي تمنح لحفلات (الجرتق والأوفر نايت)..! * لم يكتف أهل صالات الأفراح وبعض الأندية بالأسعار الفلكية التي يفرضونها على كل صاحب مناسبة، ولكنهم باتوا يضغطون على الأسر التي تدفع (دم قلبها) في زواج أبنائها بإلزامها أن يكون العشاء من الصالة وبفاتورة خيالية أيضاً ولا تتناسب مع الأسعار المعروفة في (سوق الله أكبر)، كما أن (ربط أحد الصُفرجية لوسطه) أثناء تقديم (عشاء بارد ومنزوع الطعم) لا يعتبر ميزة متجاوزة تمنح إدارة الصالة حق فرض قيمة فلكية على كل من أراد دعوة أهله وأحبابه لحضور مراسم فرح أحد أبنائه. * الجشع لم يقف عند هذا الحد، فمعظم أهل الصالات باتوا الآن يفرضون أيضاً التعاقد مع (طاقم تصوير فيديو معين) تابع للصالة ودفع القيمة التي يحددونها أو فلتذهب غير مأسوف على (عرسك).! * تحولت معظم الأفراح من المنازل والأحياء إلى الصالات والأندية في زمن الأزقة والشوارع الضيقة الذي عزت فيه (ميادين كرة القدم) ناهيك عن (الفسحات).. أصبحت محلات الفيديو المنتشرة على طول وعرض ولاية الخرطوم مهددة بالتوقف عن العمل نهائياً.. الأسماء المعروفة التي كانت تصنع (لمسة جمالية) في كل حفل، وتسرق (كادر مليان إحساس) عند كل مناسبة باتت على شفا حفرة من الضياع، والمؤسف حقاً أننا بانكماش رقعة عمل (مصوري الفيديو المعروفين) بدأنا نسمع عن تسرب بعض أسطوانات الأفراح الخاصة التي كان (أصحاب محلات الفيديو القُدام) يحافظون عليها حتى تتم (منتجتها) كما يحافظون على أولادهم وأهل بيتهم..! * سعدت حقاً لتحرك (الغرفة الفرعية لأصحاب الفيديو والمصورين) التي تقدمت قبل فترة ببلاغ في مواجهة 24 صالة لنيابة حماية المستهلك تحت المواد (21 و22) من قانون تنظيم التجارة وحماية المستهلك لسنة 2012 الذي يحظر الاحتكار.. عدد من البلاغات أيضاً تقدم بها متضررون لرفض الصالات التعاقد معهم ما لم يلتزموا بقبول (كافة الخدمات) التي يحتاجها الفرح من (وجبة وفيديو وزينة وكوشة) وبالأسعار المحددة من جانبهم و(غير القابلة حتى للتفاوض)..! * التساؤلات التي تبحث عن إجابات شافية: هل تدفع هذه الصالات رسوم تصاديق وضرائب عن (مجمل تلك الخدمات) التي انتزعتها انتزاعاً وحددت لها أسعاراً خرافية؟.. لماذا تضرب الصالات بقانون حماية المستهلك عرض الحائط رغم علمها أن (الفصل الرابع) منه جاء يحمل عنوان (حظر الاحتكار)؟.. ما مصير 700 محل فيديو وتصوير متوسط عدد الذين يعملون بالمحل الواحد من فنيين ومتعاونين لا يقل عن عشرة أشخاص؟.. كيف تتحصل المصنفات الأدبية والفنية رسوم ترخيص من تلك المحلات غير ما يتم دفعه من ضرائب وزكاة ونفايات ولا أحد يسعى لتأمين سوق عمل لأولئك المغلوبين على أمرهم؟.. هل اعتاد المواطنون على التفريط في حقوقهم برضوخهم لجشع أهل الصالات الذين يطالبون بأن تكون الوجبات مقدمة منهم (إجبارياً) لا (اختيارياً) وكذلك تصوير الفيديو وربما في مقبل الأيام يتم إلزامك بالفنان، أم أن ما يحدث جزء من سياسة فوضى عارمة سيطرت على معظم المعاملات في السودان، وجعلت التعاقد مع مكان يجتمع فيه الناس لتبادل التهاني أشبه بعقد الإذعان؟ نفس أخير * ليس مهماً أن تتحول (صالات الأفراح) إلى (حصالات أموال)، ولكن المهم حقاً إيقاف عبث الاحتكار وفوضى الأسعار حتى لا يأتي يوم تفرض فيه إدارة الصالة عليك (شريك حياتك)..!