لرفع معدل الولادات في اليابان.. طوكيو تطبق فكرة "غريبة"    " صديقى " الذى لم أعثر عليه !!    عقار يواصل مباحثاته بموسكو والاتحاد الإفريقي يكشف عن مبادرة جديدة    وجدت استقبالاً كبيراً من الجالية السودانية...بعثة صقور الجديان تحط رحالها في أرض الشناقيط    "مركز بحري روسي عسكري" في بورتسودان.. تفاصيل اتفاق وشيك بين موسكو والخرطوم    بلينكن يناقش في اتصال هاتفي مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان تطورات الأوضاع في السودان    صراع المال والأفكار في كرة القدم    وانتهى زمن الوصاية والكنكشة    حب حياتي.. حمو بيكا يحتفل بعيد ميلاد زوجته    شاهد بالصورة.. الفنانة عشة الجبل ترتدي "تشيرت" ريال مدريد وتحتفل بفوز "الملكي" بدوري الأبطال وساخرون: (غايتو الله يستر على الريال طالما شجعتي انتي)    شاهد بالصور.. أبناء الجالية السودانية بموريتانيا يستقبلون بعثة المنتخب الوطني في مطار نواكشوط بمقولة الشهيد محمد صديق الشهيرة (من ياتو ناحية؟)    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس "مصرية" ترقص وتحتفل بزفافها على أنغام الأغنية السودانية (الليلة بالليل نمشي شارع النيل)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة "خواجية" تشارك عروس سودانية الرقص في ليلة زفافها وساخرون: (نحنا العلمنا الخواجات الزنق)    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    "إكس" تسمح رسمياً بالمحتوى الإباحي    شاهد بالصور: أول ظهور لرونالدو بعد خسارة نهائي كأس الملك يستجم مع عائلته في البحر الأحمر    حادث مروري بين بص سفري وشاحنة وقود بالقرب من سواكن    نيمار يحسم مستقبله مع الهلال    شرطة محلية سنار تنظم برنامجاً ترفيهياً للقوات    أبشر دلدوم الختيم إشيقر المحامي.. هل تذكرون هذا الشخص المثير للجدل؟!    السودان..نائب القائد العام يغادر إلى مالي والنيجر    ترامب يراهن على الفضول..تعهد برفع سرية «11 سبتمبر» واغتيال كينيدي    لافروف يبدأ جولة رسمية في القارة الإفريقية    تونس.. منع ارتداء "الكوفية الفلسطينية" خلال امتحانات الشهادة الثانوية    السعودية.. البدء في "تبريد" الطرق بالمشاعر المقدسة لتخفيف الحرارة عن الحجاج    أخيرا.. مبابي في ريال مدريد رسميا    نائب البرهان يتوجه إلى روسيا    وفد جنوب السودان بقيادة توت قلواك يزور مواني بشاير1و2للبترول    صدمة.. فاوتشي اعترف "إجراءات كورونا اختراع"    بنك السودان المركزي يعمم منشورا لضبط حركة الصادر والوارد    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    بدء الضخ التجريبي لمحطة مياه المنارة    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    "إلى دبي".. تقرير يكشف "تهريب أطنان من الذهب الأفريقي" وردّ إماراتي    السعودية تتجه لجمع نحو 13 مليار دولار من بيع جديد لأسهم في أرامكو    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تُحاصَر لغتنا العربية في بعض المؤسسات؟!
نشر في كوش نيوز يوم 10 - 02 - 2024

مع التطورات العلمية الحديثة وزيادة وسائل التواصل الاجتماعي، وتقدُّم التقنيات واكتسابها القبول في التعامل اليومي، ومن خلال اللغات الأجنبية التي أصبحت عند الكثير من الدول، قد نجد اللغة العربية محاصرة في طرق ووسائل عديدة، من اللغات الأخرى الأكثر تداولًا في العالم، ففي بعض مؤسساتنا البنكية والفنادق أيضًا في بلادنا، أصبح التعامل باللغات الأجنبية بارزًا في القطاع الخاص، خاصة اللغة الإنجليزية، وهذه ستسهم في تقليل عدد العاملين العمانيين بهذه المؤسسات التجارية من الباحثين عن وظائف، ويجب تدارك هذا الأمر من الجهات المسؤولة عن التعمين، مع استثناء المصارف بسلطنة عُمان الذي أصبح التعمين بعد تطبيقه ساريًا بنجاح كبير، لكن الإشكال في اللغة الأجنبية أنها فرضت تعاملها في الكثير من المؤسسات البنكية وفي الفنادق. قبل فترة كنت في العاصمة مسقط، وسكنت أحد الفنادق حديثة التأسيس في مرتفعات المطار، فوجدت الغالبية من العاملين في هذا الفندق من الجنسيات الأجنبية، وشاهدت فردا عُمانيا واحدا فقط، يعمل في هذا الفندق! وعندما يتم التوقيع على المعاملة اليومية، طالبوني بالتوقيع باللغة الإنجليزية؟ وقلت لهم: لماذا لا أكتب باللغة العربية؟ فتم رفض ذلك لكون العاملين بالفندق أغلبهم من الأجانب، ولا يجيدون اللغة العربية.
