تمر اليوم الخميس 17 يناير الذكرى الثالثة والعشرين لرحيل مصطفى سيد أحمد. غادر الراحل الفانية في السابع عشر من يناير من العام 1996 بالدوحة بعد معاناة مع مرض الكلى، مسيرة مصطفى سيد أحمد بدأت فعلياً على نطاق واسع وانتشرت في العام 1980 أثناء مشاركته في مهرجان الثقافة الثالث، في ليلة الواعدين بأغنية (الشجن الأليم) كلمات الشاعر صلاح حاج سعيد وألحان الموسيقار محمد سراج الدين. (1) "مصطفى سيد أحمد" لم يكن شيوعياً في يوم ما.. كان تقدمياً ومنحازاً للشعب. في حديث صحفي لأرملته بثينة محمد التي تقيم بهاميلتون بكندا منذ سنوات أن أعمال الراحل الخاصة وصلت إلى (600) عمل غنائي وأضافت إلى أن معاناته مع مرض الكلى بدأت بمعهد الموسيقى والمسرح بعد أن شعر بحالة من الإعياء والتعب الطارئ في العام 1981، واكتشف الأطباء وقتها في السودان أن لديه ضغط دم حاد بسبب مشاكل في الكلى وهو عيب خلقي، حيث توجد جيوب في كليته اليمنى.. ولكنه لم يكن يكترث كثيراً، لذلك واصل مسيرة عطائه الفني واللحني والإبداعي وحفلاته الكثيرة إلى أن سافر إلى روسيا لكي يطمئن أكثر على حالته الصحية، وشكل ثبوت حالته الصحية مع مرض الكلى تحدياً له في أن يواصل مسيرته الفنية ونفت بكل صراحة أن يكون زوجها الراحل "مصطفى" منتمياً للحزب الشيوعي بل كان فناناً منحازاً لكل فئات الشعب السوداني وطبقاته المختلفة. (2) رفيق الراحل مدني النخلي في حديث سابق ل(الرأي العام) في الذكرى السنوية لمصطفى سيد أحمد قال إن مصطفى رافقه بالإقامة في الدوحة لسنوات وهو صديق له لثلاثين عاماً وكان مدرسة في اختيار الأغنيات ومختصاً في الأغنيات التي تحمل معاني عميقة وكان فناناً صاحب مسؤولية ورسالة. وقال مدني: بدأت علاقتي معه في العام 1979 بأغنية "في عينيك عشم باكر" ولكنه لم يغنها في حينها والتقينا مرة أخرى بالدوحة وأهديته "علمي عيوني السفر" في العام 1995، وبفندق الواحة بالدوحة طلب مني أن يضيف الجزء الأخير في الأغنية وعندما سألته عن السبب قال لي: يا دوب الغربة لمستني. (3) جمال حسن سعيد الممثل والشاعر الذي تغنى له مصطفى ب"أظنك عرفتي" قال إن هناك نماذج قدمها مصطفى لا يستطيع أحد مجاراته فيها أمثال "عم عبد الرحيم" و"مريم الأخرى" واستطاع أن يغني الشعر الدرامي، ومعظم الشعراء الذين تغنى لهم كانوا من الدراميين مثل هاشم صديق ويحيى فضل الله وعاطف عوض خيري وقاسم أبوزيد ونجح في أن ينقل التشكيل البصري في الغناء إلى لوحة محسوسة وأثبت أن قدرته على التشخيص في الأداء عالية. (4) من جانبه خص الأستاذ عبد الوهاب هلاوي أمس موقع خرطوم سنار بحديث عن مصطفى في ذكراه الثالثة والعشرين، وقال إن مصطفى سيد أحمد كما عرفته كان عجيباً ومدهشاً، ذلك الراحل هو من بين مجموعة صغيرة جعلت من ارتباطي الفني بهم قيمة لا تدرك بالأحرف والكلمات، ويكفيني أن تظل مسألة للإحساس والشعور. وقال إن تعاونه معه كان سريعاً وخاطفاً لم يتعدى سوى بضع سنوات، وتمنيتها لو طالت، ووصف نفسه بأنه كان في المنطقة الوسطى في حياة مصطفى الفنية، وقد سبقه الشعراء صلاح حاج سعيد والراحل محمود حسين خضر في التعامل معه. ليجئ بعدهم جيل الشعراء يحيى فضل الله، وعاطف خيري، والكتيابي، وأزهري محمد علي، ومدني النخلي، والقائمة تطول، وقال هلاوي: حين زارني في داري ببحري لأول مرة طلب مني عدداً من النصوص، وأخذ أغنية (الملام) وذهب بعد أن أودع المكان سحراً لا يقاوم، الحقيقة لا أعرف الطريقة التي وصلت بها الأغنية للموسيقار يوسف السماني الذي لحنها. لكن كل ما أذكره أنني بكيت حينما استمعت لمصطفى يغنيها لأول مرة، ولا زالت هذه الأغنية من أحب الأغنيات إلى نفسي. أذكر كذلك أنني كتبتها على صفحة (علبة تبغ) فارغة، وأنا داخل حافلة تحملني من المؤسسة بحري حتى الشارع قبالة الإذاعة السودانية ببيت المال.