كثيرة هي الملفات التي تنتظر قوى الحرية والتغيير لحسمها بعد انقلاب 25 أكتوبر، وأبرزها على الاطلاق هو توسيع تحالفها الذي كان يعتبر أكبر تحالف شهده السودان، إلا أن لعنة الانقسامات لاحقته وكادت أن تعصف ب(الفسيفساء) لولا صمود المنظومات المناهضة للانقلاب بقوى الحرية والتغيير وتمسكها برفضه مهما كلفها ذلك من تكاليف وصلت إلى حد الاعتقالات وتلفيق التهم والزج بالقيادات في السجون، كل هذه المحاولات الرامية لتهشيم قوى الحرية والتغيير لم تمكنها في انجاز مهمتها، خاصة وأن هناك أسباب أخرى ذات صلة ببقية قوى الثورة فالحزب الشيوعي ولجان المقاومة يقفان بالمرصاد أمام (قحت) حتى تكون جزءاً من الجبهة المعارضة باعتبارها تمثل قوى (التسوية) و(الهبوط الناعم) التي تسعى للعودة للسلطة مجدداً على حساب دماء الشهداء. وفي المقابل تتبنى قوى الحرية والتغيير الحل السياسي ولكنها تخشى تداعياته أو بالأحرى توابعه وتتخوف من أن تتحمل المسؤولية حال عودتها للشراكة مرة أخرى مع العسكريين، كل هذه القضايا وأسئلة أخرى ترفع عقيرتها دفعت بها مصادر مطلعة إلى المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي سلمى نور فإلى مضابط الحوار. *قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي أقرب إلى خيار التسوية أم المواجهة ؟ – بعد أن إستلمت قوى الحرية والتغيير الدعوى من الآلية الثلاثية (اليونتامس – الاتحاد الأفريقي – الإيغاد) لحل الأزمة السياسية طرحت رؤيتها حول الحل السياسي، وفقاً لثلاث مراحل أولها تهيئة المناخ إذ لا بد من ايقاف العنف ورفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين، والمؤسف أنه حتى الآن لم يعر الانقلابيون هذه المطالب إهتماماً ناهيك عن المطالب المتمثلة في إنهاء الحالة الإنقلابية ومحاسبة قتلة المتظاهرين، وعليه قوى الحرية والتغيير مع الحل السياسي، ولكنها تنتهج المقاومة الشعبية وآليات الضغط السياسية سواء كانت داخلية او خارجية لتحقيق أهداف ومطلوبات الثورة . *هذا حديث مضطرب أين تقف (قحت) من الخيارات التي ذكرتها لك.. نريد إجابة أكثر دقة؟ – قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي تنتهج آلية المواجهة ضد الانقلاب منذ 25 اكتوبر وهذا لا يحتاج سبر أغوار لإكتشافه، (نهج التفاوض وغيره دي آليات لتسليم السلطة)، وليست آليات لحل الازمة ، حل الازمة يكمن في إنهاء الحالة الانقلابية التي تسبب فيها المكون العسكري، وهو الذي ينبغي أن ينهيها بحل مجلس السيادة ومجلس الوزراء وكل القرارات التي اتخذت بعد 25 اكتوبر، الحرية والتغيير عرضت الرؤية المتكاملة حول الحل السياسي بالتفاوض بأن تسبقه تهيئة المناخ، ومن ثم يبدأ الحوار هو حوار لتسليم السلطة للمدنيين وليس للتسوية، لا تسوية في مطالب الشارع السوداني، التسوية الوحيدة التي ستحصل هي خروج كامل للمؤسسة العسكرية من الحياة السياسية وتسليم سلطة مدنية كاملة، بالإضافة الى تحقيق ملف العدالة وإنفاذ بقية القضايا العشرة التي طرحتها الحرية والتغيير منها القضية الاقتصادية ومراجعة ملفات السلام . *قبلتم بالتسوية عند موافقتكم على الوساطة الأمريكية السعودية ؟ اذا كنت تعني مشاركتنا في الاجتماع مع الوسيط الأمريكي الذي تم في منزل السفير السعودي، هذا الاجتماع كان لتوضيح المواقف المختلفة بين الطرفين اللذين حضرا الاجتماع (الحرية والتغيير والمكون العسكري)، وكانت الوساطة الامريكية طلبت من الجانبين الحرية والتغيير والمكون العسكري توضيح رؤيتهما لحل الأزمة، الاجتماع إنعقد بعد أن رفضت الحرية والتغيير المشاركة في الجلسة الفنية التي إبتدرت الحوار المطروح الذي تيسره الآلية الثلاثية، اللقاء نتج عنه اتفاق على أن الطرفين من المفترض أن يسلما مقترحاتهما لحل الأزمة كما أسلفت، لم تكن الفكرة من الاجتماع فتح باب لحوار او تفاوض حول الحل، (شكله وطبيعته ومطالب الشارع السوداني)، بل كانت الفكرة في الأساس تسليم رؤى الحل من قبل الطرفين، بعد عشرة أيام من الاجتماع الأول عقد إجتماع ثاني في بيت السفير السعودي بطلب من السفيرة الامريكية لتوضيح أين وصلت المجهودات من الطرفين؟، قامت الحرية والتغيير بتسليم رؤيتها للوساطة لكن المكون العسكري لم يسلم رؤيته للوساطة ووعد بتسليم الرؤية، بعدها جاء موكب 30 يونيو الذي اعتقد أنه تمخض عنه خطاب البرهان بالانسحاب من العملية السياسية وتسليم السلطة للمدنيين. *اذن بعد 30 يونيو لم تجلس الحرية والتغيير مع المكون العسكري؟ بعد 30 يونيو وقفت كل المشاورات سواء كانت مع الوساطة السعودية – الأمريكية أو الآلية الثلاثية، وذلك لمعرفة ردود الحرية والتغيير حول خطاب البرهان، ولقد أوضحنا بجلاء أن الغرض من الخطاب هو شرعنة الانقلاب ومحاولة لتحميل المكون المدني المشكلة التي تسبب فيها العسكر. *هل يعني ذلك أن الحرية والتغيير لن تجلس مرة أخرى مع العسكر ؟ (ما حنقدر نقول إن الحرية والتغيير ما حتجلس مع المكون العسكري مرة أخرى، لأن الرافع اللاءات الثلاث في مواجهة المدنيين الآن هو المكون العسكري، بانسحابه من حوار الآلية الثلاثية) وهذا لن يفضي إلى حل للأزمة.. الأزمة السياسية عندها طرفين (طرف انقلابي وطرف مقاوم للإنقلاب) إذاً لا بد من جلوس الطرفين لحل الأزمة . * الحرية والتغيير متذبذبة في مواقفها، وتسهم بذلك في تدهور الأوضاع الاقتصادية وزيادة معاناة الشعب السوداني ؟ – الحرية والتغيير ليست متذبذبة، وانما المتذبذب هو المكون العسكري الانقلابي، وهذا التذبذب ظاهر منذ اجراءات ال25 من اكتوبر، المكون العسكري ان كان يريد حلاً وخروجاً للبلاد من الازمة، كان عليه وقف حالة العنف ضد المواطنين في السادس من يناير وهو التاريخ الذي طرحت فيه اليونتامس رؤيتها للحل السياسي، ومنذ ذلك التاريخ لم يتوقف العنف بل إزداد، والدليل على ذلك أنه عندما عرضت الأممالمتحدة التدخل كوسيط لحل الازمة السودانية كان عدد الشهداء في ذلك اليوم لا يتجاوز الأربعين شهيداً واليوم وصلنا لعدد المائة وعشرين شهيداً ومازالت الالية العسكرية تحصد ارواح المتظاهرين في الشوارع، إذاً الذي لا يريد حلاً سياسياً في السودان هو المكون العسكري الانقلابي الذي يتسبب في قتل المتظاهرين السلميين في الشوارع كل يوم. *جهود قوى الحرية والتغيير لتشكيل الجبهة العريضة ضاعت سدى خاصة بعد أن رفضت لجان المقاومة الانضمام إليها ؟ الحرية والتغيير في هذا الاطار نظمت ورشة لتقييم آداء الفترة الانتقالية، مجهودات الحرية تجاه الوحدة لم تقف منذ الانقلاب، ارسلت الحرية خطابات للجان المقاومة للجلوس ولكنها ردت انها تنتظر الى حين اكتمال ميثاق لجان المقاومة ،بعد اعلان الميثاق طالبت بضرورة ان تعتذر قوى الحرية والتغيير وان تشرع في تقييم التجربة ،الآن الحرية والتغيير بصدد تقييم التجربة، كل تلك مجهودات في اطار توحيد الجهود ووحدة الصف المدني ومجابهة الانقلاب والرجوع للمسار الديمقراطي . *هل تريد الحرية تحقيق مطالب اكبر خاصة بعد ان رمى المكون العسكري الكرة في ملعبها باطلاق سراح قياداتها المعتقلين ؟ – المكون العسكري لم يرم بالكرة في ملعب الحرية والتغيير، بل رمى بها في ملعب الشق المدني، دائما المكون العسكري يتلاعب بالكلمات حتى انه لم يذكر القوى المدنية باستثناء حزب المؤتمر الوطني المحلول، وبعد هذا القرار باقل من 48 ساعة قام قائد الانقلاب بتعيين 5 سفراء من المكون العسكري من مختلف الرتب العسكرية في وظائف مدنية ،هذا يؤكد ان المكون العسكري لم يلق بالكرة في ملعب المدنيين وإنما فعلاً ذهب الى الثكنات واخذ معه السلطة الى الثكنات . *مقاطعة.. أليس كان بمقدور الحرية والتغيير ان تعلن حكومة ؟ الحرية والتغيير ليس القوة الوحيدة الموجودة في الساحة مناهضة للانقلاب فهناك التجمعات المهنية ولجان المقاومة وبعض الاحزاب السياسية بجانب الحزب الشيوعي، كل هؤلاء يمثلون الجبهة المدنية المناط بها تشكيل حكومة الفترة الانتقالية والعودة الى المسار الديمقراطي ،ولو كانت الوحدة التي تنادي بها الحرية والتغيير قبل خطاب البرهان تحققت، كان يمكن ان تتفق القوى المدنية على شكل الحكومة وطريقة ادارة الفترة الانتقالية ومدتها الى آخر القضايا المعلقة، لكن عدم اكتمال الوحدة وهو كان وراء هذا التأخير . *البرهان ترك العمل السياسي وذهب تاركاً الملعب للمدنيين حسب ماهو معروف.. أين تكمن الصعوبة في تشكيل الحكومة ؟ – قوى الثورة حالياً غير موجودة في مركز تنسيقي موحد، وكان ينبغي أن يكون هناك مركزاً تنسيقياً واحداً بعدها نذهب لتنسيق المهام فهنالك قضايا لم تحسم مثلاً المجلس التشريعي ومجلس السيادة ..وغيرها من القضايا ،لابد من الإتفاق بين المكونات المدنية على مؤسسات الحكم الانتقالي وقضايا المرحلة الانتقالية . *دائماً قوى الحرية والتغيير متأخرة وليست على علم بمستقبل العملية السياسية وتفاجأت مثلها مثل الآخرين بانقلاب البرهان؟ – الحرية والتغيير بعد انقلاب بكراوي في سبتمبر وسحب الحرس من امام لجنة التمكين اعلنت التصعيد وكان من الواضح في اشكال حقيقي، ولو فعلاً الحرية تريد المكاسب الحكومية (من الأول ما كان وصلنا البلاد للمرحلة دي وكان ادينا العساكر العاوزنو) .الحرية والتغيير ماكانت على علم بالانقلاب ، الدليل على هذا هي التعبئة التي حدثت في موكب 21 اكتوبر الذي طاف بشارع الستين والمطار. *قوى الحرية والتغيير هي التي أضاعت الحكم المدني؟ – تجربة الحرية والتغيير في الفترة الانتقالية بها بعض الاخفاقات لكن فيما يخص مناهضة انقلاب 25 من اكتوبر ناهضت الانقلاب قبل ان يصبح واقعاً، ولو كانت لقمة سائقة في يد العساكر ماكان عملوا انقلاب عليها كان ممكن يقدموا تنازلات مثل مجموعة الموز وجماعة الميثاق من أجل المحافظة على بعض المكاسب. *هنالك لقاءات سرية تمت في الخفاء مع المكون العسكري الايام الفائتة …؟ -لا علم لي بذلك لكن سألت طه عثمان شخصياً ونفى هو ذلك . *دائماً تغفلون المحاسبة وهي مجرد مناورة لديكم؟ اول الاجراءات لتصحيح الانقلاب هو ايقاف كافة الاجراءات والقرارات التي تلت الانقلاب، وأولها قطعاً المحاسبة وبعد ذلك بالنسبة للتواقيت الزمنية يتم التوافق عليها بعد وقف حالة العنف ووقف حالة الطوارئ ،الحرية والتغيير لم تتجاوز ملف العدالة، قد يكون حصل اخفاق في ملف العدالة، بتسليم الملف لجهات غير ذات الكفاءة بالتحديد ملف فض الاعتصام، صحيح حصلت بعض الاخفاقات وكلنا معترفين بيها لكن هذا لا يعني اننا تجاهلنا الملف وسيتم محاسبة كل الذين ارتكبوا جرماً في حق الشعب السوداني يوما ما . *سبق وان جلستم مع العساكر عقب الانقلاب ؟ -( اذا الحرية والتغيير جلست مع المكون العسكري، هنالك ناس اعتصام الموز جلسوا مع العساكر وخططوا معهم للانقلاب ،ونحنا جلسنا مع المؤسسة العسكرية لننهي حالة الانقلاب، ونحن مفروض نلاقي العملو الانقلاب في الاساس ونحل معهم مشكلة الانقلاب، والقوى المدنية القامت بالانقلاب لو كان عندها وجود جماهيري بسيط لتمكنت من دعم الانقلاب ،ولعل الانقلاب الحصل في تقديري افشل انقلاب يمر على تاريخ السودان، انقلاب قاعد 8 شهور ماقادر يكون حكومة تدير شؤون الدولة، وحسب خطاب البرهان ان الانقلاب قام من أجل تدهور كثير من الاوضاع ولكنه مازالت الأوضاع تسير للأسوأ، وخطاب البرهان التصحيحي كما زعم فاقم من الاوضاع) . *الحرية والتغيير راهنت على العالم الخارجي للضغط على الانقلاب؟ الحرية والتغيير لم تحرك السفارات، وكل السفارات اعلنت موقف واضح عقب الانقلاب، وموقف السفارات والبعثات الدبلوماسية الاجنبية الموجودة في السودان كان بناء على موقف الشارع الرافض للانقلاب قبل ان يعرف الشارع من الذي قام بالانقلاب، وحتى المواكب التي تحركت للشارع ماكانت تعرف من هو قائد الانقلاب ،البعثات الدبلوماسية في بادئ الامر رحبت ترحيبا خجولا وتداركت الموقف سريعا بعودتها للموقف الاول الرافض للانقلاب عندما لا حظت ان الشارع رافض للانقلاب ومازال الشارع رافضاً للانقلاب .. *الشارع السوداني نفسه رافض لقوى الحرية والتغيير؟ الشارع ليس رافضاً للحرية والتغيير، وقال كلمته لا بد من تقييم المرحلة الانتقالية السابقة والاعتراف بالاخطاء التي حدثت من أجل مواصلة طريق الثورة، صحيح نحن لا ننكر أن هناك تراجع طفيف في شعبيتنا بسبب الاخطاء التي صاحبت المرحلة السابقة، لكن نحن لسنا بعيدين من الشارع ،والشارع لم يرفض الحرية والتغيير. *هل تستمر الاوضاع بهذه الوتيرة ،لماذا لم تقدم الحرية والتغيير تنازلات من أجل الشعب السوداني ؟ – لن تقدم الحرية والتغيير تنازلات فيما يتعلق بمطالب الشارع السوداني لأنها لا تمتلك ذلك الحق في الاصل. *الحرية والتغيير تتخوف من هجوم الناشطين لذلك لم تقدم تنازلات ؟ -الثورة مرقت عشان تكمل التحول الديمقراطي والتخلص من الحكم الديكتاتوري، وهنالك اضاءات كثيرة حصلت في فترة الانتقالية مقارنة بالفترة السابقة . *(طيب ماترجعو تستلمو السلطة) ؟ ليس المقصود الحرية والتغيير والمقصود كل القوة المدنية، من غير اتفاق كل الاطراف المختلفة الآن ليس بالإمكان استلام السلطة . *الظروف الحالية تقتضي عودة ذات الشركة ؟ التسوية السياسية تحتاج لطرفين ولن تكون هنالك خطوة إلا بتوافق الطرفين، الطرف الانقلابي والطرف المناهض للانقلاب، لن نقدم على خطوة طالما ان هنالك عثرات ماتزال قائمة كحالة الطوارئ والاعتقالات ولعل الطرف الانقلابي ليست لديه قابلية للتسوية، لذلك لن تحدث تسوية. *سقوط الانقلاب يحتاج الى وحدة بين الاطراف المدنية المختلفة هل تتوقعين ان يحدث ذلك قريباً..؟ هنالك مجهودات لتوحيد القوة، قطعاً الحرية والتغيير لوحدها لن تسقط الانقلاب وحتى الاحزاب خارج منظومة الحرية والتغيير لن تقوى على اسقاط الانقلاب ، الحرية والتغيير تظل أبوابها مشرعة وكل من يريد الالتحاق بركب المجموعة ،هنالك مهام لكل الفعاليات السياسية عليها ان تشرع في تنفيذ مهامها عندها سيتم التوافق عندها سيتم سقوط الانقلاب. حوار : أشرف عبدالعزيز