تظل دولة قطر مثيرة للجدل وللاعجاب.. والعجب. فهي دولة صغيرة المساحة في حدود أحد عشر ألف كيلو متر مربع ويقل عدد القطريين عن مائتي ألف نسمة ولا يصل تعداد كل سكانها الى المليون الواحد. ولكن تستضيف قطر قمة منظمة المؤتمر الاسلامي. ويتولى القطري عبد الرحمن العطية منصب الأمين العام للمنظمة وتستضيف قطر اجتماع منظمة التجارة العالمية ولا تنال الصين ذات المليار ونصف المليار نسمة عضوية المنظمة إلا في العاصمة القطرية الدوحة التي يمكن أن يسع سكانها أحد فنادق بكين.. وتستضيف قطر دورة الالعاب الآسيوية ويتولى القطري محمد بن همام رئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم وتفوز دولة قطر ببطولة الخليج ويفوز اللاعب خلفان بجائزة أفضل لاعب في آسيا. في قطر نهضة تعليمية عظيمة حتى أنها افتتحت في الدوحة فروعاً لكليات عريقة مثل فرع كلية طب كورنيل الامريكية.. وفي قطر نهضة اجتماعية ونقلة مدهشة حيث شاركت المرأة على الفور في أول انتخابات بينما ظلت النساء - والرجال أيضاً في دول أخرى يستجدين حق الانتخاب وتولت سيدات قطريات مواقع في المنظمة الدولية، ويعتبر دور الشيخة موزة حرم أمير دولة قطر صاحبة الفضل في ذلك فقد كانت بثقافتها وثقتها قدوة للقطريات فتقدمت في ثقة تخاطب لقاءات مفتوحة في الدوحة وفي الأممالمتحدة. ولم تتحرج السلطات الاعلامية في اظهار صورة حرم أمير البلاد في الصفحات الأولى من الصحف القطرية متجاوزة بذلك تقاليد خليجية معروفة في التعامل مع المرأة وقد أثار ذلك دهشة واعجاب العرب من غير الخليجيين. في قطر قناة (الجزيرة) علامة التحول في الاعلام السياسي المرئي. وفي قطر مكتب التمثيل التجاري الاسرائيلي وهي التي استقبلت قادة حماس خالد مشعل ورفاقه لما تأزمت مشكلتهم في الأردن - في قطر قاعدة السيلية حيث الوجود العسكري الامريكي الكبير.. وفي الدوحة سفارة لكوبا التي تحتفظ بعلاقات قوية مع قطر ويعمل عدد كبير من الاطباء الكوبيين أصحاب السمعة الطبية العالمية في مستشفى حمد بالدوحة. تتوسط قطر بين السودان وارتريا وبين الاسلاميين في السودان وترجو الرئيس صدام أن يغادر العراق ليجنب بلاده الغزو.. وتستقبل الرئيس الموريتاني معاوية ولد الطايع ضيفاً بعد خلعه.. وتتوسط بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين وتنجح في جمع الفرقاء اللبنانيين حول وفاق وطني. ولما طالتها هي ذاتها آفة الخلاف مع جارتها البحرين حول جزيرة «حوار »سلكت أسلوباً دبلوماسياً راقياً فلجأت مع جارتها لمحكمة العدل الدولية التي حكمت للبحرين لترضى قطر بالحكم. يبدو أن سر نجاح قطر يكمن في وضوحها فليس لديها ما تخفيه.. وتدافع بقوة عما تراه صحيحاً بدلاً من لعب أدوار وراء الكواليس.. هي مع أمريكا بوصفها الدولة الأقوى التي بيدها معظم مفاتيح اللعبة الدولية ولكن قطر لا تستأذن أمريكا في إقامة علاقات قوية مع كوبا.. تنشئ في العلن علاقات تجارية مع اسرائيل ولكنها لا تتردد في استضافة قادة حماس.. تمد جسور التواصل مع مصر ولا تقاطع مؤتمر دمشق.. نهج متوازن روحه الثقة جعل قطر دولة ذات ثقل لا يخفى ولعل من نافلة القول ان ربط هذا النجاح الكبير بقيادة الدولة القطرية ممثلة في أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزرائها وقائد دبلوماسيتها الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الذين لم يبطرهم النجاح فظلوا في توازانهم وهدوئهم وحكمتهم التي عهدها فيهم الناس.