والأمر الآخر الذي فاجأني أنني طلبت بعد فترة من الدمج بين بنك عماني وأحد البنوك الأجنبية، حيث تم هذا الدمج أو التنازل في أن يكون الاسم الجديد باسم البنك العماني، ويختفي اسم المصرف الأجنبي تماما، فقلنا هذا شيء إيجابي أن تبرز المصارف العمانية، وبعد أسابيع قليلة شاهدت كل الرسائل التي تصلني باللغة الإنجليزية، مع أن البنك الوافد سابقًا، كان يرسل الكثير من الرسائل باللغة العربية مع اللغة الإنجليزية! فذهبت لأحد فروع هذا البنك في صلالة، فطلبت من أحد العاملين أن تكون بعض الرسائل باللغة العربية التي ترسل لنا، فجاء الرد بالرفض القطعي!
لذلك نرجو أن تكون اللغة العربية حاضرة في بعض الرسائل، خاصة للزبائن العرب، والموظفون بالبنك يستطيعون أن يميزوا بين الزبائن، من خلال حساباتهم البنكية، ولا شك أن إقصاء اللغة العربية تماما أمر سلبي في جوانب عديدة؛ لأن اللغة العربية هوية ناطقة أيضًا مثلها مثل الثقافة والقيم والعادات والتقاليد الطيبة، ومحاولة تقديم اللغات الأجنبية في المعاملات لها أثر سلبي ليس بسيطًا، خاصة اللغة الأم، مع مخاطر الاختراق الكبير للثقافة الوطنية، والكل يحذر منها.
ففرنسا قبل سنوات كانت تحذر من الخطر على ثقافتها ولغتها الفرنسية، من الاختراق الثقافي الأمريكي، وكندا أيضًا على لسان رئيس وزرائها آنذاك، حذّر من الغزو الأمريكي على ثقافتها، بالرغم أنهم ينتمون إلى ثقافة وحضارة وقيم واحدة، لكن اللغة الذاتية هي التي خُصت بالخطر، ونحن بلا شك نواجه صراعًا ثقافيًا في عالم اليوم، ليس عاديًا، ومن المهم النظر إليه نظرة خطر على الثقافة والهوية الوطنية.
وهذا يعد مؤشرًا سلبيًا على عدم فرض التعمين، كما تم فرضه في المصارف كما أشرت آنفًا قبل أكثر من عدة عقود مضت، ويفترض أن تكون الأولوية لأبناء الوطن في التوظيف، بحيث يتم اختيار من الشباب الذي يقبلون بالوظائف وفق مؤهلاتهم الدراسية، وقد لا يكونون من حملة الشهادات العالية. وبما أننا نواجه أعدادا متزايدة من الباحثين عن عمل، ربما تزيد على مائة ألف باحث عن عمل -كما نسمع- فلا بد من تحديد النسب من العاملين العمانيين، بما لا يقل عن 70% من عدد العاملين. وهذا يفترض أن يطبق ولو بالتدريج بعد أن يؤدي التدريب قدرته على التأهيل لبعض الوظائف. واللغة العربية قادرة على أن تؤدي دورها في العمل المالي والإداري، ولا حاجة لنا أن نستعير اللغات من بعض الدول، ثم لماذا تفرض، كما قال د. أحمد الضبيب: «إن تعليم أبنائنا منذ المراحل الأولى للدراسة باللغة الإنجليزية؟ ونضيف إلى مجهودهم في المواد المختلفة باللغة العربية، لغة أجنبية! ونلزمهم حفظ مفرداتها وقواعدها في كل المراحل، وهذا ما يشتت مدارك الطلبة، ويلقي عليهم أعباء أخرى تشتت أذهانهم ومداركهم، وهو ما يعرف بسلبيات الازدواجية اللغوية على المتلقي، فمن ناحية نجعل هذه اللغة الأجنبية تنافس اللغة العربية، اللغة الأم، ومن ناحية نربك الطالب ونشتت ذهنه، فلا هو أتقن لغته الأم إتقانا كاملا، ولا هو استوعب هذه اللغة الأجنبية استيعابا جيدا، فنجعله مثلما تقول الأمثال، كفعل الغراب يوما، عندما أراد أن يقلّد طائر الطاؤوس، فلا هو أتقن مشية الطاووس، ولا استطاع إتقان مشية الغربان، مشيته الأصلية! وهذه مشكلة خطيرة تستوجب المراجعة الجدية من جهات الاختصاص، لذلك نود من هذه الجهات».
