يسود إعتقاد كبير بأن المختبرات الطبية المصدر الكبير للعدوى بمختلف انواع الميكروبات المضرة، التي قد تصيب العاملين بالمختبر، ولسوء التعامل مع مخلفاتها التى تتناثر في الشوارع ويلتقطها بعض المارة و(اولاد الشوارع) مما خلف اثراً اكثر خطورة من المرض نفسه. ............................................................................ مأساة منية «ُمنية» التى لم يتجاوز عمرها الخمس سنوات وهي وحيدة اسرتها، انتظر والداها عشرة اعوام بعد الزواج حتى أنجباها، بعد ان أخضعوا لأكبر الإختصاصيين داخل وخارج البلاد ، أهلّت عليهم (مُنية) التى كانت امنيتهما بالفعل وظلت (مُنية) تكبر وتكبر في حضن والديها عاما بعد عام الى ان تجاوزت السنوات الخمس، تركها اهلها تلعب وتمرح مع رفيقاتها في الحي بشىء من الخوف والرقابة عليها، فأبواها متعلمان لم يريدا ان يتحول خوفهما عليها الى حرمان لها من حقوق الطفولة واللعب في الشارع مع أندادها. وبينما كانت (مُنية) تلعب في الشارع عثرت اثناء لعبها على (مشرط) من بقايا مخلفات معمل المستشفى الذي يجاور منزلهم. فأخذت المشرط لتستعمله سكينا على حسب قانون اللعبة، فكانت الكارثة عندما اخترق المشرط جسدها الغض فأسرعت الى والدتها وهي تبكي وتنزف الدماء التي لطخت يدها الصغيرة الناعمة، فأخذت الأم ابنتها بهلع وورع تنظف لها الجرح بالماء والملح. وفي ذات اليوم المشؤوم ليلاً اصيبت (مُنية) بحمى شديدة مما اضطر اهلها لحملها الى المستشفي وعرضها على الأطباء الذين سارعوا بإجراء عملية جراحية عاجلة لها لإصابتها (بالتتانوس)، وكادت (مُنية) امنية والديها تضيع من بين أيديهما في ثوان بسبب اهمال مخلفات المختبرات الطبيه في شوارع الحي دون رقيب عليها. خطورة الموقف تشير الدراسات الى ان هناك عدة طرق يدخل بها الميكروب للجسم في حالة قلة الحذر سواء كان هذا لعامة المواطنين او للعاملين في المجال، فأخطرها عبر الوخز بالإبر او جرح الجلد بمواد حادة مثل المشرط او بقايا الزجاج (الملوث) او عبر الاغشية المخاطية ثم الاستنشاق واخيرا البلع، ومع التوسع الملحوظ في مراكز المختبرات الطبية وانتشار المعامل المستقلة بذاتها «حيث وصلت نسبة ترخيصها في العام الماضى الى (102%) بها (437) معملاً خاصاً من جملة (900) معمل بالولاية -خاص وعام» -الا ان العاملين بالمعامل يشتكون من الطريقة البدائية في التخلص من النفايات الطبية التي لا تتناسب مطلقا مع خطورة الموقف الذي يؤدي حتما لمخاطر صحية كبيرة. وتشير دراسة بريطانية الى ان العاملين في المختبرات الطبية هم اكثر عرضة للإصابة بمرض السل بخمس مرات اكثر من الوظائف الاخرى وكذلك الالتهابات المعوية والتهابات الكبد الفيروسى الوبائي والجيمي. ويعتبر عدم إلمام العاملين في المختبرات الطبية (وبالأخص معامل الأحياء الدقيقة) والجهل بالتعامل مع العينات الطبية يسهل تعرض العاملين في المختبر ومن جاورهم للإصابة بالامراض الوبائية المعديه.. ويقول د. محمد القاسمى ان بعض المواد من مخلفات المختبرات الطبية يؤدي الى الإصابة بمرض السرطان، وتعتبر هذه المخلفات مهيجة للخلايا والانسجة بعد التعرض لها في الجلد والعين، وقد تسبب امراضاً اخرى مثل الصداع والغثيان وتغيرات وتشوهات في الجلد. ومن خلال زيارتنا لبعض المستشفيات لاحظنا ان مخلفات المعامل تجمع بواسطة (عامل النظافة) الذى يجمع نفايات الحى مما يجعله عرضةً للإصابة بالأمراض الوبائية، كالايدز على سبيل المثال وليس الحصر، دون ادراك (عامل النظافة) او وعيه لما يمكن ان تنقله له هذه المخلفات. والاجرم من ذلك ان هذه المخلفات لاتتم ابادتها بشكل سليم وسريع حيث تتجمع داخل المعمل اسبوعا او اثنين حتى تتكرم عربة النفايات (العمومية) بأخذها. أمر مفزع والمفزع في الامر انه بسبب اهمال المخلفات الطبية نجد ان الاطفال في الشوارع يستخدمون (الحقن) الملوثة في اللعب، وملئها بالمياه وافراغها في وجوه بعضهم، مما يسهل انتشار الامراض الوبائية والمعدية. خاصة ان النفايات الخطرة في حالة عدم الحرق الكامل وترميدها ينتج عنها «4» آلاف مادة مسرطنة. وقد علمت (الرأي العام) انه في العام 2005 تم فتح عطاءات من قبل وزارة الصحة مع جهات من خارج السودان لتقديم تصور بخصوص النفايات الطبية، على ان يتم ذلك بطريقة علمية تضمن سلامة المرضى والعاملين والالتزام بالضوابط الفنية بعد دراسة لكل العطاءات المقدمة وتم التوصل لاتفاق مع الشركة الاماراتية المتخصصة في مجال النفايات الطبية على ان يتم بموجبها عمل نظام متكامل للتخلص من النفايات الطبية وتم اختيار الطريقة الافضل للتخلص منها بأحدث التكنولوجيا في هذا المجال وهى نظام (المعالجة الكيميائية). ولكن منذ ذلك الوقت لم تطرأ أي تطورات ومازال الحال كما هو عليه. تحصيل حاصل وخلال زيارتنا لبعض مستشفيات العاصمة، لاحظنا انه بالرغم من وجود حاويات خاصة للنفايات الطبية الا ان وجودها في بعض المشافي يعتبر - تحصيل حاصل -وذلك لوجودها بجانب حاويات القمامة المطبخية للمستشفى وهي تقوم بذات عمل الحاويات الاخرى من حيث احتوائها على نفس المخلفات (بقايا عمليات- وبقايا طعام) ويرى «عوض محمد علي دعوب» رئيس لجنة التعليم والصحة بالمجلس التشريعى لولاية الخرطوم ان النفايات الطبية تشكل خطرا كبيرا على ناقليها او مبعثريها موكداً ان المسؤولية مشتركة بين وزارتي الصحة والبيئة، ووعد باجتماع مرتقب لوضع خطة سليمة مع النقابة لفصل الطبية والعادية، معترفاً بأن مخلفات المعامل تجمع بطريقة غير علمية ولا تقل خطورة عن البوتاسيوم، داعيا وزارة المالية بتوفير تمويل يتناسب مع حد (الازمة). اقتراح ويؤكد المختصون أنه من الضروري أن تكون هناك علامات دولية للمخلفات البيولوجية والطبية على كل (الاكياس) والحاويات المخصصة لنقل المخلفات الطبية كل حسب نوعه، وايضا نوع الاكياس مع ملاحظة كتابة معلومات عن نوع المخلفات وتاريخ انتاجها وأوزانها بشكل تقريبي والقسم المنتج لها...