مذاق الحروف عماد الدين عمر الحسن الركشات يا ادارة المرور… شهدت البلاد خلال السنوات الاخيرة الماضية تدفقا للاجئين من دول الجوار بأعداد مهولة ، ومن وجنسيات وأعمار مختلفة من الجنسين ، منهم الوافدون بالطرق الرسمية المسموح بها لأسباب أو لاخري ، ومنهم الذين يدخلون عن طريق التهريب مستغلين طول الشريط الحدودي بيننا وبين بلدانهم وصعوبة مراقبه تلك الحدود بشكل مستمر، وقد أدي هذا التواجد الكثيف للأجانب بالضرورة إلي الكثير من الاثار السالبة في مختلف مناحي الحياة ، حيث يأتي القادمون بعاداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم المختلفه والتي قد يكون لها تأثيرها المباشر علي المجتمع دون شك ، هذا غير تأثيرهم علي سوق العمل بالبلاد وسيطرتهم علي بعض المهن والمجالات ، كما تعدت هذه الاثار في بعض الأحيان التأثير الاقتصادي إلي مجالات اخري أكثر خطورة وأدق حساسية . والذي لا شك فيه أن هذا الوجود الأجنبي الكثيف الذي تشهده الخرطوم تحديدا – ينذر بخطر حقيقي يهدد المجتمع السوداني في أعز ما يملك من أخلاق وعادات وتقاليد . من بين هذه المهن التي احتكرها – الي حد كبير – بعض الاجانب من جنسية دولة مجاورة – مهنة قيادة الركشات ، ولا علم لي اذا ما كان السبب في ذلك يرجع الي ضعف الضوابط الموضوعة لتنظيم هذه المهنة وسهولة امتهانها ، أو الي سهولة الحصول علي الركشة نفسها نسبة لمعقولية سعرها قياسا علي وسائل النقل الاخري ، وسواء كان السبب هو الاول أو الثاني فان النتيجة تكون أن جيوشا جرارة من الأجانب أصبحت تمتطي هذة الوسيلة ثلاثية العجلات وتمارس هذا النوع من النشاط علي مرأي وعلم من كل الجهات المسؤلة . لا ندعو الي التضييق علي الاجانب في سبل كسب عيشهم كما يحدث في بعض البلاد العربية ، ولكن نقول اذا كانت السلطات قد سمحت لبعض هؤلاء الأجانب بمزاولة هذه المهنة ، فليس أقل من الزامهم بالتقييد بالضوابط السليمة والنظام ، وقبل ذلك مراعاة أخلاق وعادات أهل البلد الذي يستضيفهم ، ونقول ذلك علي خلفية انتشار ظاهرة شديدة السلبية تتمثل في أن عددا من هذه الركشات يقودها شباب صغار السن ومن غير السودانيين ، يلبسون أزياء غريبة ودخيلة أحيانا علي اهل هذا البلد ، وأحيانا تجدهم يلبسون الاردية القصيرة أوما يطلق عليه ( البرمودا ) ، كما يتميزون كذلك بتقليعات غريبة في طريقة تصفيف شعرهم ، مع رفع صوت الكاسيت لأعلي درجة ممكنه مما يؤذي الناس في منازلهم عند مرورهم بالاحياء السكنية – مع ملاحظة أن هذه الصفة الاخيرة يشترك فيها كل سائقو الركشات أجانب كانوا ام سودانيين . وخلاف مسألة التقاليد والأعراف هذه ، فان الفئات العمرية هذه لا تتمتع بالمسؤلية ، وخطورتهم قد لا تكون علي الاذواق فقط ، بل تتعداها الي الارواح وذلك لما يظهر منهم من استهتار وتهور وعدم التقيد بضوابط ولوائح المرور ، وكثير من الحوادث تقع لمثل هذه الأسباب . كذلك فان هذه الوسيلة أصبحت تمثل مهددا أمنيا في كثير من الأحيان ، وهي تستخدم أحيانا في ارتكاب بعض الجرائم وتوزيع المخدرات والممنوعات بمختلف أنواعها ، وقد كنت من بين شهود وقفوا قبل اسابيع علي مطاردة عنيفة بين ركشتين داخل أحد الاحياء بالخرطوم تماما كتلك التي تستطيع مشاهدتها علي بعض قنوات ( الاكشن ) الاجنبية ، ولما فشل المتأخر في تلك المطاردة علي اللحاق بالمتقدم – عاد وتوقف بجانبنا وأخبرنا أن الهارب اللعين خطف موبايل فتاة وهرب به ، وكثير من الحوادث المماثلة تقع بين الحين والاخر . نقول ، هو ملف خطير دون شك ، ولابد من التشدد فيه لأقصي درجة ممكنة ، ولابد من وضع ضوابط واضحة تحدد عمر السائق ، وتلزمه كذلك بضوابط من حيث المظهر العام ، وقد كان سائق المركبة العامة – حتي وقت قريب – يعتبر مخالفا لو لم يكن يلبس الزي القومي مكتملا ، أو أي زي اخر شريطة أن يكون محترما . ثم بعد ذلك لابد من متابعة تطبيق تلك الضوابط بشكل مستمر . وختاما نقول ، لو كان مثل هؤلاء الذين ذكرناهم يقودون الركشات بدون تراخيص فهي مشكلة يا ادارة المرور ، ولو كانوا حاصلين علي رخص للقيادة ، فالمشكلة أكبر وأشد تعقيدا …