الزيارة الناجحة التي اختتمها نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه الجمعة الماضية للصين حملت طابعاً اقتصادياً كبيراً وكان لا بد للدكتور عوض أحمد الجاز وزير المالية والاقتصاد الوطني من وجود كبير ومؤثر في مجمل اللقاءات والحوارات التي تكللت بعدد من الاتفاقيات المثمرة. خاصة في وجود لجنة وزارية مشتركة يماثله فيها من الجانب الصيني وزير التجارة.. عن تفاصيل بعض الاتفاقيات ومستقبل الاستثمارات الصينية في السودان حاور رئيس التحرير د. الجاز ببكين: ---------------------- ? السيد الوزير ارجو ان تحدثنا عن الزيارة والاهداف المتوقعة منها من الناحية الاقتصادية؟ - الزيارة هي بدعوة كريمة من الرئيس الصيني لنائب رئيس الجمهورية في مقدمه للسودان، وكان قد دعا الرئيس البشير ونائبيه وزار الرئيس السوداني الصيني كما زارها النائب الأول، وهذه الزيارة تكملة للدعوة التي قدمها الرئيس الصيني في إطار تقوية العلاقة بين البلدين والمنفعة، وكما هو معلوم ان العلاقة المشتركة بين السودان والصين قامت على احترام متبادل ومصلحة مشتركة بين البلدين، وهناك كثير من المشروعات التي بدأت بشراكة سودانية صينية، والشركات الصينية جاءت إلى السودان وبدأت العمل، والجزء الأول والأكبر كان في صناعة النفط على مستوى الاستكشاف والتطوير والانتاج ثم التكرير ومن بعدها فتح الباب وكان بناء الثقة للشركات الاخرى، وقدمت شركات في مجال الانشاءات والمجالات المختلفة، ايضاً جاءت رغبة من دولة الصين بأنها تريد الدخول في موضوع الزراعة بعد ان بدأت مؤشرات اطراد الاسعار وندرة الغذاء، وسبق ان تم التفاكر بيننا وبين وزارة الزراعة وأقول هذه المرة سيوقع بروتوكول لعمل مشترك في الشراكة الزراعية، وفي هذا الاطار ايضاً سبق ان تقدم الرئيس الصيني لقيام مركز بعون صيني لتطوير الزراعة في شقها البحثي وشقها الانتاجي سواء أكان نباتياً أو حيوانياً ونقول إن هذا مدخل جديد لشراكة في مجال مهم في ظروف معلومة، وسبق ان تقدمت الصين بعدد من القروض التفضيلية جزء منها منح في مجال دعم العائدين في منطقة دارفور، وفي هذا الإطار أقول ايضاً ان السودان تقدم للصين بعدد من المجالات بالامكانيات المتاحة في السودان، وسبق ان تم في بداية هذه الزيارة لقاء مع وزارة التجارة وأبدت رغبتها في ان تدفع وهي الجهة المسؤولة عن الجانب الاقتصادي ايضاً، وبيننا وبين الصين لجنة وزارية مشتركة وصنونا في هذا الجانب هو وزير التجارة، وفي هذا اللقاء انفتح باب لعلاقات كبرى في الجانب الاقتصادي، وهناك مجالات اخرى نرجو ان يكتمل فيها التفاكر في الجلسة القادمة بين نائب رئيس الجمهورية ونائب الرئيس الصيني ستطرح عدد من المجالات للطرف الصيني وننتظر الرد من الطرف الآخر، ونحن نقدر ان الزيارة في هذا الظرف بعد ان اكتملت دوائر السلام - والحمد لله - في السودان، نتوقع ان تكون زيارة اقتصادية لأن مبدأ الفائدة المشتركة هو الاساس، لأن مجالات التعاون الدبلوماسي والسياسي يسير، ونقول إن الاقتصادي - إن شاء الله - في تطور والفائدة المشتركة ستكون دافعاً وحافزاً لتقوية العلاقة بين الطرفين. نحن ننظر الآن للسودان من موقعه الجغرافي وامكاناته المتاحة وبما وصل إليه الناس من امكانيات وخبرات وتقنيات واموال في الجانب المصرفي وجانب الخدمات وجانب الصناعة، نقول إن البداية التي بدأت مع الصين نتوقع ان يكون لها امتداد أكبر في هذا الظرف - إن شاء الله -. ? ما هي أهم الاتفاقيات التي يتم توقيعها؟ - واحدة من الاتفاقيات تذليل العقبات في انسياب العمل بين العاملين القادمين من الصين الى السودان وبين السودانيين المستفيدين من التجربة الصينية هنا. وهناك منحة جديدة مقدمة من الصين إلى السودان وربما يكون هناك ايضاً تدافع للمنح لمنطقة دارفور، وكما قلت نحن لدينا عدد من المشروعات التي تم التفاكر حولها ننتظر فيها الافادة من الجانب الصيني وهي قائمة على بناء بنيات في مجالات الكهرباء والطرق والخدمات المختلفة وتطوير الزراعة بشقيها النباتي والحيواني، وكما قلت سيوقع البروتوكول الزراعي لتطوير هذا المجال الجديد الذي لم يسبق التعامل الصيني فيه، وسنكمل الحديث بعد ان نسمع رد الجانب الصيني على ما قدم من مشروعات - إن شاء الله - ويكون للقاء وصل بعد ذلك. ? الحوار الذي تم في اللقاء مع رجال الاعمال والشركات الصينية كان حواراً واضحاً قدمتم فيه كل التسهيلات الممكنة.. هل تتوقعون دخول شركات صينية اخرى جديدة في مجال الاستثمار في السودان؟ - كما شهدت.. ربما يكون لنا معرفة سابقة بوجوه الشركات الصينية لكن هذه المرة قام الاخوة في السفارة - وهم مشكورون على ذلك - بمناداة كل الشركات الصينية ليس من حول بكين ولكن من كل انحاء الصين، وهذا العدد الكبير الذي نشهده يمثل كل الشركات الرئيسية الموجودة والمنتشرة في الصين بتخصصاتها المختلفة، ونقول إن البداية والمضى الناجح بين الشركات التي سبق وان دخلت السودان هو مدعاة لهذه الشركات التي جاءت، لأنه - كما قلت - ان البداية ربما كانت ببداية النفط، ولكن الآن شهدنا شركات الاتصالات وشركات الاستثمارات في المعادن (الحديد والذهب)، والشركات التي تبني في الطرق والجسور والتي دخلت في خدمات مختلفة، ولذلك ربما تشاهد (في المشاهدة العامة) ان الجالية الصينية من اكبر الجاليات الموجودة في السودان، وهي ليست جالية مقيمة فقط ولكنها جالية عاملة وكل فرد فيها رجل أو امرأة يؤدي عملاً معيناً، ونقول هذا الوجود هو وجود اعلامي للآخرين، وهم الذين يمكن ان يقدموا معلومات، حتى لو اجتهد أهل البلد ليقدموا معلومات ربما يكون هناك من يشك في هذه المعلومة وربما يكون ترويجاً من على البعد، ولكن كون ان يكون هذا العدد الكبير موجوداً ويعمل في نفس البلد بانسجام رغم اختلاف اللغة (لم تأتنا أية شكاوى عن خلافات بين سودانيين وصينيين)، نقول إن هذا أكبر إعلام لهذه الشركات التي تداعت وجاءت وحضرت هذا اللقاء. ? السيد الوزير هل يمكن ان تحدثنا عن حجم الاستثمارات الصينية في القطاعين العام والخاص - الشركات الصينية والدولة -؟ - كرقم ربما لا استطيع.. ولذلك انا اقدر حجم الاستثمار الموجود - تقريباً - في مجال الطاقة بشقيها النفطي والكهرباء ربما تكون أكثر من ثمانية أو تسعة مليارات، والآن الشركات الصينية تنفذ مشروعات كبرى في مجال السدود، والآن مشروع سد مروي على وشك ان يكتمل، ومشروع تعلية الروصيرص ايضاً كان من نصيب الشركات الصينية، ونشهد في كثير جداً من بناء الطرق والآن دخلت الشركات - كما شهدتها في القاعة - في مجال الاتصالات بانواعها المختلفة، ودخلت في مجال التعدين، واتوقع ان حجم المليارات التي استثمرت - إذا كنت قد ذكرت رقماً في مجال واحد أو اثنين، وذكرت استثمارات بدون تسمية رقم فلك ان تقدر حجم المال المستثمر هنا. ? السيد الوزير نحن في الحديث عن البترول وامواله قد ظهرت منذ وقت مبكر على السودان وشهدناه في الطرق والتحديث وخلافه، والآن البترول تضاعف، ونريد ان نسأل عن توقعاتك في كيفية استفادة السودان من ارتفاع اسعار البترول عالمياً؟ - طبعاً من المعلوم والمقدر ان موارد النفط تأتي إلى الخزينة مباشرة كجزء من الميزانية، لكن كما كان مقدراً - اشترك معنا ما يسمى بالمجتمع الدولي في اتفاقيات السلام المختلفة والذين وعدوا بأن يدفعوا اموالاً وسموا ارقاماً عالية تدفع للسودان لاعانته في تقوية وتأهيل المناطق التي تأثرت بالحرب.. ووعدوا بأن (تُشطب) ديون السودان حتى ينطلق بهذه الامكانيات، ولكن الواقع ان الحديث الذي قيل عبر المايكروفون انتهى في تلك الجلسات ولذلك الذين جاءوا من كنف السلام وجاءوا باشواق عالية للتنمية، كان كل ذلك ضغطاً على الميزانية وعلى موارد الدولة المباشرة، وكما هو متابع ان الدولة اضطرت إلى عمل ميزانية واسعة جداً في اقاليم السودان المختلفة من ميزانيتها المحددة وكان ظناً انه ربما تأتي هذه الاموال، رتبت - كما شهدت - الضغوط التي جاءتنا من وسائل الدفع المختلفة بالقطاع السوداني المحلي، ولذلك بادرت الدولة بهذه التنمية ظناً بأن تأتي هذه الاموال الموعودة ولربما كان هذا ما سبب هذا الضيق، ولذلك اضطرت الدولة إلي دفع هذه الاموال يأساً من ان تأتي من هذه الوعود التي لم توف، ولذلك أي ايراد يمكن ان يتحقق من هذه المعدلات يجد طريقه الى سد هذه الاموال التي دفعت مقدماً حتى لا يكون على ظهر الدولة (طالب أو مطلوب)، وربما تكون قد شهدت خلال يومين توقيعنا عشرات الاتفاقيات في شرق السودان وهذه ايضاً من الخزينة العامة، وهذه اتفاقيات السلام وأطرها وقد رتبت اعباء اضافية أكثر بكثير مما هو عليه، ومع الفاشيات التي تأتينا من طوارئ، نحن نطلب المزيد من المال. ? السيد الوزير بمجرد توليك وزارة المالية واجهتك أزمة حادة هي أزمة الرغيف التي كان يمكن ان تتطور كثيراً وتمت معالجتها بحكمة، الآن ايضاً عملت مع أزمة الاسمنت، ما هي الادوات الموضوعة في ذهنك كوزير مالية لتخفيف اعباء المعيشة من السلع التي يعاني منها العالم كله وهنا في السودان؟ - أنا أولويتي ان يصبح الشعب السوداني شعباً منتجاً، والآن لاحت فرصة نادرة لأهل السودان، اذا كان العالم يضبح من ندرة وارتفاع اسعار الغذاء، والسودان يمتلك (كما نقول وندعى كلنا) هذه الأرض المنبسطة وهذه المياه والثروة الحيوانية، وهذا هو التحدي الذي يواجه العالم الآن، فإذا كانت الدولة قد قامت بكل هذا الجهد واقامت هذه التنمية غير المسبوقة في تاريخ السودان، يبقى على الشعب السوداني وعلى الإعلام السوداني ان يحرض أهله على ان يصبحوا أمة منتجة لا تنتظر العائد من الخارج، لأن ما يأتينا من الخارج سيأتينا بهذا التصاعد. ? في حوار الجالية معكم.. ما هي الاجراءات التي ستتخذها وزارة المالية في مسألة الجبايات؟ - إن شاء الله سنستقيم لقرار مجلس الوزراء وسنتابعه متابعة لصيقة حتى يتعافى الاقتصاد السوداني من أي تشوهات.