جاء في هذه الصحيفة صبيحة الثلاثاء الماضي بأن الدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية ومسؤول ملف دارفور قد أكد على ضرورة أن تقف مؤسسات وأجهزة الدولة كافة على المستويين الاتحادي والدارفوري مقيِّمة بعلمية ومؤسسية ما تم إنفاذه من اتفاق أبوجا للسلام في دارفور. وهذا حديث طيب وعملي وجميل، إذ أنه يؤكد على التزام الحكومة بهذه الاتفاقية ويقرُّ على أنه ربما كان هناك بعض القصور وهو اعتراف تأتي قيمته الكبيرة من أنه يأتي من المسؤول الحكومي المباشر للاتفاقية والمناط به ومعاونيه إنفاذها من الجانب الحكومي. ولو كنت في الجانب الآخر من الاتفاقية لثمَّنت هذا الموقف ومددت له كفيَّ مباركاً ومعاوناً، فالاتفاقية، أي اتفاقية، هي نقطة إلتقاء لانهاء خلاف وجمع الجهود ودفعها لتكريس وإنفاذ الاتفاق وزرعه على أرض الواقع ليحصد الجميع نتاج ثمره. ورغم إيجابية الموقف الذي أعلنه الدكتور نافع إلا أن حصر الدعوة للتقييم، في أجهزة ومؤسسات الدولة فيه تجاوزاً وإقصاء لأطراف أصيلة ومن تلك الأحزاب السودانية كافة. ومنها، كما هو معلوم ومتفق عليه، من لهم القواعد والإرث والتاريخ إضافة الى منظمات ومؤسسات المجتمع المدني بطوائها وأنشطتها كافة ثم المؤسسات الإقليمية والدولية وفيها الشاهد والمتابع والمراقب. أما الطرف الآخر من الاتفاقية فإن حديثه قد كان عجباً، فقد قال السيد منِّي أركو مناوي كبير مساعدي رئيس الجمهورية «إن اتفاقية أبوجا تعرَّضت لنكسة كبرى بعد وفاة د. مجذوب الخليفة الذي وصفه بأنه حريص على إنفاذها». والعجيب هنا أن ما قاله السيد منِّي يلخِّص كل سلبيات العمل العام الذي عادة ما نختصره في أشخاص ليس الأخ الشهيد الدكتور مجذوب الخليفة أولهم وإن كنت أتمنى أن يكون آخرهم. فإذا ما انقسم حزب الأمة وكان انقسامه بين جناحين أسمينا الجناحين باسمي زعيميهما كما حدث في ستينات القرن الماضي كان جناح الإمام الهادي، وجناح السيد الصادق.. أو ما حدث أخيراً حيث اختصرنا الخلاف بين السيد الإمام الصادق المهدي والسيد مبارك الفاضل. وهذا ينطبق على الاتحاديين إذ يطلق على الاتحادي المرجعيات بأنه جناح أو قيادة السيد الميرغني، والأمانة العامة الراحل المقيم الشريف زين العابدين الهندي، والهيئة العامة الراحل الشهيد محمد الأزهري أو الحاج مضوي ولم يسلم التيار أو الحركة الإسلامية من ذلك أيضاً. ولنعود الى عدد الثلاثاء الماضي ولنقرأ: «وأكد مناوي أن الحركة حريصة على إنفاذ الاتفاقية إذا رغب المؤتمر الوطني في ذلك. وزاد وإن لم يرغب فلكل حدث حديث». وقال مناوي في الذكرى الثانية لتوقيع الاتفاقية لا يهمنا من يتولى الملف إلا أنه أشار الى أن نافع لم يحدث حراكاً في الاتفاقية، وزاد بل تراجعت.. وأوضح أن المؤتمر الوطني هو المسؤول وليس الأفراد. إني.... أقرأ... إني أغرق... ولكن قبل أن أغرق أجد نفسي أقول بأن الاتفاقية قد غرقت.. ليس كما يقول السيد مناوي أحد صناعها ولكن كما يقول الواقع الذي يجب أن يستنهض همم جميع أهل السودان.. فغرق الاتفاقية وتراجعها لا يعني فرداً.. لكنه يعني أمة بكاملها.