آخر القصيد من ما انشدته الدلالة: إن نسيتم على التباعد صباً شفه فيكي الضنى والنحول وإذا الحشر ضمنا اتمنى من لدن ربنا حساباً يطول فلما سمعت المرأة الثانية شعر الدلالة شقت ثيابها - مثل الأولى - وصرخت ثم القت نفسها على الأرض مغشياً عليها فقامت الدلالة وألبستها حلة ثانية بعد ان رشت الماء على وجهها.. ثم قامت المرأة الثالثة وجلست على سرير وقالت للدلالة: غنى لي فما بقى غير هذا الصوت فاصلحت الدلالة العود وانشدت شعراً آخره جاء في آخره. ولقد كلفت بحبكم متلذذاً وغدا عذولي في الهوى متكلفاً فلما سمعت المرأة الثالثة قصيدتها صرخت وشقت ثيابها والقت بنفسها على الارض مغشياً عليها فلما انكشف جسدها ظهر فيه ضرب المقارع مثل ما قبلها فقال الصعاليك: «أي الثلاثة العور» ليتنا ما دخلنا هذه الدار وكنا بتنا على (الكيمان) فقد تكدر مبيتنا هنا بشيء يقطع القلب الصلب.. وتأتي بعدئذ اضافتنا الجديدة هنا لما سبق من الف ليلة وليلة: وفيها: التفت الخليفة هارون الرشيد اليهم وقال لهم أي للصعاليك: ولم ذلك؟ قالوا.. قد اشتغل سرنا بهذا الأمر. فقال الخليفة: أما أنتم من هذا البيت؟ قالوا: لا ولا ضمنا هذا الموضع إلا للرجل الذي عندكم. فقال الحمال: والله ما رأيت هذا الموضوع إلا هذه الليلة وليتني بت على (الكيمان) ولم أبت فيه - فقال الجميع: نحن سبعة رجال أي «الحمال وهارون الرشيد ووزيره - وسيافه والصعاليك الثلاثة» وهن ثلاثة نسوة وليس لهن رابعة فنسألهن عن حالهن فان لم يجبننا طوعاً اجبننا كرها. واتفق الجميع على ذلك فقال الوزير جعفر: ما هذا رأي سديد دعوهن فنحن ضيوف عندهن وقد شرطنا علينا شرطاً فنوفي به ولم يبق من الليل إلاّ القليل وكل منا يمضي إلى حال سبيله ثم انه غمز الخليفة وقال: ما بقى غير ساعة وفي غد تحضرهن بين يديك فتسألهن عن قصتهن. فأبى الخليفة وقال: لم يبق لي صبر عن خبرهن.. وقد كثر القيل والقال، ثم قالوا ومن يسألهن؟ فقال بعضهم الحمال.. ثم قالت لهم النساء: يا جماعة في أي شيء تتكلمون؟ فقام الحمال لصاحبة البيت وقال لها: - يا سيدتي سألتك بالله وأقسم عليك به تخبرينا عن حال الكلبتين؟ لأي سبب تعاقبينهما ثم تعودين تبكين وتقبلينهما وان تخبرينا عن سبب ضرب اختك بالمقارع وهذا سؤالنا والسلام.. فقالت صاحبة المكان للجماعة.. صحيح ما يقوله عنكم؟ فقال الجميع.. نعم.. إلاّ الوزير جعفر فانه سكت فلما سمعت الصبية كلامهم قالت: - والله لقد آذيتمونا يا ضيوفنا الاذية البالغة وتقدم لنا اننا شرطنا عليكم ان من تكلم فيما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه، أما كفى اننا ادخلناكم منزلنا واطعمناكم زادنا؟ ولكن لا ذنب لكم وانما الذنب لمن اوصلكم إلينا.. ثم شمرت عن معصمها وضربت الارض ثلاث ضربات وقالت.. عجلوا.. فإذا بباب خزانة قد فتح وخرج منه سبعة عبيد وبايديهم سيوف مسلولة وقالت: - كتفوا هؤلاء الذين كثر كلامهم واربطوا بعضهم ببعض.. ففعلوا وقالوا: أيتها المخدرة ائذني لنا في ضرب رقابهم.. فقالت: امهلوهم ساعة حتى اسألهم عن حالهم قبل ضرب رقابهم فقال الحمال: - بالله يا سيدتي لا تقتليني بذنب الغير فان الجميع اخطأوا ودخلوا في الذنب إلاّ أنا والله لقد كانت ليلتنا طيبة ولم نسلم من هؤلاء الصعاليك الذين لو دخلوا مدينةعامرة إلا خربوها.. ثم انشد يقول: ما أحسن الغفران من قادر لا سيما من غير ذي ناصر بحرمة الود الذي بيننا لا تقتلي الأول بالآخر فلما فرغ الحمال من كلامه ضحكت الصبية وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.