وقد كتبت عن قضية اللغة العبرية في إسرائيل، وكيف أن هذه اللغة كانت الميتة وتم إحياؤها مرة أخرى وأصبحت لغة العلم والإدارة في الكليات والجامعات في إسرائيل، وهذا تم بعد وعد بلفور، واحتلال فلسطين بعد حرب 1948، فأحيوا هذه اللغة الميتة مرة أخرى، وصارت لغة العلم والصناعات والعلوم الإنسانية المختلفة كما أشرت آنفًا، مع أن علماء اليهود في العصر العباسي وما بعده من العصور العربية الإسلامية، كانوا يكتبون ويؤلفون كتبهم باللغة العربية، ويذكر المفكر عزمي بشارة في إحدى الندوات في بلد عربي: «أنني زرت كل مناطق عاصمة الكيان الإسرائيلي كلها (تل أبيب)، ولم أجد مدرسة خاصة تدرس اللغة الإنجليزية، أو أي لغة أجنبية، كل المدارس باللغة العبرية، فالعبرية لغة اندثرت منذ قرون، تم إحياؤها من جديد، مع أنها كانت لغة ميتة، وكان اليهود في العصور الوسطى وما بعدها، وفي فترة الحضارة الإسلامية، كانوا يكتبون باللغة العربية، لا باللغة العبرية».
فاللغة العربية تفوق في قدرتها الكثير من اللغات الأخرى، من حيث سعة مفرداتها اللغوية، وقدرتها على التعاطي مع كل العلوم الحديثة، وهذا ما ظهر مع العلوم المختلفة التي ازدهرت مع الحضارة العربية الإسلامية في العصر الأموي والعباسي، وبعض العصور التالية. وقد كانت اشتغالهم وعلومهم ومؤلفاتهم من خلال اللغة العربية، وليس باللغات الأجنبية. صحيح أنهم استفادوا من الترجمة في مجال العلوم المختلفة، لكنهم ترجموها للعربية، وأضافوا وأبدعوا فيها، والحضارة الغربية أيضًا، استفادت من الحضارة العربية الإسلامية، وهذا باعترافهم بفضلها على حضاراتهم منذ القرن السابع عشر،وما بعدها، فلذلك فإن الانبهار باللغة الأجنبية، والاعتقاد أن تفضيلها يجلب التقدم والنهضة، ليس صحيحًا أبدًا، تراجعنا ليس بسبب اللغة، لكن الأصح أننا نحن أصابنا التخلف، لأسباب سياسية وفكرية، وظروف تاريخية، ونتحملها نحن بالذات، حتى لا نلقي بأخطائنا على المؤامرات الخارجية، صحيح أن الصراع بين الأمم والحضارات حاصل لا محالة، وهذا ما يسميه القرآن الكريم (بالتدافع)، وتلك سنة إنسانية، لكن لماذا نحن نتراجع وهم يتقدمون؟ الخلل إذن فينا، وهذا يحتاج إلى مراجعة من أهل الاختصاص، فالذي أريد قوله أن اللغة العربية ليست ضعيفة أمام التحدي الحضاري، لكن الضعف في الأمة نفسها وليس في لغتها.
ونحن للأسف نهمل لغتنا العربية في الكثير من جامعاتنا وكلياتنا، ونجعل اللغات الأجنبية تنافسنا في الوظائف الوطنية في أحايين كثيرة! وهذا للأسف مجازفة كبيرة وخطيرة لهوية الأمة، ذلك أن اللغة الإنجليزية ليست ضرورة في كل المهام في الوظائف حتى العلمية منها، حتى نجعل منها اللغة الأساسية في مدارسنا وكلياتنا، بل إنها قد تكون مطلوبة في بعض المهن الفنية الدقيقة التي تستلزم نوعية من الأجهزة ذات الطابع التقني المتقدم، لكن وجود الأجنبي غير العربي، يكون مؤقتًا، حتى يأتي من هو في خبرته بعد تأهيله، لذلك يجب أن نعزز اللغة الوطنية من خلال مناهجنا في التعليم، وفي الجامعات والكليات، ونجعلها أساسية في كل تعاملاتنا الإدارية والفنية، وهذا يتطلب أن نركز على التعريب بدلًا من اعتماد اللغات الأجنبية في بعض جامعاتنا، فالمهم أن اللغة العربية تستطيع أن تواجه التحديات، إذا ما جعلنا اهتماماتنا بهذه اللغة والتركيز عليها في كل أوجه العلوم المختلفة، وليست العلوم الإنسانية فقط، على الأقل كما أحيا اليهود لغتهم الميتة في العصر الحديث، مع أن لغتنا لم تكن ميتة، منذ أكثر من 15 قرنًا حية وقوية وما تزال، وأقامت منها حضارة عالمية، شهد لها الأعداء قبل الأقرباء، لذلك يجب ألا نهمل لغتنا ولا نضعف أمام اللغات الأجنبية، مثلما ضعف البعض أمام اللغات الغربية، فهي وإن كانت لغة الهوية فهي لغة العلم والأدب والفكر، كما عرفتها أمام كل شعوب العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.