تباينت مواقف القوى السياسية حول مبادرة الشيخ الطيب الجد ود بدر والمعروف ب" مبادرة أهل السودان للتوافق" بينما قلل مراقبون من المبادرة التي صممت لتكون مخرجاً لمأزق المكون العسكري الذي يدعمه بشكل واضح ، ودعا الخليفة الشيخ الطيب الشيخ الجد الشيخ محمد ودبدر ،رئيس مبادرة نداء أهل السودان للتوافق و الى ضرورة وحدة أهل السودان لحل الازمة التي تمر بها البلاد، وقال في مؤتمر صحفي الاثنين بقاعة الصداقة بالخرطوم إن الأزمة تمثل تهديدا لاستقرار البلاد . واتهم مراقبون ومحللون سياسيون مبادرة الشيخ الطيب الجد بأنها لعبة من الحركة الاسلامية لضمان وجودهم في المشهد السياسي في المرحلة الجديدة ، وقال المحلل السياسي سعد محمد أحمد: إن هذه المبادرة لم تأتِ بجديد ، وما يثير التساؤل حولها لماذا سارع البرهان بالترحيب بها ، وتابع بقوله: " الشيخ الطيب الجد من كوادر الحركة الاسلامية في الأساس ولم يسجل له موقف إيجابي في الثورة السودانية مثل الكثيرين من زعماء الصوفية في السودان الذين كان لهم مواقف مشرفة مع حركة التغيير ، ولهذا لا يحق له الحديث عن الانتقال الديمقراطي ".
ويتفق المحلل السياسي د.مصعب فضل المرجي مع سعد في توافق أجندة الحركة الاسلامية مع مبادرة الشيخ الطيب الجد وقال فضل المرجي: إن الاسلاميين بدعم من العساكر يحاولون تشتيت جهود المبادرات الجادة بخلق مبادرات وهمية لا تجدي في الحالة السودانية، والشعب السوداني الذي يحاول الانفكاك من التقليدية والبحث عن دولة قانون لا تؤمن إلا بالعدالة والحرية والمساواة ، وأضاف مصعب في حديثه ل "الحراك" : قد تحمل المبادرة حلولا جيدة لكن في نهاية الأمر تخدم مصلحة جهة معينة وتمهد لعودة الدولة القديمة . وكان الشيخ الطيب الجد أعرب عن أمله ان ينتهي الحوار الذي يرتب له إلى وثيقة وطنية ترسم طريقا متوافقا عليه لإدارة متبقي المرحلة الانتقالية وصولا لانتخابات حرة تتوافر لها كل ضمانات النزاهة والشفافية ، وتسلم السلطة بعدها لمن يختاره الشعب، ويرضي الجميع بإرادة وحكم المواطنين ، والصبر على هذا المنهج حتى تترسخ الديمقراطية في بلادنا . وكشف الشيخ الطيب الجد عن عقد مؤتمر مائدة مستديرة الايام القادمة لصياغة رؤية توافقية من أجل انتقال راشد يحقق تطلعات الشعب في حكم نفسه جامع لكل القوى السياسية والمجتمعية دون عزل أو إقصاء ، يعمل عبر الديمقراطية وآليتها المعلومة للانتخابات الحرة . واعلن الشيخ الجد عن تكوين مجلس أعلى لنداء أهل السودان ،يضم شيوخ الطرق الصوفية ورؤساء الأحزاب والتكتلات السياسية والشباب ولجان المقاومة والجماعات والقبائل والمنظمات المدنية من الخلفيات والأفكار كافة . ومن جانبه قال رئيس تحالف العدالة التيجاني السيسي إن من لا يستطيع التحاور مع خصمه لا يمكن ان يكون رجل دولة، وأضاف لا يمكن ان نرهن أمن ومستقبل البلاد لمجموعة محددة لأن ذلك سيؤدي إلى انهيار البلاد ، وأوضح التيجاني السيسي رفضه التام للاقصاء وحذر من أن الاقصاء سيدفع الآخرين الى الاصطفاف والاصطفاف المسلح وطالب السيسي الأطراف الأخرى باللحاق بالمبادرة . ودعا السيسي الجميع للتوافق لأن الوطن يتداعى من بين ايدينا.. وأشار إلى أن هذا الفراغ يملأ بالمبادرات السودانية وليس باللجوء إلى الخارج ، ورأى التيجاني السيسي ان المبادرة فرصة لوضع خارطة طريق للحوار. من جانبه قال محمد عبد الباقي كوكو رئيس تجمع كيانات الوسط ان المبادرة تهدف إلى انجاز اتفاق حد أدنى حول إدارة الفترة الانتقالية، وقال إن المبادرة ليست غريبة على الشيخ الطيب الشيخ ودبدر في ندائه لجمع السودانيين على بوتقة واحدة ..وأضاف : لن تمر هذه المرحلة بسلام الا بالتوافق والوصول إلى تكوين حكومة كفاءات مستقلة تتمثل في بسط الأمن و تحسين معاش الناس وتوفير السلع والخدمات والتحضير لاجراء الانتخابات .
من جهته رحب رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بمبادرة الشيخ الجد ود بدر و قال: "نحن نؤيد كل مسعى يريد صاحبه أن يجمع أهل السودان وسيجد منا الدعم والسند لحين الخروج بالبلاد إلى بر الأمان"، مؤكدا أن السلطة الحاكمة لن تستطيع فعل شيء بمفردها. وتحدث البرهان في بداية الاسبوع الجاري أمام حشد من المصلين بمنطقة ود أبو صالح شرقي الخرطوم، قائلا: "قبلنا بمبادرة رجل الدين المعروف الخليفة الشيخ الطيب الشيخ الجد ود بدر"، للخروج من الأزمة الحالية كونه من الشخصيات صاحبة الثقة والاحترام". بينما أكدت الحرية والتغيير المركزي عن عدم تلقيهم أي دعوة لهذه المبادرة.. وقال قيادي في تحالف الحرية والتغيير أنهم لم يتلقوا أخطارا بتفاصيل مبادرة "نداء أهل السودان للتوافق الوطني" التي يتبناها رجل الدين المعروف الطيب الجد.
وفي المقابل كشف المتحدث باسم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وجدي صالح، حسب ما ورد ب"سودان تربيون " عن عدم تلقي المجلس المركزي أي دعوة للمشاركة في هذه المبادرة، وحال وصلت الدعوة سيكون للحرية والتغيير موقفها". وأوضح القيادي بحزب المؤتمر السوداني نور الدين صلاح الدين أن التحالف ليس ضد أي حلول سياسية، لكنه لفت إلى ضرورة أن تركز المبادرات على كيفية اسقاط الانقلاب واستعادة مسار التحول الديمقراطي، وقال إن الحرية والتغيير لن تكون طرفا في أي مبادرة لا تحمل هذه العناوين. وفي المقابل رحبت عدد من القوى السياسية بالمبادرة من بينها الاتحادي الأصل والمؤتمر الشعبي و تحالف الحراك الوطني بقيادة التيجاني السيسي وحزب الأمة برئاسة مبارك المهدي وأحزاب أخرى.. كما انضم للمبادرة نُظار القبائل ومشائخ الطرق الصوفية وممثلون عن النساء والشباب والمهنيين.